الداخلية وخرّافة خلية سرايا الأشتر
2015-06-08 - 5:54 م
مرآة البحرين (خاص): أربعة عشر مواطناً بحرينياً، تم نشر أسمائهم وصورهم يوم أمس الأحد 7 يونيو2015، بتهمة تشكيل تنظيم "سرايا الأشتر". قالت الداخلية في بيانها أمس إن التنظيم يدار من قبل أفراد في (إيران)، فيما تلقى (المجندون) التدريب على يد "كتائب حزب الله" في العراق حسب زعمها. ونشر تلفزيون البحرين فيلماً يسجل اعترافات عدد من المتهمين حول (تجنيدهم) و(تدريبهم).
يقول بيان الداخلية: "وبحسب اعترافات المقبوض عليهم فقد تلقى عناصر التنظيم الإرهابي "سرايا الأشتر" تدريبات عسكرية بالعراق من قبل ما يسمى بــ"كتائب حزب الله" الإرهابية ، شملت التدريب على أسلحة الكلاشينكوف والــ PKC والآر بي جي ، بالإضافة إلى استخدام المواد المتفجرة C4 وكذلك TNT كما شملت التدريبات أعمال الخطف والقنص والرماية وفك وتركيب السلاح واستخدام قذائف الهاون والمناظير وفتيل التفجير والصواعق".
لا جديد في الحكاية المعروضة، لا من حيث التهمة (خلية إرهابية)، ولا من حيث الطريقة (التشهير قبل المحاكمة)، ولا من حيث المتهمين (مواطنون شيعة)، ولا من حيث الأدلة المقدمة (اعترافات مسجلة)، ولا من حيث الدولة المنسوب إليها إدارة التنظيم (إيران)، ولا من حيث الجهة المنسوب إليها تدريب أعضاء التنظيم (العراق أو لبنان). لا شيء جديد على الإطلاق، ولا شيء مختلف، منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى الآن؛ عشرات الخلايا (الإرهابية)، جميعها تم الإعلان عن إحباط (مخططاتها)، وكلّها نسخ مكررة عن بعضها البعض بكامل تفاصيلها.
الغريب أن أربعين عاماً كاملة، لم تغيّر شيئاً في حكاية وزارة الداخلية التي حفظها الصغار قبل الكبار عن ظهر قلب، لكن المضحك أن أياً من الخلايا المزعومة (المدربة علي يد الحرس الثوري الايراني تارة، وعلى يد حزب الله اللبناني تارة، وعلي يد كتائب حزب الله العراقية تارة، وفق زعم الداخلية) لم نجد أنها نجحت في القيام بأية عملية (إرهابية) تذكر، رغم حيازتها على السلاح والتدريب الخاصين والرفيعي المستوى. كما أنها ورغم اكتشافها في كل مرة على يد (الأمن) البحريني وإحباط (مخططاتها الإرهابية) فإنها ما تزال تسير على المنوال نفسه والطريقة المكشوفة نفسها والمتتبّعة من قبل رجال أمننا البواسل. أمر مضحك فعلاً.
الغريب الآخر، أن هذا الإعلان يأتي في الوقت الذي يعيش فيه البحرينيون الشيعة قلقاً من الاستهداف الداعشي لمساجدهم وأماكن تجمعهم، خصوصاً بعد تصاعد وتيرة التصريحات الداعشية بأنها تنوي تطهير شبه الجزيرة العربية من الشيعة، والبدء الفعلي بتنفيذ عمليات إرهابية انتحارية في عدد من مساجد الشيعة في القطيف والدمام، وبدلاً من أن توجه الدولة جهودها لكشف الخلايا الداعشية التي تمارس بثقة إرهابها الفعلي على الأرض باستهداف المدنيين الأبرياء، نجدها تستمر في مناطحة المعارضين والمحتجين والزج بهم في قضايا مختلقة باسم خلايا ارهابية.
تعلم الداخلية أن السلاح مستمر في تمريره إلى البحرين على يد جماعات متطرفة تنوي استهداف المدنيين الشيعة على وجه التحديد، ليس آخرها الشخص الذي لم تسمه الداخلية ولم تنشر صورته ولم تطلق عليه صفة الإرهابي (على خلاف تعاملها مع المعارضين)، والذي حاول عبر جسر البحرين والسعودية تهريب أسلحة ومتفجرات اعترف أنه قام بشرائها من السعودية لمحاربة إيران. وكل ما فعلته الداخلية لهذا الشخص (المجهول) هي أخذ تعهد عليه بعدم تكرار هذا العمل ومن ثم أطلقت سراحه، قبل أن يعاود الأخير الكرّة للمرة الثانية ويعاود تهريبها مرة أخرى ويدخلها إلى البلاد، لتحكم عليه بعدها بالسجن 15 عاماً. ولا يزال هذا الإرهابي مجهولاً أمام الإعلام والرأي العام. الأسلحة وفق ما أعلنت الداخلية بنادق ومسدسات ورشاش كلاشنكوف بالإضافة إلى الذخائر المستخدمة في هذه الأسلحة، ومفرقعات (خليط الكلورات المتفجر، خليط البيركلورات المتفجر)، و(ملكمة حديدية البونية) وبلطة (ساطور).
وما تزال قضية السلفي المتطرف العقيد السابق في الداخلية عادل فليفل الذي طالما توعّد بقتل الشيعة وقياداتهم، تراوح في جلسات المحاكمة، يحاكم فيها على حيازته عدداً من الأسلحة والذخائر التي تم ضبطها في بيته، ودون أن تعلن الداخلية اسمه ودون أن تنشر صورته، اكتفت بتسميته (مسؤول أمني سابق)، دون إطلاق تسمية إرهابي عليه ودون وصف من ضبطوا مسلحين معه بأفراد الخلية الإرهابية.
وفيما يتعرض المدنيون الشيعة لاستهداف مباشر بإطلاق الرصاص الحي كما حدث في منطقتي عالي والمعامير مؤخراً، فإن الداخلية لا ترى في ذلك موضوعاً يستحق المتابعة ولا القبض على المسلحين ولا محاكمتهم ولا التشهير بهم. فذلك لا يمثل بالنسبة لها استهدافا لأمن المواطنين، فالشيعة ليسوا مواطنين معترفا بهم عند السلطة، ومن يستهدفهم ليس إرهابياً.
تبقى رواية السلطة حول خلايا المعارضة الإرهابية المدارة من إيران هي ذاتها، صارت أشبه بـ(خرّافات) جداتنا التي كن يروينها لنا كل ليلة قبل النوم. الخرّافة الواحدة تكررها على مسامعنا كل ليلة. قد يتم اللعب في بعض تفاصيلها بفعل مخيلات جداتنا، لكن تبقى مقدمتها ونهايتها وخلاصتها واحدة. الفرق أن خرّافات جداتنا كانت أكثر إبداعاً وأكثر تشويقاً من خرّافات الداخلية البلهاء.