الرقص مع الذئاب
نضال الوطني - 2011-05-29 - 10:38 ص
نضال الوطني
(الرقص مع الذئاب) الفيلم الأمريكي الحائز على سبع جوائز أوسكار وهو من بطولة وإخراج الممثل المميّز كيفن كوستر تم إنتاجه عام 1990م، وهو مأخوذ عن رواية تحمل نفس العنوان للكاتب الأمريكي (مايكل بلاك)، وتدور أحداثه حول جندي أمريكي رمته الأقدار على مشارف قبيلة هندية، ويبين الفيلم كيف أنّه كان يتعامل معهم بحذر خاصّة لما روّج عن وحشيتهم من قبل البيض، ومع الأيام يكتشف أنّهم كباقي البشر يعشقون الحياة، ويستميتون من أجل الوطن، ومن أجل الدفاع عن الشرف، ويربط الفيلم بشكل فني علاقته معهم بعلاقة غريبة يبنيها البطل مع ذئب بري، إلى أن يألفه ويرقص معه، إلى آخر القصة..
حقيقة الفيلم رائع جدا في نظري، ولكن ما هو أروع منه فيلم آخر عنوانه ( الرقص مع الذئاب في البحرين) لأن البطل هنا هو المواطن البحريني وذئابنا هنا مختلفة جدا، لأنّها كانت وديعة بل بدت لنا أنّها كانت حملانا، فشاركت في حركة الاحتجاجات، وطالبت بحقوق الشعب، وصفقت للخطابات الحماسية، واستنكرت عنف النظام ضدّ الشعب المسالم، وبكت مع الباكين، وغضبت مع الغاضبين، ورقصت مع الراقصين...
ثم فجأة تنزع الحملان قناعها بعد تاريخ 16 مارس، لتكشف عن وجه ذئب خبيث، تحوّل بين عشية وضحاها من معسكر الحملان إلى معسكر الجلادين، وأصبح الشعب الذي كان عنده بالأمس على حق شعباً خائناً، عميلا، ومن أمثال هؤلاء الذئاب عين وميم وفاء.
ولهذه المواقف تحليلات كثيرة، أهمها أنّ هؤلاء الذئاب عفواً (الحملان) صاروا في موقف صعب، فهم من ناحية وبالنظر إلى الثورات العربية في تونس وفي مصر، خافوا أن يصنفوا في قائمة العار كما حدث في ذلك البلدين، ففضلوا أن يكونوا مع الشارع، خاصّة وأنّ المطالب حقة ومشروعة، ومن ناحية أخرى أنّ الحقيقية كانت بيـّنة، والبربرية بيّنة، شعب أعزل مسالم أذهل العالم بسلميته يجابه بقوة مفرطة، فأي ضمير إنساني يستطيع أن يقاوم فطرته الإنسانية، والمبادئ العادلة.
أمّا عن تحول هذه المواقف فكان طبيعي أيضا لأمثال هذه الحملان عفواً ( الذئاب) لأنّ المبدأ يحتاج إلى ثبات والثبات يحتاج إلى قوة وشجاعة، وهؤلاء جبناء لا يملكون هذه القوة وهذه الشجاعة، يعني (ذئاب) بس بدون مخالب ولا أنياب.
والأمر الآخر أن تذبذب مواقفهم بيّن تذبذب مصالحهم، فأين ما تكون مصلحتهم يكونون، وأين ما تكون الرقصة مناسبة يرقصون، ولكنّ المحزن في الأمر والذي لم نلتفت إليه حينها أنّ (الرقص مع الذئاب) خطير جدا.