» تقارير
بتخطيط من خلية «البندر»... مقال صحفي لـ«هشام الزياني» يُلغي 31 عامًا من التميّز لمعهد البحرين للتدريب (BTI (1-3
2013-05-19 - 1:17 م
مرآة البحرين (خاص): بعد سريان قانون السلامة الوطنية في مارس/آذار 2011 نشطت الصحف الصفراء وأبواق التأزيم الطائفية والبرامج التلفزيونية في التحريض ضد كل المحسوبين على تيار المعارضة، ووجهت ذلك ضد طائفة من المجتمع تحديدًا.
قنوات الإعلام هذه، والتي كانت محل هجوم من تقرير بسيوني، كانت وسيلة الناس لمعرفة المستهدَف التالي من قبل السلطات، في عملية التطهير المنظمة التي دشنها رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة بتصريحه الشهير الذي أكد فيه المضي قدمًا في "تطهير البلاد من البؤر المريضة" حسب زعمه.
معهد البحرين للتدريب BTI، وكالآخرين، نالت منه حلقةٌ خاصة في برنامج "سعيد الحمد" بتلفزيون البحرين، وناله أيضا مقالٌ بصحيفة الوطن لهشام الزياني حول ما دعاه "تجاوزات معهد البحرين". مقال كان كافيًا، كما ادّعى الزياني، ليتصل به وزير التربية شخصيًّا ويُطمئِنه بأنه سيتخذ اللازم ضد المتجاوزين من منتسبي المعهد.
تجاوزات، لم تظهر سوى في فترة "الطوارئ". ويومان فقط بين ما كتبه هشام الزياني وبين تحويل إدارة المعهد لوزارة التربية والتعليم بعد أن كان تحت إدارة وزارة العمل أكثر من 31 عامًا منذ تأسيسه في العام 1979 تحت مسمى "مركز التدريب المهني".
إنجازات فريدة على المستوى الإقليمي والدولي
خلال 31 عامًا من عمره تدرج المعهد من مركز لتأهيل المتدربين إلى معهد يصدر شهادات البكالوريوس التطبيقي، مشكلًا أكبر المؤسسات التدريبية في البحرين، بل في منطقة الخليج العربي، حيث يستقطب سنويًا أعدادًا من المتدربين تصل إلى أكثر من 1200 متدرب من خريجي المدارس الثانوية المحلية من كافة التخصصات، ويتم تدريب هؤلاء الطلبة في العديد من التخصصات الإدارية والمهنية.
اكتسب معهد البحرين ثقة كبيرة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، حيث عملت إداراته المتلاحقة على تنفيذ برامج مهنية مرموقة بعد اعتماده من أفضل المؤسسات والمنظمات التدريبية والجهات المانحة للمؤهلات المهنية والاحترافية حول العالم، فقد اختير المعهد كمركز إقليمي متميز من مؤسسة Edexcel أشهر وأكبر المؤسسات البريطانية المانحة للمؤهلات المهنية، وافتتحت شركة سيسكو العالمية المتخصصة في أجهزة الشبكات واحدة من أنجح أكاديمياتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان بالمعهد، كما كان ينفذ المعهد العديد من البرامج الدولية المشهورة بالشراكة مع جهات أخرى مثل مايكروسوفت و CIW وAAT وNEBOSH وCIPD.
وفي العام 1994 اعتبرت منظمة العمل الدولية معهد البحرين للتدريب مؤسسة تدريب نموذجية، وأشاد البنك الدولي بالمبادرات المتميزة والأداء العالي للمعهد في العام 1995، كما اختير في العام 1998 كمؤسسة متميزة في الشرق الأوسط لتقديم برامج المؤسسات التجارية الصغيرة من قبل برنامج الأمم المتحدة للتنمية الصناعية UNIDO، وأشادت منظمة العمل الدولية بالمعهد من حيث الكفاءة، الفاعلية، ومواءمة برامجه التدريبية لاحتياجات سوق العمل في العام 1999، واختير في العام 2000 من قبل الاتحاد العالمي لمنظمات التدريب والتطوير ومنظمات العمل الدولية كواحدة من 12 مؤسسة عالمية متميزة بأدائها العالي، وحصل المعهد على المركز 13 من بين 34 جامعة ومؤسسة تعليمية عالية في مسابقة جمعية مهندسي السيارات الأمريكية في العام 2007.
خارج المقاييس الدولية: مؤسسة "تدريبية" تحت إشراف وزارة "التعليم"!
وحسب المقاييس الدولية، فإن الهيكلة الطبيعية لأي مؤسسة وطنية تقدم برامج مهنية مرتبطة بمتطلبات سوق العمل، هي أن تتبع الجهة التي تشرف على قطاع "التدريب" في البلاد، ما يجعل إلحاق المعهد بوزارة التربية مخالفا لكل ما هو متعارف عليه دوليًا، وفي هذا السياق فقد أبدى مسؤول كبير في منظمة العمل الدولية ILOخلال أحد المؤتمرات امتعاضه من هذا القرار المضحك والذي يشكل سابقة، وقال بأن المنظمة سوف تطالب الحكومة بإرجاع المعهد إلى الجهة الصحيحة ولكن بعد استتباب الوضع الأمني.
خلال التطور الكبير الذي شهدته خدمات المعهد، قامت إدارته في العام 2007 بالاجتماع مع عميد التسجيل والقبول في جامعة البحرين "عيسى الخياط"، لبحث سبل التعاون معها في قبول خريجي المعهد ممن أكملوا الدبلوما الوطنية واحتساب ساعات معتمدة من شهاداتهم المهنية لمواصلة دراستهم الجامعية، إلا أنه رفض ذلك رفضًا قاطعًا، متعللا بأن التدريب والتعليم مساران منفصلان ولا يوجد إطار أو هيكل تنظيمي يجمعهما، لكن المفارقة الغريبة والمستهجنة أن يلحق المعهد بعد ثورة 14 فبراير، بالجهة التي يفترض أن تكون إطار "التعليم" لا التدريب، وهي وزارة التربية التي دائما ما تصر على الفصل بين المسارين، وعلى أنه لا علاقة لها بـ"التدريب" ومساراته إلا من خلال اللجنة المشتركة بينها وبين وزارة العمل، الوزارة التي تشرف على قطاع التدريب بالكامل من خلال إدارة شؤون معاهد التدريب، ومجالس التدريب النوعية.
هدفا لخلية "البندر"
معهد البحرين كان هدفا للبندريين (مجموعة خلية البندر التابعة للديوان الملكي) منذ 2007، وعلى فترات متقطعة، حتى جاءتهم الفرصة الذهبية في أبريل/نيسان 2011 فترة السلامة الوطنية التي أعقبت الهجوم على اعتصام دوار "اللؤلؤة".
كان أول استهداف للمعهد في عهد الدكتور ناجي المهدي، مدير المعهد حتى عام 2002، وعبد النبي الشعلة وزير العمل وقتها، لكن حسن تصرف "المهدي" حال دون نجاح استهداف المعهد، وتكرر السيناريو حين أصبح الدكتور مجيد العلوي وزيرا للعمل، لكن الوزير وقف حائطا منيعا ضد استهداف المعهد.
وجاءت أحداث 2011 فكانت فرصة للبندريين في الظفر بالمعهد، وعلى رأسهم حسن صليبيخ عضو مجلس إدارة المعهد والوكيل المساعد للموارد البشرية بوزارة التربية، والذي كان ينقل المعلومات عن المعهد، بحكم اطلاعه عليها، لهؤلاء الذين يتحينون الفرصة للانقضاض عليه.
بعد تعيين وزير العمل الجديد جميل حميدان، الذي لم يكن على دراية بما يدور حوله من قبل البندريين الذين كانوا يديرون البلاد، زار الوزير المعهد مرة واحدة، وبعدها مباشرة صدر أمر تحويل تبعية المعهد إلى وزارة التربية.
لأنهم مسيطرون على العملية التعليمية في البحرين، استُهدِفوا!
وخلال اجتماع كل من وزير التربية ماجد النعيمي ووكيله هشام آل خليفة مع مدير كلية بوليتكنك في بداية فترة السلامة الوطنية، أكد الاثنان على المضي قدما بفصل نصف "الشيعة" من المعهد، وعلل الشيخ هشام ذلك بأنهم اكتشفوا بأن "الشيعة" هم المسيطرون على العملية التعليمية بالبحرين، حسب تعبيره.
صفحة من تقرير البندر
|
ويعكس توجه الوزير وهشام آل خليفة ما ذكره تقرير "صلاح البندر" حول مخطط الديوان الملكي في إقصاء الطائفة الشيعية، وتوصيته بضرورة التركيز على معهد البحرين للتدريب باعتبار أن غالبية موظفيه وطلبته من "الشيعة"، ما يستوجب العمل على إدخال أبناء الطائفة السنية في الإدارة وتشجيع الطلبة "السنة" على الالتحاق بالمعهد، حسبما ورد في التقرير.
بدأ مسلسل الاستهداف الطائفي لكوادر المعهد وطلبته بعد يومين فقط من تحول إدارته لوزارة التربية في 6 أبريل/نيسان 2011، وفي الحال أمر وزير التربية مدير المعهد آنذاك بتشكيل لجان تحقيق داخلية لاتخاذ إجراءات ضد كل من شارك في مسيرات دوار اللؤلؤة والإضراب عن العمل ما نتج عنه إيقاف أكثر من 65 متدربًا عن الدراسة، وإيقاف وخصم رواتب موظفي المعهد لفترات مختلفة، لكن الوزير لم يقبل بنتائج هذا التحقيق وأمر مرة أخرى بتشكيل لجان تحقيق لمنتسبي المعهد من الطائفة الشيعية فقط من قبل وزارة التربية سواء الذين شاركوا بالمسيرات أم لم يشاركوا، لتبدأ معها سلسلة التوقيفات للمدربين والمدراء بالمعهد وإحلال أشخاص لا خبرة لهم ودون المستوى محل هؤلاء، كتعيين مدير لشؤون المتدربين فشل في الحصول على شهادة الماجستير مرتين متتاليتين!
الهدم من الأعلى: استبدال حملة الماجستير والدكتوراه بـ"مخفقين"!
على رأس هؤلاء المستهدفين، كان مدير المعهد ذاته.
كان واضحًا أن هدف وزارة التربية هو إقصاء المواطنين "الشيعة" من جميع المراكز القيادية والإدارية بالمعهد وإحلال أشخاص آخرين دون النظر لمؤهلاتهم وخبراتهم، ولا حتى لإخفاقاتهم الأكاديمية المتكررة!
كان المعيار هو الطائفة فقط، وكسائر من استُهدف من المواطنين في فترة "الطوارئ" ظهرت الدوائر الحمراء على صور العديد من الموظفين، لكنهم في المعهد كانوا كثرًا، ولم يُستثنَ منهم مدير ولا نائب مدير، أُقصِيت طائفة معينة بصورة ممنهجة وواضحة من كل المراكز القيادية، واستغني عن كفاءاتهم وخبراتهم التي تزيد في مجملها عن 15 عاما، هكذا بجرة قلم!
المنصب | قبل إبريل2011 | سنوات الخبرة بالمعهد | بعد إبريل2011 | سنوات الخبرة بالمعهد بعد تعينه |
مدير عام المعهد | حميد صالح | 19 | إبراهيم مطر | 0 |
نائب المدير العام للشؤون المالية والإدارية |
سيد نجاح عباس | 15 | فوزي الجودر | 0 |
مدير التخطيط والتطوير | الدكتور جليل طلاق PhD | 17 | لم يتم تعيين شخص | إلغاء الوظيفة بتاريخ 8 أبريل 2013 |
نائب المدير العام المساعد لشؤون التدريب |
عيسى سلمان | 17 | لم يتم تعيين شخص | إلغاء الوظيفة بتاريخ 8 أبريل 2013 |
مدير شؤون المتدربين | حسين الربيعي PhD | 16 | ماجد سلطان | 21 "رسب مرتين بالماجستير ولم يحصل عليه" |
نائب المدير العام لشئون التدريب |
فاضل عباس ربيع | 16 | لم يتم تعيين شخص | إلغاء الوظيفة بتاريخ 8 أبريل 2013 |
رئيس قسم الموارد البشرية |
علي الشيخ | 4 | سند البنعلي | 0 |
نائب رئيس قسم الدراسات التجارية |
زهراء المولاني | 14 | جبريل فيجاي "هندي الجنسية" |
6 |
رئيس قسم الميكانيكا والسيارات |
حسين خميس | 12 | مكاندرا "هندي" راسيل كرانت "بريطاني" |
12 |
رئيس قسم الآلات الدقيقة | عبد الهادي مرزوق | 19 | نويل كابيجون" فلبيني" | 2 |
رئيس قسم الاتصال واللغات |
جعفر العرادي | 17 | منى القوز | 0 |
رئيس قسم الكهرباء والإلكترونيات |
ماجد المرخي MSc | 16 | هاري براكاش بعده محمد بو كبير |
0 |
رئيس قسم تقنية الهندسة المدنية |
عبد الغفار عبدالله | 19 | فلوريس (مدرسة من الفلبين) |
0 |
مدير قسم التدقيق الداخلي | سيد شرف الموسوي CCO |
8 | ظلت الوظيفة شاغرة حتى كتابة هذا التقرير |
-- |
رئيس قسم الأمن | محمد عبيد | 21 | إبراهيم بهزاد | 0 |
جدول يبين الكوادر الإدارية والأكاديمية الذين
عزلوا من مناصبهم، إلى جانب البدلاء المعينين
التشهير بالمدير ونائبه
وفي تصريح غير مسؤول قالت وزارة التربية بأن توقيف مدير المعهد ونائبه تم بناءً على شبهة مالية، وأن قضيتهما رفعت للنيابة، وجاء تصريحها بعد أن نشرت صحيفة الوسط خبر توقيفهما، وعندما قام المعنيان بالاستفسار أفادت النيابة بأنه ليست هناك أي دعوى مسجلة ضدهما.
شهّرت الوزارة بالمدير ونائبه دون أي دليل ودون أن تكون هناك قضية حقيقية أمام المحاكم، وخارج حتى ما ينص عليه قانون التقاضي، ولم تكتفِ الوزارة بتوقيف كوادر المعهد بل عمدت أيضا إلى تغيير أقفال مكاتب المدراء وإغلاقها أمام أصحابها حتى بعد انتهاء مدة توقيفهم، وعَمِد القائم بأعمال مدير المعهد في ذلك الوقت "إبراهيم مطر" إلى إخفاء بطاقات تسجيل الحضور والانصراف عنهم طالبًا منهم التجوال بالمعهد طوال فترة دوامهم لحين إصدار قرار وزاري يسمح لهم بالدخول لمكاتبهم وقضوا على هذا الحال قرابة ثلاثة أشهر!
ولكي يسد طريق العودة على موظفي المعهد ومدرائه عمل وزير التربية ومدير المعهد الحالي على استصدار تعديل على المرسوم الملكي رقم (29) لسنة 2006، والذي صدر في 8 أبريل/نيسان 2013، ليقضي بإلغاء مناصب جميع مدراء الدوائر وحصرها في ثلاث إدارات فقط ما ترتب عليه فائض في الإداريين، واستباقًا للمرسوم الملكي فقد تم استبدال أغلب المدراء "الشيعة" في الإدارات الجديدة التي عُلم أنها ستكون في الهيكل الجديد بمدراء "سنة" عبر ترقيتهم من رؤساء أقسام إلى مدراء إدارات ليتم لاحقًا إصدار قرارات من رئاسة الوزراء بتعيينهم.