زمن "المشير": كل شيء تغير، حتى فايسبوك!
2011-05-21 - 6:34 ص
مرآة البحرين (خاص): فجأة اكتست قوائم الأصدقاء في فايسبوك بسلوك مستجد. الأسماء المنسوبة بوضوح والمعرفة بدقة تحولت فجأة إلى أسماء مستترة خلف قوالب من الاستعارات والصيغ المجازية. محمد صار "سياج الياسمين" وميساء صارت "سوسنة الأمل". لقد دب الخوف!
"القناع" لم يعد حيلة رجل الأمن المدجج وحده لممارسة "الفظاعات" من دون حساب. إذ غدا أيضاً حيلة الناس المسالمين الخائفين من رجل "الفظاعات". لقد حضر "القناع" فغابت الأسماء.
ومعلوم أنه إذا غابت الأسماء الحقيقية في فضاء الاختلاف لبلد ما، وحلت مكانها أسماء مستعارة، فإن أصحاب الرأي المختلف، يدفعون ثمن آرائهم غالياً، وأنهم اختاروا أن يغيبوا أسماءهم، كي لا يتم تغييبهم أنفسهم.
في التسعينات كانت الأسماء المستعارة هي بطلة الكلام. حتى الإيميلات لم تكن تحمل أسماء أصحابها بل تسميات تمويهية.
لم يكن يُجرأ على الكلام المختلف إلا من وراء حجاب.
لكن بعد الانفراج الأمني الذي أعقب الإعلان عن مشروع الميثاق في بداية الألفية الجديدة، ظهر أصحاب الكلام بأسمائهم وبآرائهم واختلافاتهم. وصار استخدام الاسم المستعار تهمة ونقيصة .الاسم الحقيقي يجعلك محترماً بين المختلفين والمستعار يجعلك موضع شبهة.
مع ثورة الفيس بوك وتويتر، صارت الأسماء أكثر تكشفاً وأكثر جرأة.
في هذه الثورة التكنولوجية ليس فقط الاسم هو من يحضر، بل الصورة أيضاً، أنت تحضر بشخصك وتتعرف الآخرين ويتعرفونك.
مع دخول البحرين مرحلة الاحتجاجات في 14فبراير/ شباط، نشطت حركة الفيس بوك وتويتر بشكل أكبر. وجوه جديدة وأسماء شابة عديدة برزت في النقل والتغطية والتحليل والرصد والمتابعة. المئات يلتحقون بتويتر يومياً.
بعد الهجوم الأول على الدوار في 17فبراير/ شباط، تغيرت الصور .صارت الخلفيات سوداء .تفاوتت بعدها بين أعلام البحرين وصور الدوار أو الضحايا الذين سقطوا في الأحداث .
خلال ذلك الشهر بقت الأسماء صامدة وواثقة وتعلن عن نفسها دون خوف، بل وتمارس اختلافها مع الآخرين بكل حرية.
بعد الهجوم الثاني على الدوار في 16 مارس/ آذار، وما أعقبها من حملة اعتقالات واسعة نفذتها عناصر الأمن على المحتجين والمشاركين، وبعد البدء باعتقال عدد كبير من الناشطين الإلكترونيين، تراجعت الأسماء الحقيقية، وحلت مكانها سريعاً أسماء مستعارة، غالباً ما تحمل لوناً وطنياً، أو أسماء شخصيات ثقافية أو افتراضية. صار الاسم تهديداً .
كثيرون جمدوا حسابهم في فايس بوك وتويتر. كثيرون أيضاً مسحوا آراءهم السابقة التي قد تتسبب في اعتقالهم، خصوصاً بعد موجات التحقيقات البوليسية في الوظائف والداخلية، التي يتم فيها مواجهة من يتم التحقيق معهم بكل ما كتبوه على صدر صفحاتهم، ومحاسبتهم عليه كلمة كلمة، صورة صورة، لايك لايك.
الأمر امتد أيضاً إلى الكتابة الصحافية والمشاركات في الصحف العربية. فمع قمع الرأي الآخر وعدم السماح له بالتعبير ومحاسبته على رأيه، ومع الحملة الإعلامية والأمنية على الصحيفة المستقلة الوحيدة في البحرين، ومع ما تعرض له صحفيون من اعتقال وتحقيق وتوقيف وفصل بسبب مشاركاتهم الإعلامية، فإن الأسماء المستعارة صارت هي الوسيلة الوحيدة التي يتمكنون بها من التعبير والكتابة والنشر، في محاولة لحماية أنفسهم من التعرض للاعتقال صحفي صحفي، إعلامي إعلامي، كاتب كاتب!