» تقارير
قاده «عبد الإمام» حاضرا وغائبا... «بحرين أون لاين» بين «وثائق ويكيليكس» وثورة 14 فبراير
2013-05-11 - 6:43 ص
مرآة البحرين (خاص): في 7 سبتمبر/أيلول 2011، كتبت "مرآة البحرين" في تقرير أن "لعنة بحرين أون لاين ستظل تلاحق عبد الإمام ما لم تنته الأزمة السياسية بحل يؤمّن له أن يظهر مجدداً. اختفى "علي" وبقي رفاقه الذين لا يعرفهم، لكن مشروعه ظهر في ألمع صفحات التاريخ، مأخوذاً ببريق اللؤلؤة".
اليوم 10 مايو/أيار 2013، "مرآة البحرين"، تعلن ظهور عبد الإمام، حرا في عاصمة الضباب، بعد عامين من العتمة. ظهر "عبد الإمام"، والثورة لا تزال مستمرة، ليظل أحد ملهميها، كان في السجن، مختبئا، أو في المنفى!
لقد سبقت البحرين دولاً عدة في استخدام العالم الافتراضي (منتديات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي) كأدوات فاعلة ومؤثرة في الحراك السياسي، فرغم أن انتفاضة التسعينات عرفت بأنها انتفاضة "الفاكس"، لأنها من أول الحركات السياسية استخداماً لوسيلة الاتصال هذه في نشر البيانات وإذاعتها والتواصل بين الناشطين السياسيين، إلا أن الإنترنت كان يستخدم فيها أيضاً رغم أنه كان متوفرا للتو في البلاد، وقد اعتقل على هذه الخلفية وقتها عدة ناشطين وتقنيين.
ومع انتشار الإنترنت نهاية التسعينات، اشتهرت مجموعة أوال البريدية، وقد انتمت إليها نخبة عريضة من الشباب البحريني، وكانت نقاشاتها سياسية وفكرية وثقافية، لكن الحدث الأبرز كان تدشين أول منتدى بحريني، في الوقت الذي لم يكن أحد يعرف معنى "منتدى افتراضي".
وبعد أن كان محاولات طموحة من 1999، أسس في عام 2001 ملتقى البحرين (بحرين أون لاين)، وكان هذا المنتدى السياسي الاجتماعي طفرة نوعية في النشاط السياسي الإلكتروني رغم أنه جاء في مرحلة كان يعتقد أنها ستدشن إصلاحات بعيدة المدى إثر المصالحة التي جرت بين المعارضة والنظام الحاكم وما تمخض عنها من الموافقة على "ميثاق العمل الوطني".
يمثل ملتقى البحرين (صاحب الاسم التاريخي والعنوان الأصيل) أكثر منتدى سياسي فاعل وناشط، رغم حجبه من قبل السلطات منذ أكثر من 9 سنوات. استمر "الملتقى" في بث الرعب في روع السلطة، بعد انقلابها على الدستور الشرعي، حيث استطاع بشكل بارز أن يحتوي الإحباط الذي عم الشارع وقتها، وحوله إلى طاقة كبيرة أبقت على جذوة النشاط السياسي مشتعلة، وتغلبت على مراحل الفتور التي واجهت مسيرة الحراك وجعلته في انفعال دائم، وانطلقت من الملتقى منذ ذلك الوقت عدة نشاطات وفعاليات وبيانات ونقاشات ومطارحات.
وينشط في الملتقى (بأسمائهم الحقيقية أو الوهمية) كثير من السياسيين والكتاب والناشطين والمثقفين، بالإضافة إلى المواطن البسيط الذي كان يثبت على الدوام بأنه صاحب الكلمة ومن يصنع الحدث. كان "الملتقى" مجتمعاً كاملاً من المحال أن يلتقي بهذا الكم من التفاعل الحر والمنتج بالسبل التقليدية على أرض الواقع، وكان واجهة الرأي العام ومحل صناعته وتكوينه.
وضع الملتقى الكثير من الشخصيات والرموز تحت المجهر، تجاوز الخطوط الحمراء الأهلية والرسمية، طرق أبواباً جديدة، وخلق ثقافةً مختلفة، وشجع على إدارة الاختلاف ومراجعة الأفكار.
في مارس/آذار 2005، اعتقل 3 من مؤسسي الملتقى أبرزهم المدون البحريني "علي عبد الإمام"، رغم أنه لم يكن هناك معتقلون سياسيون وقتها، وطالب الشيخ عيسى قاسم في إحدى خطبه بالإفراج عنهم، وتحدث عن ذلك أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان، قائلا إنه أكثر شخص ينتقد في هذا الملتقى، إلا أنه يعتبر ذلك من أبرز ثيمات حرية التعبير، ودعا السلطات للإفراج عن المؤسسين فوراً.
كان الملتقى ناضجاً، واصل عمله، وساهم في الإفراج عن مؤسسيه، في عملية محرجة للسلطة ندرت مثيلاتها. في البداية طولب المعتقلون بدفع كفالة، لكنهم فضلو السجن وأعلنو الإضراب، ثم أفرج عنهم دون قيد أو شرط في اليوم التالي. لم يحفظ ملف قضيتهم وأشاعت صحف أنهم أطلقوا بضمان محل الإقامة. ولكنهم كسرو طوق منع في اليوم التالي، بل وشوهدو في أول اعتصام شهدته البحرين أمام وزارة الإعلام، ولافتاتهم تهتف "هكذا تنتهك حرية التعبير في البحرين".
مؤسس الملتقى الرئيسي والذي ابتعد عن إدارة الملتقى فيما بعد اعتقل ضمن مجموعة 25 في 2010م، ثم أفرج عنه بعد ثورة فبراير 2011م. إنه المدون المعروف (علي عبد الإمام) اختفى عن الأنظار بعد أن اتهم مجددا بأنه أحد من كان وراء ما سمي بمخطط قلب نظام الحكم، وذلك ضمن ما عرف بقضية الرموز (قضية 21 قيادي وناشط برز بعضهم في ثورة 14 فبراير، وقد حكم فيها على عبد الإمام غيابياً بالسجن لمدة 15 عاماً)، حدث ذلك رغم أنه كان في السجن إلى ما بعد أيام من انطلاق الثورة!
وثيقة ويكيليكس حديثة تكشف أنه وبتاريخ 2005-03-01 كان "ملتقى البحرين" شغل السفارة الأميركية الشاغل، وموضوع برقياتها التي تحاول من خلالها قراءة توجهات البحرين والخليج من خلال تصرفات السلطة مع مشرفي الموقع المحتجزين، قالت البرقية إن السفير الأمريكي ناقش هذا الأمر مع أعلى السلطات في ذلك الوقت.
عاد الملتقى للواجهة بتأسيس ومتابعة حدث 14فبراير، بعد أن دعا أحد أعضاء المنتدى في موضوع تاريخي في 26 يناير/كانون الثاني 2011، إلى تحديد يوم للغضب والثورة على النظام على غرار ثورتي مصر وتونس.
انطلقت الثورة من العالم الافتراضي، وتحديدا من "بحرين أون لاين"، تم تحديد يوم 14 فبراير موعدا للثورة، وأنشأت صفحة خاصة به على موقع "فيسبوك"، وبدأ التحشيد الواسع له في سيناريو درامي انتهى بهدم دوار اللؤلؤة بعد أن صار مركز الاحتجاجات السياسية ورمزها التاريخي، لتدخل البلاد بعدها في أخطر منعطف مر بتاريخها.