المحمود والعربي: إلى أين يأخذهما خلاف وجهات النظر؟
2011-05-19 - 11:44 ص
مرآة البحرين (خاص): تتزايد الإشارات النامية بشأن التباينات الآخذة في الاتساع داخل تجمع الوحدة الوطنية. وإذا كانت حتى الآن لم ترق إلى مستوى انشقاق فإنها حتماً تقع في مستوى "الخلاف" المرشح له أن يتفاقم.
تعكس ذلك عديد من الإشارات التي يمكن لمسها من "فلتات" لسان قيادات في التجمع، إضافة إلى ما يجري بثه، من دون قصد في الأرجح، عبر منصاته الإعلامية.
وربما جاء تأكيد رئيس التجمع نفسه الشيخ عبداللطيف المحمود في واحدة من خطبه الأخيرة بشأن عدم خوض الانتخابات التكميلية المزمعة في سبتمبر/ أيلول المقبل خشية على التجمع من "أن يتمزق"، لتلقي مزيداً من الضوء على نوع الهواجس التي تتفاعل داخل التجمع. والتي هي ليست أي شيء سوى هاجس التمزق والفرقة.
أو كما يمكن أن تعكس ذلك أيضاً إشارة من "آدمن" صفحة التجمع على فايسبوك، حين يخاطب الأتباع من خلال "ستيتس" خصصه للتحذير من أن "هناك من يحاول شق صف تجمع الوحدة الوطنية فلا تركنوا لهم".
هاجس "شق الصف" و"التمزق" جعل من المحمود يعيش قلق التفكير في لائحة أولوياته، خصوصاً بعد إنهاء مظاهر الاعتصام في دوار اللؤلؤة، و"تطهير" مستشفى السلمانية، وهي المطالب التي رفعها إبان انتفاضة 14 فبراير/ شباط، وجرى تحقيقها له بمعمودية الدم، ويعيد ترتيبها على الشكل التالي: "تجمع الوحدة الوطنية هدفه الآن أن لا يتمزق".
لذا فهو سيسعى "إلى الاستماع إلى جميع وجهات النظر" حسبما جاء في خطابه.
وإذا كانت "التباينات" لم ترق حتى الآن إلى مستوى "انشقاق" فهي حتماً، في عمقها، أكبر من أن تكون مجرد وجهات نظر مختلفة. كما يحاول أن يوحي المحمود. أحد هذه التباينات ذات طابع إثني قديم.
وهنا تتمحور معظم تحفظات جمعية الأصالة الإسلامية وجماعات السلف، على رأسهم الشيخ عادل المعاودة. حيث لا يخفى أن هؤلاء يتحدرون من جذر عربي أصيل لا شبهة في انتمائه ويقع مقام الجوهر في تمثلهم لذواتهم وحركتهم في الفضاء العام.
في حين يتحدر رئيس التجمع المحمود وعدد من القيادات اللصيقة ضمن الدائرة الضيقة التي تتولى عملية طبخ قرار التجمع إلـى مكون "هجين" في "رتبة" عروبته.
وكثيراً ما رفع كليشيه "العروبة"، أو أكد عليها بتكرار أقرب إلى الهذاء، في محاولة للتخفيف من "ضرر" يراه ماثلاً على الدوام لجهة تأثير هذه "الهجنة" عليه وسط محيط اجتماعي يعطي لمفاهيم الأصل والانتماء كثير اعتبار.
وهنا يمكن تفهم "همهمات" السلف المتبرمة من وراء الستار، بشأن ضعف تمثيلهم في التجمع على خلاف ثقلهم على الأرض. في مقابل ثقل الجماعات "المستعربة" المتآكل.
وهي واحدة من الإشكالات الضاربة مع "الإخوان" التي قادت إلى "كسر" شوكة تحالفهم الانتخابي مع السلف في انتخابات 2010 وقادتهما معاً إلى خسارة موجعة.
واحدة من التباينات أيضاً، هي المزاحمة على زعامة التجمع عبر الطموح الذي أخذ يظهر من جانب الشيخ الأزهري ناجي العربي في قبال الشيخ المحمود، الأزهري هو الآخر.
حيث لم يكن ظهوره الأخير قبل يومين في منطقة البسيتين. وما رافق هذا الظهور من "غزوة كراهية" نفذها متعصبون غاضبون بتأثير من خطابه، على محلات تجارية تابعة إلى رجل الأعمال المعروف "جواد" إلا تعبير عن هذا الطموح ليس إلا. فيما كان المحمود يعود في الأثناء رجال أمن في المستشفى زعمت السلطة إن محتجاً قام بدهسهم.
تؤكد المصادر أن العربي عبر في غير مناسبة عن موقف متطرف يفوق مستوى تطرف المحمود. وغضون الجلسات التي عقدها التجمع مع الجمعيات السبع إبان انتفاضة 14 فبراير/ شباط كثيراً ما اشتبك مع الأخير أمام مرأى قيادات الجمعيات السياسية. خصوصاً لجهة تجاوبه مع شخصية ولي العهد.
ويبدو أن العربي يحاكي على نحو صادق "عصبية" مستجدة في الشارع الذي يمثله، والتي ترتبط على نحو أمين بشخصية رئيس الوزراء. مدفوعاً برؤى العامل في وزارة الصحة سابقاً و"المحلل الاستراتيجي" في التجمع اليوم عادل عبدالله المأخوذ كثيراً بالرؤى التنجيمية "الصادقة" للعامل في نفس "الكار" الصيدلاني الفرنسي ميشيل دي نوسترادام المشهور باسم "نوسترداموس".
ويفيد تسجيل حصلت عليه "مرآة البحرين" وتحتفظ بالحق في نشره، عن قيام "المحلل الاستراتيجي" بتوجيه رسالة من خلال إحدى الجلسات الداخلية إلى قيادة التجمع تطالبها بـ"القفز نحو الضفة الأخرى". أي القفز بقرار التجمع من هيمنة السلطة عليه إلى "هوى" شارع الفاتح.
وربما عبرت إحدى الرسائل التي تم تداولها مؤخراً تحت توقيع "تجمع الوحدة الجديد" والتي حملت دعوة غريبة إلى "رفع صور حمد بن عيسى واستبدالها بصور الأمير خليفة بن سلمان المفدى" عن واحدة من تأثيرات هذا الطرح.
ذلك أن جانباً من "العصبية الشعبوية" التي يتم التعبير عنها اليوم من خلال جمهور الفاتح هي تلك الدائرة في فلك خليفة بن سلمان العائد بقوة عبر "مرجّح" التدخل السعودي. فيما يمكن أن يكون واحداً من مفاعيل "القفز نحو الضفة الأخرى".
على خلاف الضفة التي يقف على أرضها ولي العهد الذي يأخذ "هوى" الجماعات المعارضة.
في حين يدرك المحمود أخطار هذه المحاكاة. لذا فهو يكتفي بمحاكاة "عصبية" السلطة التي يراها مضمونة وأقدر على الضبط من شارع معبأ.
وهنا يأتي الخلاف الأبرز بينه والعربي، ففي حين يرى هذا أن قرار التجمع "داخلي" تعضده القاعدة الجماهيرية التي يعود لها الفضل الأول في الزخم الذي حصل عليه. يضرب المحمود عرضاً بهذا الرأي ويرى في التماهي مع السلطة، وتركها تصوغ خيارات الشارع الذي يمثله طريقاً أسلم.
ليست "انشقاقات" لكنها حتماً أكبر من اختلاف وجهات نظر!