مكالمة هاتفية تضع مستقبل مئات الطلبة على كف عفريت
2011-05-15 - 10:42 ص
مرآة البحرين (خاص): بعد شهر من التوقف الجبري يعود طلبة وطالبات جامعة البحرين اليوم إلى صفوفهم التي كان بلطجية الحكم قد أعملوا فيها الخراب هدماً وتكسيراً (13 مارس/ آذار 2011).
هناك تنتظرهم بالمرصاد وثيقة الإذعان التي أسميت "وثيقة تأكيد ولاء" المسحوبة طبقاً من وثائق "سيوف الولاء" التي ابتكرها الحكم للتعويض عن تهاوي شعبيته الميثاقية بعد انكفاء غزوة العصي والسيوف المسلولة.
في هذه الوثيقة المنحوتة سطراً سطراً على أساس ضمان إخماد أي نشاط طلابي في المستقبل و"تركيع" الطلبة مرة واحدة وإلى الأبد، سيكون عليهم أن يضعوا توقيعاتهم قسراً في المربعات البيضاء التي تضعهم قسراً بين خيارين ماضويين لا يليقان بمؤسسة أكاديمية: إما نعم وإما نعم.
توقيعات يمتنع الطلبة والطالبات بموجبها عن "ممارسة أية نشاطات ليست أكاديمية حتى وإن كانت خارج الجامعة" حسبما تشير إلى ذلك الوثيقة المسربة.
كما يقرون بأنهم رغم ما يدفعون من رسوم يتعلمونَ هبةً و عليهم بالنتيجة أن يذعنوا لإرادة السلطة المطلقة، و أن يصرفوا النظر عن أي رأي فردي قد يزعجها.
محمد كريم وهو اسم مستعار لطالب جامعي على وشك التخرج فضل عدم الكشف عن هويته لكي لا يتعرض للعقاب صديق شخصي للمهندس علي المؤمن الذي قتل في التظاهرات، قضى في جامعة البحرين 5 سنوات ولم يتبق عليه سوى ثلاث مواد كان من المفترض أن ينهيها في يونيو/ حزيران المقبل، أي بعد سبع و ثلاثين يوماً من الآن لينهي متطلبات التخرج. قال "لم تسجل علي أية مخالفات مسلكية، ولم يكن معدلي يوماً تحت الحد الأدنى، رغم ذلك فأنا اليوم ضمن قائمة المفصولين".
ما حصل أنه و العديد من أصدقاء المهندس الشاب، خرجوا في مسيرةٍ سلمية خارج الجامعة تأبيناً لزميلهم الفقيد، وذلك ما كلفه أن يكون اليوم أحد المشمولين بالعقاب، بل ومحروماً من أن ينال أية إفادة رسمية تثبت أنه أتم المواد التي قام بدراستها طيلة السنوات الخمس. وحسب المعلومات التي تواترت لدى "مرآة البحرين" عن معطيات اليوم الأول فإن الجامعة رفضت إعطاء جميع المفصولين الذين راجعوها للحصول على إفادات. و جاءت كل الاتصالات بقسم القبول والتسجيل في الجامعة بردود سلبية تفيد هذا المعنى: لا توجد تعليمات!
ويروي كريم كيف أنه استدعي للتحقيق معه بشأن أحداث الجامعة التي وقعت في فرع الصخير أساساً في حين أنه وباقي طلبة الهندسة يداومون في فرع مدينة عيسى حيث كليتهم. داخل غرفة التحقيق عرضت عليه صوره وهو في مسيرة التأبين. سأله المحققون عن عدد المرات التي ذهب فيها إلى ميدان اللؤلؤ وإن كان قد تبرع بمبالغ مالية. ثم كان عليه أن يجيب على جملة من الأسئلة: لماذا شاركت؟ لماذا تبرعت؟ ولماذا كتبت؟
حتى أيام قليلة خلت كان كريم مطمئناً إلى أجوبته داخل لجنة التحقيق، خصوصاً مع إثبات عدم صلته بأي من الحوادث التي جرت في جامعة الصخير.
وإذا كان ثمة من إشكال لمشاركته في تأبين أحد أصدقائه في مسيرة خارج الجامعة فذلك لأن مئات الآلاف من شعب البحرين قد شاركوا مرة واحدة في الأقل في مسيرات شبيهة. في وقت كانت أطراف الحكم نفسه تؤكد على مشروعية الخروج في المسيرات السلمية. إلى أن جاءه اتصال من الجامعة يخبره بأن هناك خطاباً عليه الذهاب إلى حرم الجامعة واستلامه. وهكذا كان حيث ذهب بمعية أحد أصدقائه ممن جاءهم اتصال مشابه.
"كان يوماً عادياً"، يقول. الشيء غير العادي، يضيف "أن أكتشف أنني ممن طالتهم عقوبة الفصل". إن ذلك كان هو مضمون الخطاب "غير العادي" الذي أعقب المكالمة الهاتفية "العادية جداً". مثل محمد كريم هناك مئات الطلبة الذين أجابوا على نفس المكالمة "العادية" وضاع مستقبلهم في الزمن "غير العادي".
زمن محاكم التفتيش على خفايا القلوب وحرية الضمائر.