البحرينيون: موسم الهجرة إلى أوروبا
2011-05-14 - 8:49 ص
مرآة البحرين - خاص: من منا لم يسمع عن شعراء المهجر 1870 حتى أواسط 1900. نخبة من أهل الشام المثقفين الذين هاجروا إلى الأمريكتين الشمالية والجنوبية. هناك عاش شعراء المهجر ونظموا أشعارهم وكتاباتهم. الهجرة سببها الاضطرابات السياسية والطائفية والحروب وسوء الوضع الاقتصادي في بلاد الشام إبان الحكم العثماني .آلاف المهاجرين من أرجاء سوريا ولبنان وفلسطين أسسوا جاليات تعدّ الآن بعشرات الملايين.
يبدو الآن، وكأننا أمام تنويع مهاجر جديد، أطباء مهجر، وأكاديميو مهجر، وإعلاميو مهجر، وكتاب مهجر، بالإضافة إلى محامين ومعلمين ومهندسين وتقنيين ورياضيين. كلهم هاجروا أو سيهاجرون من البحرين إلى أنحاء العالم المتفرقة. نخبٌ لم تجد بداً من الفرار حفاظاً على حياتها من انتقام السلطة من كل من شارك احتجاجات ١٤ فبراير أو أيدها أو دعمها.
الشيعة كان لهم نصيب الأسد من هذا الانتقام. الاعتقالات وحوادث الاختطاف والقتل والتعذيب ومهاجمة القرى والبيوت في نصف الليل والتسريح من العمل وسحب البعثات الدراسية من الطلبة الشيعة في جامعات الداخل والخارج، بالإضافة إلى هدم عدد من المساجد التي يحتفظ بعضها بتاريخ شيعي قديم.
الخونة" صارت الكلمة التي يوصف بها غالبية الشيعة في البحرين. نعوت أخرى مثل :المجوس والروافض واليهود وأهل المتعة، بدت تسيطر على مشهد الخطاب العام الذي يتزعمه بعض النواب السلفيين، وانسحب إلى صفحات جمهور الفيس بوك وتويتر. لوحات الإعلانات الكبيرة في الشوارع، التي تقدم نفسها أنها تنطق عن لسان الطائفة السنية تطالب بـ"القصاص" وتنفيذ "شرع الله المطهر. اللوحات تتدلى فيها المشانق والسيوف إشارة إلى التشجيع على حكم الاعدام. القائد العام لقوة دفاع البحرين يصرح أنه لا يمكن التعايش مع "الخونة" ممن كانوا معتصمين في دوار اللؤلؤة، ويؤكد أن عليهم "الرحيل إلى إيران".
أمام هذا الحصار من تخوين ومطالبة بالقصاص والتطهير والترحيل، صارت الهجرة محل تفكير جدي عند الكثيرين .البعض بدأ يعد لها فيما سبقهم آخرون. أحد الصحفيين الذي هاجر دون نية في العودة قال" لم أكن أأمن على نفسي وأتوقع الاعتقال في كل لحظة، لاأ ستطيع أن أعيش حياتي لصيقاً بالجدار وأن ألتفت خلفي عند كل همسة أقولها، الصحفي مرآة الشعب لا بوق السلطة، ونحن الآن ندفع ثمن الكلمة التي أنصفنا فيها الشعب غالياً".
طبيبة أفرج عنها بعد ٢٥ يوم اعتقال، اتهمت بالخيانة بسبب مشاركتها في معالجة مصابين محتجين، تقول" لم أعد أستطع العمل أو العيش هنا بعد أن وجهت لي تهمة الخيانة لوطني. مستشفى السلمانية تحول ثكنة عسكرية. الحياة تشبه جهنم. يريدوننا أن نرحل. لا نشعر أنا وعائلتي بالأمان. سنهاجر بعد أن ينهي أبنائي عامهم الدراسي الحالي".
طالبة دكتوراه في بريطانيا ممن تم سحب بعثتها الدراسية بسبب المشاركة في مسيرة احتجاجية أمام السفارة البحرينية في لندن تقول" لن أعود .سأعمل هنا وسأكمل دراستي على نفقتي الخاصة، وسأعيش في بلد يُحترم فيه الإنسان وحقوق الإنسان دون النظر إلى عرقه أو دينه".
في الجلسات الخاصة يكثر طرح خيار الهجرة .نخب من كل التخصصات والشهادات والكفاءات. يقول أحد المثقفين الذي هاجر بعد التطورات الأمنية الأخيرة" النظام البحريني حطم علاقته بنخبه وكوادره بدلاً من احتوائهم، وهو بهذا ليس فقط يفقدهم في الداخل، بل يراكم ضده معارضون أذكياء ومثقفون في الخارج. المعارض في الخارج أشد خطورة منه في الداخل، فكيف إذا كان نخبوياً، وكيف إذا فرّ محملاً بالغضب والسخط وبالشعور بالظلم".