ولي عهد البحرين: أين؟
2011-05-14 - 7:42 ص
مرآة البحرين - خاص: خلال اجتياح قوات درع الجزيرة للقرى البحرينية ودوار اللؤلؤة في 16 مارس/ آذار، والأيام الأولى التي تلت هذا الحدث، كانت ثمة رسائل يجري تداولها بين الناس بما يشبه الخبر الأكيد، أن انقلاباً داخل العائلة الحاكمة بقيادة رئيس الوزراء ووزير البلاط الملكي يوشك أن يقع، إن لم يكن قد وقع بالفعل، وأن كلاً من الملك وولي العهد يعيشان تحت الإقامة الجبرية. هذه الأخبار أحدثت هزة بين المحتجين وتعاطفاً حذراً مع كل من الملك وولي العهد. لم يكن هناك ما يثبت ذلك فعلياً، إلا أن الغياب الإعلامي الواضح للملك وولي العهد خلال الأيام الأولى من انتشار القوات، وظهورهما بشكل مقتضب في الاعلام الرسمي أثناء بعض اللقاءات الرسمية، قد عزز من هذا التناقل.
في كل الأحوال يميل البحرينيون، حتى المعارضين منهم، إلى التصديق بأن ولي العهد يمثل الاعتدال والانفتاح، وأن الملك عالق بين الزعامة القبلية التي يمثلها عمه رئيس الوزراء، وبين الزعامة الحديثة التي يميل إليها ولي العهد، كما جاء في بعض تقارير ويكيليكس عن البحرين (صحيفة الأخبار اللبنانية، الأربعاء 13 نيسان 2011).
الرسائل التي تخبر عن انقلاب داخل الأسرة الحاكمة بدت وكأنها تخمين من البعض، في محاولة لاستيعاب مباغتة الاجتياح العسكري والأمني. الأمر الذي كان مناقضاً لوعود التهدئة والحوار والإصلاح التي أطلقها ولي العهد وثمنها الملك.
الخطاب الرسمي وبشكل مباغت خرج ليعلن عن مؤامرة انقلاب خارجية مخطط لها، في حين حملت تصريحات ولي العهد قبلها بأيام تفهماً لمطالب الشعب وحقوقهم . ففي حواره مع تلفزيون البحرين قال "نحن نسعى كل يوم أن نثبت أن التجمهر والمسيرات السلمية حق من حقوق مواطني البحرين، وهذا حق محفوظ في الدستور ويجب أن ندعمه". في حين أرجع سبب الأزمة إلى "شعور البعض أن كلمتهم لا تصل"، وحمل للجميع تطميناً خاصاً بأن هناك نتائج تتحقق فيما يتعلق بالحوار "ستقوم بإخراجنا من هذه الأزمة"، وأن شباب الدوار "لا يجب أن يحسوا أن هناك تجاهلا أو تهميشا لأي طرف ما، ونريد بعد أن نسمع المرئيات التي من الممكن أن تطبق على طاولة الحوار" (صحيفة البلاد البحرينية، الاثنين 07 مارس 2011).
تطمينات ولي العهد بما يجري تهيئته للبدء في الحوار، وتصريحه في بيان رسمي في 13 مارس/ آذار - أي قبل دخول درع الجزيرة بيومين - موافقته على مبادئ الحوار التي قدمتها الجمعيات السبع (أهمها: مجلس نواب كامل الصلاحيات، حكومة تمثل الإرادة الشعبية، ودوائر انتخابية عادلة)، كل هذه جعلت الاجتياح الخليجي مفاجأة صادمة. كل ما سبق نسف في لحظة غامضة. وصار الخيار الأمني والعسكري هو الساري في البلد بعد إقرار قانون السلامة الوطنية في 15 مارس/ آذار. وبدأ الانتقام الرسمي من كل من اعتصم وشارك واحتج. وصار الدوار تهمة وخيانة لا يغسلها إلا القصاص بالسيف والمشانق المعلقة في إعلانات الشوارع. قبل الاجتياح بأيام كان ولي العهد يقول "الذي أراه أمامي أن الأغلبية اليوم في البحرين يريدون الاعتصام السلمي والمسيرات السلمية، وهناك فئة صغيرة تحاول أن تؤجج". لكن بعد الاجتياح، سرعان ما صارت الخيانة تهمة الجميع دون تفريق بين أغلبية سلمية وفئة سلمية (تحاول) أن تؤجج حسب وصف ولي العهد. هذا الحدث غير المتوقع، كان سبباً في تصديق البعض لما تم تناقله عن محاولة الانقلاب.
رسالة طويلة نسبياً تم تداولها عبر الواتس آب والبرودكاست إبان ذلك. الرسالة موجهة مباشرة لولي العهد سلمان بن حمد وموقعة باسم "شباب الثورة" حسب الوصف المذيلة به. يخبرونه فيها "إننا نثق بك، وبأنك كنت تقصد إصلاحاً حقيقياً، وقد سمعنا أنك واقع تحت الإقامة الجبرية، فإن كان هذا صحيحاً، فلتعلم أننا جاهزون لإشارتك، ومستعدون لنهب لنصرتك ونفديك بأرواحنا ودماءنا، وعلى كل من يستطيع توصيل هذه الرسالة إلى ولي العهد فليفعل بأية طريقة".
قبلها بعشر سنوات كان الملك حمد محمولاً على أكتاف أهالي قرية سترة وهو يزورها في أول توليه عهده الذي بشر فيه بإصلاح حقيقي، وقبل أن يوقع مجمل الشعب على الميثاق بنسبة 98.4.
يكتب أحد الناشطين من شباب الثورة "البحرينيون غاضبون من الظلم الذي يقع عليهم والفساد والتوزيع غير العادل للثروات، لكنهم لا يحملون حقداً ولا يسعون للوصول إلى الحكم، إنهم طيبون وسريعوا التأثر، إنهم يريدون أن يثقوا في حكومتهم، ويريدون أن تسير الأوضاع باتجاه إصلاح حقيقي. إنهم متعبون من المواجهات أيضاً".