إبراهيم شريف: كم كبرت يا أبي؟
2011-05-13 - 2:32 ص
خاص ـ مرآة البحرين: من هو إبراهيم شريف؟ هو من أهم صنّاع خطاب الدوار الوطني، هو الشاهد الذي يسعفنا حين نجلس إلى الأطراف السياسية في الخارج، ونقول لها حركة دوار اللؤلؤة، حركة وطنية ومطالبها وطنية. هو الدليل على أن السلطة السياسية صارت تخاف الخطاب الوطني في الشارع وتحسب له السجن. هي لا تخاف الخطاب الوطني في الجمعيات وأبراج المثقفين، لكنها تخافه حين يصير دواراً ولؤلؤة وحركة جماهيرية. هو الدليل على أن سياسة السلطة في تطييف المعارضة قد أوشكت في حركة الدوار أن تفقد فاعليتها.
ظلت تتجنبه السلطة، وكأنها تتجنب دليلا يورطّها، أعجزها شريف بصلابته ومتانة أرقامه، وموقعه في الخريطة المذهبية. قوة شريف التمثيلية كسرت حتى قوة نواب التمثيلية البرلمانية. ظنت السلطة أنها ستكسر قوته التمثيلية الشعبية حين مكّنت نواب موالاتها من أن يفوزوا بتمثيل برلماني على حسابه في انتخبات 2006 و2010.
هو اليوم دليل على شراسة الحملة الأمنية التي يتعرض لها المواطنون، فلم يكن أحد في مستوى سلميته، ولا في مستوى حجته، ولا في مستوى اعتدال خطابه، ومدنيته، ولا في مستوى إيمانه العميق بالشراكة الوطنية مع جميع مكونات المجتع البحرين، كان وطناً جامعاً.
لقد حوّلت السلطات العسكرية في البحرين، اتصال شريف بمكونات الداخل ومحاولته الاتصال بمختلف مكونات الشعب (اتصالا بالخارج)، وحوّلت دعوته إلى ترشيد نظام الحكم ليتجه نحو الملكية الدستورية الحقيقية (تحريضا لقلب نظام الحكم)، واعتبرت وردته التي وقف بها أمام مجلس الوزراء (عنفاً)، ولم تكتف بذلك، حتى وجدت على لسان وزير الخارجية في دعوته لتأمين ضمانات لحوار وطني فاعل وجاد تهمة (رفض حوار ولي العهد). هل كان إبراهيم شريف؟ كل ذلك أم كان فوق ذلك؟
كان المعلم الأبرز في الدوار، كأنه كان يستعيد دور فلاسفة أثينا وهم يجوبون طرقها ليعلموا الناس مفاهيم الفضيلة السياسية والديمقراطية والعدالة والخير والنبل، كان شريف يتنقل بين خيم الدوار مناظراً، وشارحاً، ومجيباً، ومحاورا، وحالماً بدولة لا يرجف فيها الأمل.
لقد عاش بكله حدث الدوار لحظة بلحظة، وساهم باقتدار في صياغة خطاب المعارضة، أعطى كله لهذا الحدث حتى قال: "لقد كبرت ستين عاماً". لم يكبر وحده ستين عاماً بل كبرت حتى التجربة السياسة وكبر الشباب، لكن صغرت السلطة ستين عاماً، فلم نقبض على اللحظة التي هرم من أجلها ذلك التونسي الذي قال: "لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة".
صلابة شريف في المعتقل، جاءت امتدادا لصلابة مواقفه السياسية، لم يخذلنا أبدا، كان الرهان على كسره قوياً وكان خوفنا على سلامته قوياً، لكنه أصرّ على أن يبقى أميناً لتمثيل دور السياسي الشريف النادر الوجود.
هل كانت تعي محكمة السلامة الوطنية الابتدائية حين وجهت لك أمس تهمة "نشر الروايات بوجود تمييز طائفي" حجم السخرية التي أوقعتها أنت فيها؟ أنت الذي تجيد لغة الأرقام لا صناعة الروايات، أنت السني المذهب، أنت القومي الهوى، أنت المدني الأفق، أنت الوطني الحركة، أنت الوعدي الانتماء، أنت الشريف الاسم والصفة واليد والسيرة.