» تقارير
«لا شيء يوقفني سوى الموت»...«أم حسين» ثائرة خمسينية من رحم التسعينيات إلى ثورة 14 فبراير
2013-02-15 - 9:14 ص
مرآة البحرين (خاص): هي هناك، على كتفها العلم، وبيدها صور الرموز، تحضر بعنفوان الثورة. لايمنعها مانع عن تلبية نداء الوطن، لا كبر سنها ولا ثقل حركتها، لإيمانها أن الثورة يجب أن يتكاتف فيها الجميع، الشيخ الكبير والطفل الصغير، لذا سخرت نفسها ووقتها للثورة والثائرين.
أصبحت "زهرة الشيخ"، الامرأة الخمسينية المكناة بـ "أم حسين"، وهي ربة منزل من قرية السنابس، مثالا عظيما على الإصرار والعزيمة وشحذ الهمم في ثورة 14 فبراير.
حضورها الدائم واللافت في كل الفعاليات الاحتجاجية جعلها محط أنظار الجميع، صار الناس يبحثون عنها في كل مسيرة ليتعرفوا عليها وينهلوا من عزيمتها وإرادتها. ليس هذا فحسب، فحنانها الفائق وطيبتها وترحيبها بكل الناس جعل بعضهم يناديها بـ "ماما".
إلى جانب تواجدها الميداني الكثيف، كانت "أم حسين" قد كتبت عدة قصائد للثورة باللغة الدارجة، لكن أهلها قاموا بإتلافها خوفا عليها من الاعتقال.
لم تكن ثورة 14 فبراير التجربة الأولي لنضال "أم حسين"، إذ كان لها نشاط فاعل في أحداث التسعينات، فهي من القلة القليلة من النساء التي كانت تشارك إلى جانب الشباب في المسيرات الاحتجاجية التي تنظم في "السنابس" آنذاك، بما فيها تظاهرة ديسمبر التي سقط فيها أول شهيدين في التسعينات "هاني الوسطي" و"هاني خميس".
في فترة التسعينيات اتخذت لنفسها مهمة توصيل الشباب بسيارتها إلى أماكن آمنة عند حدوث المواجهات بين قوات الأمن والمحتجين، ونتيجة لذلك تعرضت للإهانات اللفظية والجسدية من قبل عناصر المرتزقة، وأدخلت ذات مرة للمستشفى بعد تعرضها لضرب مبرح بأعقاب البنادق، أدى إلى كسور ورضوض في جميع أنحاء جسمها.
"أم حسين" تعتبر الزعيم الديني الراحل الشيخ عبد الأمير الجمري رمز "الجهاد والممانعة"، وتتمنى لو أنه كان موجودا بيننا في هذه الثورة. معزة الجمري خالدة في قلبها، لسانها لا يكل ولا يمل عن ذكره وذكر مواقفه البطولية وتضحياته فترة التسعينيات، لم تنس أبدا الإقامة الجبرية التي فرضت عليه، وهي تتخيل أن الشيخ الجمري لو كان حاضرا في هذه الثورة لكان أول من يعتقل من الرموز.
في ثورة 14 فبراير، كان لأم حسين دور بارز، فهي ممن كان حاضرا في فتح دوار اللؤلؤة في المرتين الأولى والثانية، ثم صارت تحرص على الحضور للدوار يوميا رغم كل التزامتها، فالوطن بالنسبة لأم حسين أغلى وأثمن من أي شيء آخر.
عندما تتذكر هدم الدوار، تشعر "أم حسين" بغصة خانقة وحزن عميق، فهي لم تفارقه منذ أن خيم المتظاهرون فيه، وحسموا أمرهم بتحدي النظام حتى الرمق الأخير. إنه المكان الذي أشعرها بالعزة والكرامة، حتى نظمت لأجله القصائد. لكنها مؤمنة تماما بأنها ستعود يوما ما، وحتى يأتي ذلك اليوم ستظل قبضة يدها مرفوعة دائما في كل تظاهرة.
لم يوقف "أم حسين" أي شيء عن المشاركة في المسيرات الاحتجاجية أثناء فترة السلامة الوطنية، بل زاد ما حدث من إصرارها وعزمها على المشاركة والحضور، ولم يثنها بطش النظام وجبروته عن مواصلة المشوار الذي بدأته، بل وحث أبنائها على المشاركة في الميادين دوما.
"كل فرد منا سواء كان صغيرا أم كبيرا له دوره في نجاح الثورة، والنصر من الله آت لا محالة". نصيحة "أم حسين" للناس بأن يبقوا ثائرين مهما علت التضحيات، وأن لا يبرحوا الساحات مهما كلف الأمر.
"لا شيء يوقفني ما دام رأسي على جسدي"، تلك هي "أم حسين"، ثائرة، حتى بعد الخمسين من العمر.