» رأي
لماذا يجب رفض دعوة الحوار؟
جواد عبد الوهاب - 2013-01-24 - 7:40 ص
جواد عبد الوهاب*
هناك مثل انجليزي يقول:
If your wife tells you let us discuss it means set down and listen to me.
بمعني أنه اذا طلبت منك زوجتك أن تناقش موضوع معك فإنها تعني تعال واجلس واسمعني. وهكذا هي سلطات البحرين عندما تدعو المعارضة للحوار فإنها تقصد بذلك أن تأتي المعارضة وتجلس وتستمع إليها.
لقد قلنا مرارا أن مشكلتنا مع هذه السلطة تكمن بنيتها الشمولية وعقليتها القبلية البالية، فهي لا تزال تعتقد بأنها فوق الناس وفوق المجتمع وأن البلد بكل ما فيه ملكا لها وهي بهذه العقلية لا تستطيع أن تجلس مع من هو دونها أو أن تتفاوض على حقها.
وهكذا ومن منطق هذه العقلية جاء ردها على المبادرة التي تقدمت بها المعارضة بأن أوعزت إلى خادمين من خدامها، وممن لا يثق بهما شعب البحرين وهما وزير العدل الذي دافع عن التعذيب وهدم والمساجد، والثاني هي وزيرة شؤون الإعلام التي كان لها دور بارز في بث خطاب الكراهية وشق صف المجتمع البحريني. أوعزت لهما دعوة المعارضة حضور جلسات الحوار الفاشلة التي بدأتها في أبريل 2011 والتي انسحبت منها المعارضة أصلا.
لقد فجر الشعب البحريني ثورته في الرابع عشر من فبراير 2011 لأنه توصل إلى نتيجة مفادها أن المشكلة ليست في وجود نظام ملكي وراثي، بل المشكلة أم المشاكل هي حين تضفي هذه الملكية على نفسها كل ميزات نظريات الحق الإلهي والتيوقراطية والأوتوقراطية على هذا الشعب، وحين تتركز أخطر السلطات في يد الملك ويمنع الناس بالقوة من المطالبة بحقوقهم .
لقد وجد شعب البحرين بعد عقد من الزمن أن دولة القانون التي بشر بها النظام لا وجود لها على أرض الواقع، وأن ما سمي بالمشروع الإصلاحي ما هو إلا عملية تضليل كبيرة للرأي العام المحلي والاقليمي والدولي، حيث أن هذا المشروع خلا من كل القيم والمبادئ التي تنادي بها دولة القانون.
إن شعب البحرين وبعد التضحيات الكبيرة التي قدمها ولا يزال، لا يرغب في دخول حوار لا يفضي إلى أن يكون هو سيد نفسه وهو من يقرر مصيره، ويرفض الحوار الذي يفضي لتنفيذ إرادة السلطة التي تجاوزت كل القيم الإنسانية والأخلاقية فأمعنت في انتهاج سياسة الإذلال والتمييز وقامت بتهميش الأغلبية على كافة الصعد. بل تعاملت معه بقسوة عندما خرج مطالبا بحقوقه المشروعة فقتلت وسجنت وشردت واعتدت على الأعراض والمقدسات، بل استجلبت جيوش مجلس التعاون الخليجي لتمارس مع الشعب فن التنكيل وممارسة أبشع الإنتهاكات بحقه.
إن شعبنا البطل ثار لتغيير هذه المعادلة بعد أن يئس من الوعود، وقدم شبابنا أرواحهم لكي يمنعوا الإذلال .. لقد ثار شعبنا لأن أسباب ثورته على الظلم قد تحققت. إن ما يدور في البحرين منذ الرابع عشر من فبراير 2011 هو صراع بين فريقين: فريق يطالب بالديمقراطية والحرية والعدالة، وهو الشعب البحريني بكل مكوناته الايديولوجية والسياسية والمجتمعية والاثنية، وبين فريق يعمل على ابقاء الوضع على ما هو عليه دون تغيير رغم الحاجة الملحة لعملية التغيير اللازمة لتطوير واقع البلاد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
ولذلك فإن ما يدفع البحرينيون إلى استرخاص أنفسهم يتجاوز كل التشخيصات والحذلقات السياسية .. فاليأس في كثير من الأحيان يستولد الأمل من رماد الحياة، ومن صميم الموت ذاته. إن الذين يرفضون حوارا من هذا النوع ويقدمون أرواحهم في ساحات الوغي في البحرين ليسوا كارهين للحياة، وليسوا عشاقا موت، فلديهم ما لدى البشر من أسباب البقاء، لكن العدو الذي يقف كالسد بينهم وبين الحياة حول نفسه إلى مشروع موت، يطارد كل حي وميت منهم، إنما يقترح نفسه عدوا للحياة برمتها. وهكذا فإن شعب البحرين لن يدخل حوارا لا يلبي مطالبه التي أقلها حقه في الحياة.
عبر هذا القرار الحاسم يكون سلاح استمرار الثورة من قبل الجماهير والاصرار على الموقف من قبل المعارضة هو الرد المناسب على دعوة الحوار الأخيرة وهي الاستجابة الوحيدة الممكنة لتحد من هذا الطراز.
ولكي لا يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى، ولكي لا تأتي مجموعة من المشككين في موقف الشعب، فإن استمرار الثورة ضرورة، ولن نصل إلى مطالبنا إلا باستمرار الثورة.
*كاتب من البحرين.