» تقارير
زينب الخواجة: «العربية الغاضبة» على الدرب نفسه
2013-01-07 - 8:08 ص
مرآة البحرين: اختارت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية هذا العام 2012، زينب الخواجة واثنين من عائلتها، إضافة إلى الحقوقيّ نبيل رجب، ضمن قائمتها لأكثر 100 شخصيّة مؤثرة في العالم. وفي ذكرها لدواعي الاختيار، قالت المجلة التي أسّسها العام 1970 صاموئيل هانتنغتون، صاحب نظرية «صدام الحضارات» وأحد أهم محللي العلاقات الدولية «إنهم أصروا على تفعيل مبدأ حرية التعبير حق للجميع، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه الإنسان».
لقد ضمّت قائمة «فورين بوليسي» 4 شخصيّات بحرينية، اثنتان منهما من النساء، واحتلّ الأربعة بصورة متضامنة المرتبة 48.
قد لا يكون هناك مثال أقرب من ذلك، يؤشر على حجم الاعتراف بنفوذ المرأة البحرينية في الحراك السياسيّ المستمر منذ 14 فبراير/ شباط 2011، والذي يشكّل ظاهرة استثنائية، حيث لم تشهد البحرين مثيلاً له باعتراف معارضين ليبراليين، بما في ذلك، تلك الفترة التي تميّزت بالانفتاح ونشاط الحركة اليسارية.
بل أن باحثاً يسارياً، وهو عبدالهادي خلف، الذي يشغل كرسيّ أستاذ في جامعة «لوند» بالسويد، ربط بين إسراع الحكومة «في تخريج فرق نسائية ضمن قوات مكافحة الشغب التي تتولى مواجهة المسيرات والأعمال الاحتجاجية»، وهي ظاهرة تحصل لأول مرة وصار مألوفاً رؤيتها في الشوارع ولدى التصدي للمسيرات الاحتجاجية منذ 14 فبراير/ شباط، بالنشاط السياسي المتزايد في صفوف النساء، بعد أن كان في السابق محتكراً بيد الرجل.
زينب الخواجة واحدة من هؤلاء النسوة اللائي يتم الحديث عن دورهن، في هذا السياق، بمزيد من الإعجاب، وكواحدة من صور الملحمة التي برز فيها دور المرأة. وقد جسّدت بعنادها الذي انتهى بها إلى السجن نحو ثمانيّ مرّات، صورة أخرى للمرأة البحرينية والخليجية، وسط مجتمعات عرفت بالمحافظة.
لم يكن اعتقالها الأخير (10 ديسمبر/ كانون الأول 2012)، بعد أن حاولت كسر الحظر المفروض على أحد المصابين في التظاهرات، بزيارته خلسةً في المستشفى، إلا حلقة في مسلسل اعتقالاتها الطويل. فقد تحوّلت عمليات احتجازها المتتكررّة إلى ما يشبه «الروتين». كما لو أن هناك من يعمل في الخفاء على إشاعة إحساس ضمنيّ، يجعل من زجّ امرأة في السجن، كالخواجة، نوعاً من «المجرّد» و«العاديّ» في الحياة السياسية للبحرينيين.
هكذا في الأقل، عملت السلطات مع زميلها في مركز البحرين لحقوق الإنسان، الحقوقيّ نبيل رجب، قبل أن تقرّر محاكمته، وسجنه. قد يكون كلّ منهما يدفع الضريبة الآن، وهو قابع في سجنه، لكن يمكن المجادلة، بأنهما ساهما في جعل سقف الكلام، أرفع، ومسألة كسْر المحظورات، شيئاً عادياً.
تكتب الخواجة في «تويتر» تحت اسم مستعار «العربية الغاضبة»، الذي عرفت بنقلها للأحداث من خلاله، خلال فترة الاحتجاجات السياسية، ولاحقاً لدى اعتقال والدها وزوجها (9 أبريل/ نيسان 2011). في 15 يونيو/ حزيران 2011 اعتقلت لمدة سبع ساعات بعد أن اعتصمت مع امرأتين أمام مبنى الأمم المتحدة في المنامة لمطالبة المجتمع الدولي بالضغط لإطلاق سراح «السجناء السياسيين».
كما اعتقلت عدة مرّات أخرى: 15 ديسمبر/ كانون الثان 2011 بعد أن اعتصمت في دوار على شارع البديع، غربي المنامة. 12 فبراير/ شباط 2012 أثناء مشاركتها في مسيرة إلى دوار اللؤلؤة. 5 أبريل/ نيسان 2011 أثناء مشاركتها في مسيرة إلي وزارة الداخلية. 21 أبريل/ نيسان 2012 لدى مشاركتها في احتجاجات ضد إقامة الفورمولا واحد. 24 مايو/ أيار 2012 قضت المحكمة بسجنها شهراً بتهم التجمهر. 6 أغسطس/ آب 2012 بعد مشاركتها في فعاليات تقرير المصير. 10 ديسمبر/ كانون الثاني 2012 أثناء زيارتها المصاب عقيل عبدالمحسن في مستشفى السلمانية.
في أبريل/ نيسان الماضي تداول نشطاء مقطع فيديو مؤثر يظهر زينب الخواجة، وهي تصرخ جاهشة في البكاء: «بابا» أمام مبنى «القلعة» الذي يضم مكاتب وزارة الداخلية، ومركزاً عرف لعشرات السنين بأنه مركز لاستجواب المناضلين السياسيين. كانت الأنباء قد تحدثت عن تدهور صحة والدها، الحقوقي عبدالهادي الخواجة، الذي باشر إضراباً «عنيداً» عن الطعام ناهز 80 يوماً. الخواجة البنت على الدرب نفسه.
*ينشر بالتعاون مع رابطة الصحافة البحرينية.