» تقارير
حصاد الصحف العربية: عام تلون بدم الشهداء ودخان الغازات السامة لم يحجب الانتهاكات... ودعوات حوار السلطة الشكلية
2013-01-03 - 3:40 م
مرآة البحرين (خاص): لم تفارق الأحداث في البحرين الصحف العربية أو الخليجية. لقد بقيت الأزمة حاضرة بقوة، على الرغم من محاولات السلطة التعتيم على ممارستها وقمعها الدموي للمتظاهرين الذين لم يتخلوا عن سلميتهم.
بداية العام تلونت بالأحمر القاني مع استشهاد الفتى سيد هاشم سعيد (15 عاما) الذي أصيب بقنبلة مسيلة للدموع في الرأس مباشرة. وشهد تشييع الفتى مواجهات مع رجال الامن وتخللها اعتقال عدد من المتظاهرين.
وفي محاولة لاحتواء الضغوطات، اعلنت السلطات البحرينية عن تشكيل هيئة قضائية مكلفة مراجعة الأحكام التي أصدرتها محكمة شبه عسكرية بحق المشاركين في تظاهرات مارس عام 2011، واعتبرت الصحف المؤيدة للنظام هذه الخطوة "تجاوباً مع توصيات لجنة بسيوني المستقلة" كما عمدت إلى "استبدال بعض رؤساء الاجهزة الامنية لكن هذه الخطوة لاقتها المعارضة بالتشكيك" .
ومع امعان السلطات في انتهاك حقوق الانسان والاعتداء على الناشطين الحقوقيين ومنع مسؤولي المنظمات الدولية من دخول البلاد، أعربت واشنطن عما اسمته قلقها إزاء استمرار حوادث العنف بين الشرطة المتظاهرين، وحثت الحكومة على تنفيذ توصيات لجنة بسيوني المستقلة.
الملك والأعلان عن إصلاحات
وجاء خطاب الملك حمد بن عيسى آل خليفة وكأنه استجابة للضغوطات وأكد "عزم الملك" على إجراء تعديلات دستورية على مجلسَي النواب والشورى، بناءً على نتائج الحوار الوطني، ولم يتطرق خطاب حمد للاشتباكات التي كانت تقع بشكل شبه يومي بين شرطة مكافحة الشغب والمعارضة.
وقالت الصحف العربية والخليجية أن جمعيات «وعد» و«الوفاق» و«القومي» و«الوحدوي» و«الإخاء»، اصدرت بياناً مشتركاً نشر على موقع «الوفاق»، أكد إن "التعديلات المزعومة تمثل ارتدادا وتراجعا فاضحا وغير مقبول قانونيا أو سياسيا محليا وعالميا".
ودفع التوتر الامني واشنطن الى الاعلان انها "ستنقل احترازيا أفراد طاقم سفارتها في البحرين مع عائلاتهم لأسباب أمنية، وحذرت مواطنيها المسافرين إلى البحرين من اضطرابات محتملة في المملكة مع اقتراب ذكرى انطلاق الثورة في 14 شباط المقبل.
ودفع القمع المتواصل منظمة مراسلون بلا حدود الدولية إلى تصنيف البحرين من "الانظمة القمعية بامتياز" وحلت في المرتبة 173 لتتراجع 29 مرتبة بسبب "قمعها العنيف للحركات المطالبة بالديموقراطية ومحاكماتها للمدافعين عن حقوق الانسان والغائها كل هامش حرية".
وشهدت بدايات شهر فبراير/شباط دخول 150 سجينا اضرابا عن الطعام ما دفع الشرطة إلى مهاجمتهم واطلاق قنابل مسيلة للدموع في إحدى الزنزانات" وكان الناشط عبد الهادي الخواجه ـ وهو أحد زعماء المعارضة الـ13 المضربين عن الطعام ـ قد نقل "إلى المستشفى .
وبالتزامن مع اضراب السجناء بدأت المعارضة اضراباً مفتوحاً في "ساحة الحرية" بمنطقة المقشع، غرب المنامة، من أجل نيل مطالبها الإصلاحية".
قمع في الذكرى الأولى للإنتفاضة
ومع اقتراب الذكرى السنوية لانتفاضة الرابع عشر من فبراير، رفضت السلطات البحرينية منح تأشيرات دخول لمراسلي وسائل إعلام دولية عدة، بما في ذلك مراسل "فرانس برس" الذي كانت تنوي الوكالة إيفاده لتغطية الذكرى الأولى للاحتجاجات في المملكة. وبررت هيئة شؤون الإعلام في البحرين إنه ليس ممكناً منح وكالة الصحافة الفرنسية تأشيرة في الوقت المطلوب " بسبب العدد الكبير من الطلبات" الذي تقدمت بها وسائل الإعلام.
كما احتلت الصدامات بين رجال الأمن والمتظاهرين الصفحات الرئيسية للصحف العربية والخليجية، وأشار بعضها إلى استخدام الشرطة للقنابل المسيلة للدموع والمدرعات في مطاردة المحتجين قرب دوار اللؤلؤة، وتحدثت الصحف عن توثيق إصابة أكثر من 100 شخص بينها 37 بالغة، مع إصابات في الرأس وكسور». كما صدرت مواقف سياسية تصعيدية للمسؤولين البحرينيين كان ابرزها موقف قائد الجيش المشير خليفة بن أحمد آل خليفة الذي اعتبر أن "ما يجري في البحرين محاولة انقلابية".
هذا، وقد اعلنت السلطة طرد ستة ناشطين أميركيين شاركوا في "تظاهرات غير مرخصة"، ليرتفع إلى ثمانية عدد الناشطين الأميركيين المبعدين خلال أربعة أيام.
ارتفع مستوى المواجهة في الشارع البحريني مع انسداد أفق التوصل إلى أي حلّ للأزمة نتيجة رفض السلطة الاستجابة الفعلية لمطالب المعارضة، وشهدت القرى البحرينية اشتباكات عنيفة مع بدايات مارس/آذار أسفرت عن وقوع اصابات عدة.
وبعد تظاهرات التاسع من آذار/مارس التي شارك فيها خمس سكان البحرين تحت عنوان "العزة" بدعوة من آية الله عيسى، لبت الجماهير دعوة أخرى للتظاهر تحت عنوان "الصمود والتحدي" وتزامنت تزامنت مع سباق الفورمولا واحد في 22 من مارس وكان هدفها "إيصال صوت المعارضة المطالب بالتحول الديمقراطي في البحرين".
وقد اثارت هذه الدعوة حفيظة رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة الذي هاجم المعارضة واتهمها بمحاولة "افتعال المناوشات والأحداث للإضرار بالاقتصاد الوطني".
في هذه الاثناء عادت قضية المعتقل عبد الهادي الخواجة المضرب عن الطعام منذ أكثر من شهرين إلى الحضور بقوة مع رفضه التغذية بالمصل في العروق، واعادت السلطات اعتقال الناشط الحقوقي نبيل رجب، كما اعلنت وزارة الداخلية "ان اربعة شرطيين أصيبوا بجروح جراء انفجار وقع منطقة بني جمرة.
الإعلام الأجنبي يضخم الأحداث!
اظهرت السلطة تبرماً واضحاً من الاعلام الأجنبي وعبر الملك وغيره من المسؤولين البحرينيين عن انزعاجهم الكبير من هذا الاعلام، حيث اتهم حمد بن عيسى آل خليفة في خطاب له لمناسبة يوم الصحافة العالمي الاعلام الأجنبي بتضخيم الاضطرابات والتحريض على العنف في البحرين بعد أن استضافت البلاد سباق سيارات الجائزة الكبرى فورمولا 1 شهر آذار /مارس الذي تحول إلى صداع إعلامي.
من جانبه رفع رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة خلال تصريحات لمجلة «دير شبيغل» الالمانية من نبرته السياسية وقال "ان حكومته لن تتسامح مع الارهابيين المدعومين من بلاد فارس وحزب الله الارهابي الذين وان حملوا الجنسية البحرينية الا ان الدماء الفارسية تجري في عروقهم وتوجه ولاءاتهم وانتماءاتهم لغير محبة وطنهم البحرين"! كما أكد "ان الارهابيين لم يقبلوا ما نقترحه من عروض واصلاحات لأن التعليمات التي تأتيهم من طهران تأمرهم بذلك"!
الخواجة يوقف اضرابه ...وإعادة اعتقال رجب
في شهر يونيو، اعلن الناشط عبد الهادي الخواجة وقف اضرابه عن الطعام بعد مئة وعشرة أيام من بدئه، وفي الوقت نفسه مقاطعته لجلسات المحكمة لأن «القضاء غير مستقل». وقال الخواجة أن «المطلب المباشر للإضراب وهو الحصول على الحرية لم ينجح، ولكن نجح الناشطون وأفراد الشعب في تسليط الضوء على المعتقلين»، وهو ما اعتبره «الغاية الأشمل».
كما قضت محكمة الاستئناف بإدانة تسعة أطباء بتهم تتصل بمعالجة جرحى المواجهات في التحركات الشعبية في فبراير عام 2011 ، وبرأت تسعة آخرين وقد أثارت هذه القضية انتقادات دولية. وعقب هذا الحكم اعلن الطبيـب سعيد السماهيجي ـ وهو احد الاطباء التسعة أطباء ـ بأنه قرر الإضراب عن الطعام احتجاجاً على الاتهامات القاسية والمفبركة"، وبهدف لفت انتباه المجتمع الدولي إلى محنة الأطباء.
إلى ذلك اعلنت وزارة الداخلية البحرينية أنها ألقت القبض على خمسة متهمين من قائمة الـ20 "مطلوبا للعدالة في عدة تفجيرات" وأشارت الصحف إلى "أن المطلوبين لهم بصمات في ثلاثة تفجيرات شهدتها البلاد في أبريل (نيسان) ومايو (أيار) الماضيين". كما اعلنت الوزارة عن الكشف عن مواقع لتصنيع ما اسمته المتفجرات، واعتبر وزير الداخلية الفريق الركن راشد بن عبد الله آل خليفة، أن "المواد والمواقع التي جرى كشفها من قبل رجال الأمن تصعيدا نوعيا خطيراً، يقف وراءه تيار متطرف يريد جر البلاد إلى الفوضى واستمرار الأزمة، ولا يريد الخروج من حالة التأزيم والتوتر"!
حل جمعية العمل الإسلامي
وأضافت السلطة إلى لائحة انتهاكاتها لحقوق الانسان، قراراً جديداً قضى بحل منظمة "العمل الاسلامي" وقد برر القضاء هذا القرار بـ"تسجيل انتهاكات عدة لقانون الجمعيات، بينها عدم انعقاد مؤتمر للمنظمة طوال أربعة أعوام، وعدم وجود حسابات تتعلق بماليتها، بالإضافة إلى أنها تتبنى «إيديولوجيا تدعو إلى العنف بشكل علني».
وعلى وقع القمع المتواصل وتسجيل مزيد من الاعتقالات والمداهمات جاءت مواقف الملك في (اغسطس) لتزيد من التوتر إذ قال انه مرت في" هذه السنة ظروفا عصيبة بسبب تلك الأطماع والمؤامرات الخارجية التي لم تنقطع، ووقفنا جميعا وقفة رجل واحد، في وجه دعاة الفتنة، وواجهناهم بكل حزم وعزم كما يفرضه الواجب الملقى على عاتقنا، والمسؤولية العظيمة التي نتحملها في الدفاع عن هذا الوطن وصيانة وحدته وحماية شعبه».
ومع تثبيت الاحكام بالسجن بحق رموز المعارضة التي وصلت إلى المؤبد وقعت صدامات بين المتظاهرين ورجال الامن، وقد ادانت الجمعيات السياسية هذه الاحكام، ووصفتها بـأنها «انتقامية" فيما أبدت واشنطن انتقادها لهذه الاحكام، كما أكدت منظمة العفو الدولية "غياب موازين الحكم العادل.
وفي منتصف سبتمبر، أخذ الصراع بين السلطة والمعارضة شكلاً جديداً في مجلس حقوق الانسان في جنيف مع مراجعة ملف حقوق الانسان في البحرين حيث تعرضت السلطة لانتقادات عنيفة بالرغم من تحضيرها لهذه الجلسة وترأس وزير الخارجية خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة الوفد الرسمي عوضاً عن وزير الدولة لحقوق الإنسان الدكتور صلاح علي لـ«تلافي التقصير في الرد على توصيات الجلسة الماضية».
الملك يصف المعارضة بـ"الفئة الضالة"
وخلال افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الثالث للمجلس الوطني البحريني قال الملك إن «البحرين ماضية في الإصلاح والأولوية للتعديلات الدستورية لترسيخ الديموقراطية وتعزيز الشفافية وحقوق الإنسان وحرية الرأي»، مؤكداً أن «باب الحوار مفتوح للجميع».
ووصف حمد المعارضة بـ«الفئة المضللة» التي تسعى لتشويه صورة البحرين في الخارج، وتحاول الاستعانة بمن لا يعنيهم الأمر بالتدخل في الشأن الداخلي".
وترافقت هذه المواقف مع استدعاء الامين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان للتحقيق معه عقب زيارة له للقاهرة ووجهت له تهمتين هما "إذاعة أخبار كاذبة في الخارج" و"التدخل في شؤون دولة أخرى"، حيث تم الإفراج عنه بعد عدة ساعات.
ومع اقتراب حلول الشهر ما قبل الأخير من العام المنصرم، أعلنت الداخلية عن مقتل شرطي في هجوم بقنبلة يدوية الصنع في قرية العكر، وسارعت جمعية "الوفاق" إلى ادانة استهداف الشرطة والعقاب الجماعي الذي سبق وأعقب هذا الاستهداف". وقد اشارات «الوفاق» إلى أن العنف قد حصد أربعة من أرواح المواطنين ورجل شرطة خلال هذا الشهر وتسبب في جرح العشرات»
اسقاط الجنسية عن 33 معارضا!
وأضافت السلطة نوعاً جديداً من الانتهاكات مع اسقاط الجنسية عن 31 معارض في خطوة اعتبرت "تصعيداً ضد المعارضة في الداخل والخارج"، وقد لاقت هذه الخطوة ادانة واسعة من المعارضة واعتبرت غير قانونية كما ادانتها منظمات حقوقية وانسانية دولية .
وقد اصدرت منظمة العفو الدولية بياناً أكدت فيه "أن البحرين لم تف بوعود الإصلاح التي أطلقتها، وأعادت إتباع إجراءات قاسية في إطار محاولاتها الرامية إلى قمع الانتفاضة".
ومع اقتراب مناسبة عيد الشهداء الذي يتزامن مع مناسبة العيد الوطني وذكرى تنصيب الملك، كثفت المعارضة من تحركاتها الشعبية فواجهتها السلطة بالقمع والاعتقالات وتمكن المتظاهرون من إغلاق العديد من الشوارع العاصمة المنامة فيما اعتبر ضربة موجعة للنظام.
ولم يختلف الشهر الأخير عن الأشهر السابقة، اذا بقيت التظاهرات وبقي القمع متواصلاً مع محاصرة العديد من القرى وملاحقة الشبان ومداهمة منازلهم من دون ان يظهر في الأفق أي بوادر للحل وظهر بشكل واضح أن دعوات الحوار التي اطلقت سابقا عبر ولي العهد أو غيره لم تكن إلا محاولات لتلميع الصورة سرعان ما ينكشف زيفها مع تشديد القبضة الامنية وتغليب الخيار الأمني على الحل السياسي.