» تقارير
حصاد المحاكم: المعذبون والمعذبات أصدقاء القضاة
2013-01-02 - 6:32 م
مرآة البحرين (خاص): قضايا التعذيب، لا تختلف طريقة سيرها عن قضايا القتل، ولازال الجناة طلقاء في حين ينتظر المجني عليهم إنصافهم من القضاء، وقد وثق تقرير تقصي الحقائق غيض من فيض من الحالات التي وقعت.
ونموذج على ذلك تعرض الصحفية نزيهة سعيد مراسلة (راديو مونت كارلوا) وقناة فرنسا 24 للتعذيب في مركز شرطة الرفاع، وقد اتهمت في قضية تعذيب نزيهة ملازم ثاني بوزارة الداخلية باستعمال القوة لحمل نزيهة على الاعتراف بأنها قامت بضربها بيدها بواسطة أنبوب بلاستيكي وركلها في أنحاء مختلفة من جسمها وهي جريمة تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد وفقاً لنصوص المواد 75/4 و107/1 و208/1 من قانون العقوبات وقد اصدرت المحكمة الكبرى الجنائية بجلسة 22 اكتوبر 2012 حكماً ببراءة الضابطة، وقد استأنفت النيابة العامة ذلك الحكم أمام محكمة الاستئناف العليا الجنائية وعقدت المحكمة جلسة في 30 ديسمبر 2012 لتقديم الدفاع من محامي الضابطة دون أن تقدم النيابة أي جديد في القضية ومحامي الضابطة قال أمام المحكمة أنه يتمسك بمرافعته في الجلسة السابقة لأن النيابة لم تبرز أي جديد بني عليه استئنافها، وقد حجزت محكمة الاستئناف في ذلك اليوم جلسة 24 فبراير 2013 موعداً للحكم.
وبحسب تقرير لجنة تقصي الحقائق، في البند 1603 فقد ثبت إهانة الصحفية نزيهة وسبها وتعرض عدد من ضباط الشرطة لها بالركل والضرب بخرطوم مطاطي (هوز) مرارا وتكرارا وتعرضها للصعق بالكهرباء على ذراعيها، وسكب البول على وجهها وحشر حذاء في فمها، ووضع رأسها في المرحاض لمحاكاة الإحساس بالغرق وفي نهاية التحقيق أكرهت على التوقيع على ورقة لم يسمح لها بقرائتها.
وبتاريخ 24 مايو 2011 فحصت نزيهة من قبل أطباء من منظمة أطباء بلا حدود في البحرين حيث انتهوا إلى أن الإصابات تتفق مع ما تحدثه عادة عدة صدمات قوية وأشياء رفيعة (سوط أو عصا) وعريضة (قبضة يد أو حذاء).
معذبو الأطباء
أما الأطباء فلم ينجوا أيضاً من التعذيب، ولكن قضية واحدة فقط أحيلت للقضاء لينظر فيها بعد أن وجهت النيابة العامة لضابط في الأمن العام أنه في شهر مارس/آذار وأبريل/نيسان 2011، وبصفته موظفاً عمومياً، استعمل التعذيب والقوة والتهديد بنفسه، وبواسطة غيره، مع السيد مرهون الوداعي، أحمد عمران، غسان ضيف وباسم ضيف، كما وجهت النيابة العامة للضابطة أنها وبصفتها موظفة عمومية (ملازم أول)، استعملت التعذيب والقوة والتهديد مع زهرة السماك وخلود الدرازي، ولا زال القضاء ينظر في تلك التهم وقد قررت المحكمة الكبرى الجنائية في يوم الثلثاء 18 ديسمبر 2012 إحالة القضية (ضابط وضابطة اتهما بتعذيب 6 من الكادر الطبي) إلى المجلس الأعلى للقضاء، ويأتي ذلك بعد أن طلب المحامي علي الجبل في الجلسة السابقة تغيير أحد أعضاء هيئة المحكمة؛ لكونه من عائلة أحد المتهمين ذاتها (العائلة الحاكمة) في حين المتهمين مفرج عنهم رغم جسامة الجرائم المنسوبة إليهم.
وقد بين تقرير تقصي الحقائق في البند 1186 أن عدداً من الطواقم الطبية قد تعرض للتعذيب وأورد ما تعرض له الدكتور علي العكري في ذات البند الفقرة (أ) حيث ذكر أنه قد قضى 15 يوماً في إحدى المواقع العسكرية يعتقد انه سجن قرين التابع لقوة دفاع البحرين حيث تعرض للتعذيب وإجباره على اكل برازه، ثم اقتيد الى ادرة التحقيقات الجنائية واجبر على توقيع اوراق لم يعرف محتواها، وفي 5 إبريل 2011 نقل إلى مركز توقيف الحوض الجاف وتعرض للتعذيب لمدة 5 أيام.
وقد أورد التقرير في ذات البند الفقرة (د) إفادة أحد أفراد الطاقم الطبي الذي وضع في زنزانة انفرادية وتعرض للتعذيب على يد عسكريين ملثمين لمدة شهرين ونصف، كما استخدمت في إحدى جلسات السؤال الكلاب النابحة، وفي جلسة أخرى تمّ تهديده وإهانة كرامته حتى وقع على اعتراف بجرائم لم يقترفها.
وفي نهاية مارس 2011 اقتيد لإدارة المباحث الجنائية وبقي لمدة أسبوعين حيث تعرض للتعذيب ولم يسمح له بالجلوس، كما حرم من النوم والتهديد بالاعتداء الجنسي وتعرض للتحرش، وقد جرى سؤاله 4 مرات وأجبر على التوقيع على إفادة كل منهم.
معذبو الرموز
وفي قضية الشيخ محمد حبيب المقداد، التي أتهم فيها ضابط وشرطيان بالاعتداء على سلامة جسم الشيخ المقداد أثناء القبض عليه، فقد برأت المحكمة الصغرى الجنائية الثالثة في 19 ديسمبر 2012 الضابط والشرطيين من تهمة الاعتداء بالضرب، وقالت المحكمة في أسباب الحكم أن الاعتداء على المجني عليه كان بحق خوّله القانون لسلطة القبض في حال المقاومة وخشية تعرض رجال الأمن للضرر.
وبحسب تقرير لجنة تقصي الحقائق، فإنه ورد في البند 1172 "قامت قوات الأمن البحرينية بشكل منهجي باقتحام المنازل للقبض على بعض الأفراد، الأمر الذي أدى إلى ترويع ساكني هذه المنازل، حيث قامت قوات الأمن بشكل متعمد بتحطيم الأبواب واقتحام المنازل عنوة وفي بعض الأحيان سلبها... وفي العديد من الحالات المسجلة طلب من النساء الوقوف بملابس النوم التي لم تستر أجسادهن بما يكفي".
وفي الفقرة 1178 "خلصت اللجنة إلى أن عمليات القبض الموسعة التي تمت بناءً على النمط الموصوف عاليه تعد انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان وكذلك للقانون البحريني، وعلى وجه الخصوص، قامت قوات الأمن بإجراء عمليات القبض دونما إبراز أوامر قبض أو تفتيش. وكذلك، خلصت اللجنة إلى أنه في العديد من الحالات شكل أسلوب القيام بعمليات القبض استخداماً مفرطاً للقوة، صاحبه سلوك مثير للرعب قامت به قوات الأمن، بالإضافة إلى التسبب في إتلاف غير ضروري للممتلكات، وكل هذا في مجمله يعكس اخفاقاً في اتباع الإجراءات الملائمة التي زعم كل من وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني أمام محققي اللجنة انهما قاما باتباعها (...) وكذلك، لم يتم إخطار محققي اللجنة بأية تحقيقات بدأتها الجهات المذكورة المشاركة في هذا النوع من عمليات القبض بناءً على الشكاوى التي قدمها الأشخاص المقبوض عليهم أو أفراد أسرهم، الأمر الذي يمثل نمطاً من عدم الاكتراث بالانتهاكات التي حدثت لأية إجراءات قد تكون موجودة".
وفي الفقرة 1179 "ويشير تواجد نمط سلوكي منهجي إلى أن هذا هو أسلوب تدريب هذه القوات الأمنية وأن هذه هي الطريقة التي من المفترض أن يعملوا بها، وأن هذه الأحداث لم تكن لتحدث دون علم الرتب الأعلى في تسلسل القيادة داخل وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني".
وفي الفقرة 1231 ورد التالي"اشتركت ثلاثة أجهزة حكومية في التحقيق مع الموقوفين في الفترة من 17 مارس حتى 10 يونيو 2011م، وهي: وزارة الداخلية – جهاز الأمن الوطني – قوة دفاع البحرين".
وورد في دستور مملكة البحرين (المادة 19 د) "لا يعرّض أي إنسان للتعذيب المادي أو المعنوي، أو للإغراء، أو للمعاملة الحاطة بالكرامة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك. كما يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منها".
وفي الفقرة 1241 ورد: "وقد تلقت اللجنة أدلة تشير إلى ان بعض الحالات تغاضى العاملون في السلك القضائي والنيابة العامة ضمنياً عن هذا الافتقار إلى المساءلة".
ونظرت المحاكم كذلك في قضية تعرض الشاعرة آيات القرمزي، إذ اتهمت ضابطة بصفتها موظفاً عاماً برتبة ملازم أول في وزارة الداخلية اعتدت على سلامة جسم آيات والتي تصل عقوبتها إلى الحبس مدة سنتين وفقاً لنص المواد 75/4 و 107/1 و 339/1،2 من قانون العقوبات ولا تزال المحكمة تنظر في الدعوى والمتهمة لم يتم توقيفها.