عقدُ الأمين الأول
علي الأسود - 2024-12-30 - 2:28 م
لم تكن السنوات العشر الماضية تخلو من حضوره، ولم يغب عن الساحات في كل مفصل، تراه يتابع الأحداث ويحلل المشهد ويعطي رأيه بوضوح في كل المنعطفات التي مرت بها البحرين والمنطقة، أمين عام الوفاق سماحة الشيخ علي سلمان الرجل المتقدم في الفهم السياسي الطامح لإنشاء منظومة وطنية متكاملة قادرة على مواكبة التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الرجل الذي أرسى مفهوم الدولة المدنية الحديثة التي تنتهج الإسلام وتعطي الحقوق والحريات اللازمة للمجتمع كي يتطور، في أحاديثه المشهورة الكثير من العناوين والأفكار والرؤى السياسية التي لو انتهجتها الدولة لصرنا في مواقع متقدمة على مستوى المنطقة، هذه القناعة كانت لدى الكثير من البعثات الدبلوماسية التي يلتقي بها أمين عام الوفاق خلال الأحداث التي عصفت بالبلاد وبعدها في الداخل والخارج، كان السؤال دائماً، ماذا بعد تجربة الدخول في البرلمان وهل هي مجرد محاولة لتغيير الواقع السياسي في البلد ام انها مشروع نهضوي جديد؟ هذا السؤال كان يجيب عليه الشيخ علي سلمان في لقاءاته مع الرؤساء والمعنيين بالشأن العام، مطلبنا {دولة القانون} التي تعطي الجميع حقوقه وتساوي بين المواطنين دون تمييز أو تقصير في حق المواطن والمقيم. بعد اعتقال الشيخ علي كان لنا لقاء مع أحد السفراء الغربيين الذين خدموا في البحرين أثناء الحراك المطلبي وكان السؤال بشكل مباشر لأعضاء البعثة؛ هل توقعتم إعتقال أمين عام الوفاق وماذا يمكن أن يحدث بعد؟ الجواب بشكل واضح: لم يتوقع أحد في وزارة الخارجية أن تقدم سلطات البحرين على إعتقال أمين عام الوفاق ولم ندرس خيرات غيابه عن المشهد السياسي والأصعب ان من اتخذ هذا القرار لا يدرك حقيقة خطر تغييب رجل السلام والسياسية والسلم الأهلي عن المشهد لاختلاف الظروف المحيطة بنا جميعاً ! الكلام لمسؤول كبير في الخارجية الأمريكية وزاد بشكل ساخر على هذا (أغبى قرار توقعناه). ما يهمني في هذا الطرح هو وجود قناعة واضحة لدى الجميع بأن دور الوفاق ممثلة بأمينها العام مهم جداً بالنسبة لاستقرار الأوضاع في البلاد وأن استمرار الاعتقال هو تأجيل للحل السياسي ليس إلا، وان المعطيات الحالية تشير إلى وجود اكثر من تصور حول استمرار حبس الشيخ الذي قضى عشرة أعوام خلف القضبان اعتقالاً تعسفيا بحسب ما صرحت به خارجيات الدول العظمى في العالم بالإضافة إلى الامم المتحدة والاتحاد الأوربي فضلاً عن المنظمات الحقوقية المعتبرة.
ماذا بعد الاعتقال كان سؤالاً لم تحصل السلطة اجابة عليه، حيث استمر دور الامين العام للوفاق الذي يحظى بشعبية كبيرة وواسعة في الداخل والخارج، اما عن دور الشيخ علي سلمان في المرحلة المقبلة فهذ يتطلب مزيد من الوقت والمعطيات.
ان اهم ما يميز أطروحة الشيخ المعتقل هو العودة للحياة النيابية والشراكة السياسية وهو ما قدمته الوفاق لاحقاً في مشروعها المعنون بوثيقة البحرين التي تمحورت حول الشراكة السياسية كحق أصيل للمواطن بدون اي تمييز او استثناء.
كما ان عملية الاصلاح تحتاج ايضاً لمقومات كثيرة وأهمها الاعتراف بأهمية وجود معارضة حقيقية تسهم في بناء الدولة عبر الرقابة المباشرة على الاداء الحكومي والتشريع في البرلمان والمحاسبة بحسب ما تقتضي المصلحة وهو ما دأب أمين عام الوفاق على طرحه ونقاشه مع مختلف طبقات السلطة السياسية.
اننا لم نصل بعد لمرحلة تأهيل المجتمع للديموقراطية الصحيحة المبنية على فكر نهضة الدولة لا الفرد او الأسرة او القبيلة والتي لا تنظر إلى المجتمع على أساس الطبقية الاجتماعية أو الدينية أو المذهبية التي تقسم الناس وتعطي بعضاً منهم حقوقاً وتحرم آخرين. الحرية لمعتقل الرأي والضمير الشيخ علي سلمان الذي قدم الكثير من حياته لأجل الوطن والمواطن دونما استثناء أو تمييز.