حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق

2024-11-13 - 11:06 م

د. الشيخ علي الكربابادي: في الثقافة البريطانية إذا أردت أن تقول: "لا" بشيء من اللباقة فقل: أنا لست متأكدا! وهكذا هو لسان الحال فيما إذا كان هناك أفق لتطبيق الديمقراطية في البحرين. عنوان ندوة "سلام" ومقاربة مجريات الحوار مع مجريات الساحة وعقلية الحكم في البحرين توحي بشيء من استثارة النشاط السياسي ومحاولة إنعاش التجربة الديمقراطيةالميؤوس منها. لا شك أن مفردة الديمقراطية لا تستهوي بمقدار ما تستهوي مفردة العدالة، لكن لا مشكلة في البين! منذ 2000م هل كان هناك شيء يذكر؟ هل قدم سلوك ديمقراطي أو مشروع واعد جادوقوبل بالرفض؟ أم أن التجربة كانت تخفي تحت ردائها البرّاق خطط القضاء على المكون الشيعيعبر مشاريع الإقصاء وتغيير التركيبة الديمغرافية والمحاصرة التامة؟!

للديمقراطية مؤشرات يمكن قياسها من خلالها، لا تحتاج إلى فيلسوف أو عبقري ليكتشفها، واحدة من هذه المؤشرات هي الانتخابات الحرة والنزيهة ومرجعية الشعب في اختيار رئيس الوزراء. من المؤشرات وجود مجلس نواب مستقل حر في رأيه، كبير في اهتماماته، تطلعاته الأساسية تمت إلى الأداء السياسي بصلة، يحاسب ويدافع وينافح عن حقوق الشعب.

أما انتخاب رئاسة الوزراء فهي تهمة يعاقب عليها القانون، وهكذا يتم اعتقال فاضل عباس أمين عام الوحدوي الأسبق، ما يعني أن الحديث في تغريدةعن بحرنة الوظائف، أو إقرار الميزانية، أو نقد رئيس الوزراء هو الطريق الواسع إلى بوابات السجن المفتوحة أمام أهل البحرين بكل أريحية! وأما مجلس النواب -والنقد لا يمثل حقا من حقوقه بل وظيفة بحكم الموقع- فإنه لا يستطيع القيام بهذه المسؤولية ولا يملك إرادة ذلك، ما يعني أنه لا يوجد برلمان حقيقي حتى الآن.

خلال سنتين ونصف في بريطانيا عاصرت أربعة رؤساء حكومات: بوريس جونسن، ليز تراس، ريشي سوناك، كير ستارمر. وفي البحرين كنا لا نعرف غير رئيس واحد وهو خليفة بن سلمان ذي الحكم الممتد لأكثر من خمسين سنة كأطول مدة رئاسة وزراء على الكرة الأرضية، وهو صاحب المقولة التاريخية المشهورة لمبارك بن حويل المتهم بتعذيب الأطباء: "القانون لا يطبق عليكم أنتم!".

العقلية الأمنية في البلد لا تعتقد أنها بحاجة إلى التغيير، وإنما ترى أن تبديل قانون أمن الدولة بصور نمطية أخرى يمثل ذكاء في الاحتيال على الناس وردعهم! بعض أعضاء مجلس النواب صار عليهم جزء من وظيفة التبشير الأمني بدل أن تتحمل وزارات الدولة المسؤولية وتستجيب إلى الناس من موقع القرار. التفاف واحتيال ومحاولة للتذاكي على الأمم المتحدة كمنظمة عالمية تنخرط البحرين معها في جملة اتفاقات تحت شعار التنمية المستدامة،وهي مقبلة على دورة جديدة (2025-2029).

السلطة في البحرين يحكمها نزعة تمثّل أم الرذائل في الحكم والسياسة وهي رذيلة البخل! كما يحكى عن المنصور الذي كافأ الطبيب الذي أنقذه من الموت بأن أعطاه رغيف خبز، فعلقه هذا المسكين في رقبته وفضح المنصور أمام كل من يسأله عن ذلك، ثم استدعاه مرة ثانية وقال: أنت لا تستحق رغيفا كاملا وأخذ ثلاثة أرباعه وأبقى معه ربعا!! السلطة لدينا تساوم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمعارضة والمعتقلين السياسيين جميعا على ما يمكن تقديمه من هذا الربع المتبقي، ثم لا تلبث أن تؤخر الرجل التي قدمتها متى ما شعرت أنها في موقع القوة.

وخلاصة القول أن البلد والفاعلين السياسيين والقيادات مطالبون بتحشيد وتوجيه الفرص الحقوقية الدولية والعلاقات الرسمية بين البحرين وبين منظمات حقوق الإنسان، وتوظيف هذه العلاقات والاتفاقات التي تبرمها البحرين بغرض فرض واقع حقوقي جديد، واختلاق هامش من الأمن للمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان علها تتمكن من تحسين شيء من واقع المعتقلين السياسيين وتحقيق بعض الأمن الجزئي فيما يرتبط بالنقد واستخدام المنصات الاجتماعية. وأما أفق الديمقراطية فالأمل لابد أن يبقى قائما، ولكنه معقود على مقدار ما نمتلكه من إرادة وما يستطيع الناس والمعارضة تقديمه! ومتى ما كان الاستعداد قائما فإن الأمل قائم وأفق الديمقراطية موجود.

 

13نوفمبر2024