ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
2024-11-13 - 3:51 م
منذ أن كرّر ملك البحرين للبريطانيين، قبل 11 عاماً، سؤال والده الشيخ عيسى بن سلمان، عندما تم توقيع ما أسماه اتفاقية 1971: من طلب منكم الرحيل؟ وعلاقة البحرين بالمملكة المتحدة تسير وفق شعور الشيخ حمد بن عيسى بكونه ملك المستعمرة البريطانية لا ملك شعب البحرين، هكذا يقدّم الشيخ حمد نفسه للبريطانيين، وهكذا تتعامل المملكة المتحدة أيضاً.
في ذلك اللقاء، قهقه الحضور على كلام الشيخ حمد الذي وصف الانسحاب البريطاني من الخليج بالفردي، رغم أن سؤال والده ذاك، كان جادّاً، لكن شعب البحرين حَزِن على عقيدة الملك الوطنية، وربما دفنها منذ ذلك الحين!
تشعر المملكة المتحدة منذ مغازلات الشيخ حمد لها بنوستالجيا متعاظمة تجاه مستعمرتها القديمة، وقبلت في العام 2018 بالعودة إليها بعد أكثر من أربعة عقود من مغادرتها، حيث افتتحت قاعدتها البحرية العسكرية في ميناء سلمان بشكل رسمي، ليس بناءً على تلك المغازلات فقط، وإنما ضمن قراءة أوسع لظروف المنطقة.
منذ 13 عاماً، أي منذ 2011، تضع المملكة المتحدة التزاماتها بملفات حقوق الإنسان على الرف، وتبدو متململة من متابعة أمر لا يمكن حلّه، حيث تفشل قبيلتها المدللة، والمزعجة في آن، من إحكام السيطرة على الجزيرة الصغيرة دون خسائر، أو فضائح تذكر!
لا علينا، فالأمر بات واضحاً بالنسبة للقاصي والداني، لكن الصحف المحلية لم تجد ما تحتفي به من زيارة الملك للمملكة المتحدة هذه الأيام، سوى ركوبه عربة الملك تشارلز الثالث الخاصة، وحضوره حفل العشاء الذي أقامه في قصر وندسور الملكي التاريخي، حيث قالت صحيفة "الأيام" في افتتاحيتها أن ذلك يعكس مكانة جلالة الملك.
الملك التائه بلا أيّ دورٍ دبلوماسي في المنطقة، اختار الذهاب غرباً بدلاً من أن يعبر الجسر الذي يقطع بلاده إلى المملكة السعودية، إذ لم يعبأ الشيخ حمد بقمة الرياض العربية والإسلامية التي حضرها لفيف من الزعماء العرب، وعقدت بالتزامن مع هرولته نحو "وسام فارس الصليب الأعظم" الذي قلده إياه الملك تشارلز، فما يجري في غزة "المسلمة" لا يستحق من "فارس الصليب" أن يعيرها اهتماماً، فضلاً عن أن يربك جولته التي تكللت بتقديمه جائزة سباق وندسور للخيل لعام 2024، وجائزة أفضل فوج من سلاح الفرسان الملكي وأفضل فريق مدفعية من فرقة الملك الملكية للخيول.
وبالمناسبة، هل استهزأت المملكة المتحدة -دون أن تقصد-، بملكها على المستعمرة عندما أرادت الاحتفاء به من خلال تقديمه لتكريم فرق الخيول؟ يشبه الأمر حيرة الأب عندما يريد شراء لعبة في ذكرى ميلاد ولده المدلل، ثم يلجأ إلى أقرب شيءٍ إلى قلبه، فتنجح مساعيه في إعطاءه بغيته! برافوو للملك تشارلز، لقد فعلها.
تعرف المملكة المتحدة أن ملكها لا يعبأ بالأوضاع المعيشية التي يأنّ تحتها أبناء شعبه، ولا بمستويات الفقر المتفاقمة، ولا حتى بالضرائب التي تثقل كاهل جيبوهم المخروقة، تعرف كذلك أنه لا يهتم بالديون التي يراكمها ديوانه الملكي على الميزانية العامة.
ارتكبت المملكة المتحدة بهكذا فعلة، غلطة ليست بالبسيطة، أي عندما صدّرت لملكها جوائز الفرق الملكية للخيول ليقدّمها بنفسه، فقد كشفت عن اهتماماته التي تثقل البحرينيين بنحو مؤكد، فهو يؤسس خلال السنوات الأخيرة، لما يشبه المملكة الضخمة من اسطبلات الخيول، تستدعي أن يكون للبحرين هيئة خاصة لرعاية شؤون الخيول، يتصدّرها رئيس و6 أعضاء متخصصين، الأمر الذي يفسّر اتّساع ثقب الأوزون الموجود في الميزانية العامة!
صحيفة الإندبندنت، سلطت الضوء -خلال الزيارة- على دعوة معهد البحرين لحقوق الإنسان والديمقراطية، للملك تشارلز، بإثارة "مخاوف حقوقية ملحة" مع ضيفه بشأن سجن المعارضين السياسيين في البحرين.
لكن الأمر بالنسبة للمملكة المتحدة سيّان، فهي تعرف حقّاً ما يجري في مستعمرتها، وتعلم جيّداً مدى تأثيرها في الأمر، لكنها تتنصّل منذ سنوات، يشبه الأمر سؤال مذيع قناة الـCNN، عندما سأل الملك حمد عن الجدل حول التمييز ضد الشيعة في بلاده، خلال زيارة له للولايات المتحدة، حيث نفى الأخير علمه بذلك، قائلاً للمذيع: هل هم كذلك؟ ليجيبه المذيع: هذا سؤالٌ لك، ليردّ عليه مرّة أخرى: أنا لا أعرف ولم أسمع بمثل هذا الجدل!