لماذا علينا أن نقلق من استثمارات محمد العبار في البحرين؟
2024-02-28 - 9:19 م
مرآة البحرين (خاص): قبل أيام افتتح ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة مجمعاً تجارياً في ديار المحرق يعتبر حتى الآن أكبر مجمع تجاري في البلاد. خبر كان سيكون اعتيادياً لو لم يكن صاحب المجمع رجل الأعمال الإماراتي النافذ محمد العبار.
وأهمية رجل الأعمال الإماراتي العبّار إن كنت لم تسمع به من قبل، يمكن أن تلمسها من أهميّة الحضور في حفل الافتتاح، نستطيع القول أن مجلس الوزراء مجتمعاً كان حاضراً الحفل، إلى جانب شخصيات بارزة في الحكم مثل وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد آل خليفة، ونجل الملك ناصر بن حمد بالإضافة إلى أعضاء من مجلسي النواب والشورى إلى جانب عدد من الدبلوماسيين ورجال الأعمال البحرينيين.
لكن لماذا هذا الحدث خطير وغير اعتيادي؟
لأن العبّار لا يعتبر رجل أعمال إماراتي عادي، قبله مثلاً أنشأ ماجد الفطيم وهو رجل أعمال إماراتي آخر، مجمع سيتي سنتر التجاري في البحرين ولم تثر حوله أية إشكالات. لكن العبّار حكاية أخرى بالتأكيد.
لا يعتبر محمد العبار رجل أعمال إماراتي تقليدي، فهو يجمع بين العمل الخاص والحكومي بشكل مثير للريبة، تراه يقود دائرة التنمية الاقتصادية في دبي وهي المخوّلة بإصدار التراخيص التجارية للشركات في الإمارة، وفي الوقت ذاته يقود شركة إعمار، عملاق الإنشاءات التي أشرفت على بناء برج خليفة (أطول برج في العالم) ودبي مول، إلى جانب عشرات المشاريع العقارية العملاقة.
والعبّار يجيد نسج العلاقات مع مختلف الأطراف من بوابة الاستثمار والتجارة، فإلى جانب نفوذه الواضح في إمارة دبي وقربه من حاكم الإمارة محمد بن راشد آل مكتوم، تراه يرأس مجلس إدارة شركة إيجل هيلز العقارية في أبوظبي وينسج علاقاته مع أبناء زايد، ويشغل منصب عضو مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في الشارقة واضعاً موطئ قدم له في إمارة الشارقة، لينتقل بعد ذلك إلى خارج الإمارات بحثاً عن علاقة وثيقة مع أهم شخصية سعودية، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، عبر شركة نون للتجارة الإلكترونية التي أسسها ويتشارك ملكيتها مع صندوق الاستثمارات السعودي بواقع 50٪ لكل طرف.
ينشط العبار في دول أخرى أبرزها سنغافورة التي أنشأ فيها شركة RSH المتخصصة في تسويق وبيع ماركات الأزياء العالمية بالتجزئة، وماليزيا التي يرأس فيها مجلس إدارة شركة Tradewinds Corporation المتخصصة في الترفيه والضيافة، بالإضافة إلى امتلاكه لأسهم وحصص في عشرات الشركات العالمية.
لكن كل ما سبق قد لا يتعدى كونه مثابرة من رجل أعمال يريد توسيع مشاريعه وأعماله التجارية، لو لم يكن العبّار أحد أقدم المطبعين مع الكيان الإسرائيلي، حيث كشفت وسائل إعلام إسرائيلية قبل عامين ونيف عن تقديم العبار إلى جانب 4 آخرين مساعدات فاقت 170 مليون دولار لفقراء إسرائيل على مدى 18 عاماً (أي منذ العام 2003). وهو ما يعني قبل تطبيع الإمارات الرسمي بحوالي عقدين من الزمن.
الحس الإنساني المرهف تجاه إسرائيل لم يكن شيئاً جديداً على العبار بالطبع، فقد أثار حديثه خلال المؤتمر الاقتصادي الإماراتي الإسرائيلي جدلاً كبيراً وردود فعل واسعة حين قال إنه يبحث عن إنشاء العلاقات العائلية قبل التجارية، داعياً رجال الأعمال الإسرائيليين لزيارته في المنزل والتعرف إلى أمه، كما أبدى رغبته في فعل الأمر نفسه، لنسج علاقات عائلية وأسرية متينة أبعد من العلاقات التجارية والاقتصادية.
هذا الفكر الصهيوني الذي يمتلكه العبّار وطريقة عمله في إدارة أعماله وتوسعتها هو بالطبع أمر مثير للقلق بحد ذاته، فكيف إذا أضفنا له خبر استثماره مبلغ 4 مليارات دولار في البحرين (أكثر من مليار و500 مليون دينار بحريني) كما أعلن الأسبوع الماضي خلال افتتاح مجمعه التجاري.
سيعمل العبّار وفريقه على تثبيت تواجدهم الاقتصادي داخل البحرين، وستكون مشاريعهم التجارية بوابات سيعبرون من خلالها إلى المواطن العادي، وسيكون أحد أهدافهم بالطبع جعل التطبيع مع الكيان وما يمثّله أمراً طبيعاً اعتيادياً غير مستفز، ولن يكون من الآن وصاعداً مواجهة مشاريع التطبيع في البلاد التي باتت تأخذ أشكالاً متعددة أمراً سهلاً.