لطيفة الحسيني: عاشوراء في البحرين

عاشوراء البحرين (أرشيف)
عاشوراء البحرين (أرشيف)

لطيفة الحسيني - 2023-07-27 - 1:35 م

مرآة البحرين (خاص): 
قد تظنّ لوهلةٍ أنكَ بين الحرميْن الشريفيْن، لكنّك في بُقعةٍ حُسينية أخرى: مآتم البحرين. في خريطة الإحياءات العاشورائية تبرزُ المملكة الخليجية الصغيرة في الصدارة. فعالياتٌ غزيرة شكلًا ومضمونًا يشهدها البلد، تستقطب الأنظار لمواكبتها من الخارج بقدرٍ يفوق الداخل.
في البحث عن سرّ انتشار العزاء البحريني بين الدول المُسلمة وخصوصًا بين المُوالين لآل البيت (ع)، يقفز الإعلام  الى قائمة وسائل الترويج بلا مُنازع أو مُنافس. عشراتُ الحسابات يتابعها الآلاف لنشاطها المتواصل طيلة أيام محرم وصفر وفي كلّ المناسبات الدينية، تنقل وقائع المجالس الحسينية وما يتخلّلها من موادِ تليق بملحمة الحزن في كربلاء.
إحياءٌ هائل يُضاهي تلك التي تُقام في كربلاء والعتبات المقدسة. تكفي مشاهدة ليلةٍ واحدة من مآتم بني جمرة والسنابس والمنامة وسترة ودار كليب وكرباباد و كرزكان والهملة عبر صفحاتها لتُدرك كيف تُصنع الدعاية الناجحة للموسم العاشورائي في البحرين. يتشارك المُصوّرون واللجان الإعلامية والمُخرجون والمُصمّمون الرقميون في تظهير الجُهد الجبّار الذي يبذله قراء المجالس وخطباء المنابر والرواديد وشعراء الحسين (ع) على طريق الأجر والثواب والبركة.
تعكس الخلايا الإعلامية لمجالس البحرين الحاشدة والمواكب التي تفترش الطرقات والشوارع في البلدات صورةً حيوية للعشق الحسيني المُميّز، وتُشجّع من يُشاهد كلّ المواد المنشورة على التوجّه للمملكة لمشاطرة أبنائها أيام العزاء.
صحيحٌ أن رصد السلطات الرسمية ووزارة الداخلية للحراك الشيعي المُلتزم لا يتوقّف، لكنّ البحارنة يصرّون على عدم الانسلاخ عن شعائرهم الحسينية. نقل صورة الإقبال المُتصاعد من المُسنّين والشباب حتى الصغار يؤكد بلا لُبس أن الدولة عاجزة عن حصار شيعة البحرين. إعلام النظام يُقاطع المدّ الواسع لهؤلاء أو يتجاهل حجمه والتفاعل الشعبي معه ولاسيّما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن إعلام المآتم يكسر القاعدة. لا قنوات مستقلّة يُسمح لها بالبثّ ونقل ما يجري فعليًا على الأرض، إلّا أن المجالس الحسينية تصل الى الجميع عبر الفضاء الالكتروني.
استثمارٌ مُحكَم لمنصّات الانستغرام وتويتر ويوتيوب وتيك توك وما تبقّى من الشبكات، وتصديرٌ ناجحٌ لثقافة العزاء الهادف بالبرامج والخُطب واللطميات المُتدفّقة. وكأنّ المُشرفين على هذه الصفحات أخذوا على عاتقهم تحمّل مسؤولية "إشاعة" موسم الحِداد باتجاه كلّ الأقطار، انزعج من انزعج ورحّب من رحّب.
أصغر البلدان العربية يتصدّر المشهد الحسيني اليوم. أبناؤه يؤدّون تكليفهم على أكمل وجه، في عشرة محرم وما بعد، داخله وخارج. من لا يتذكّر موْج البحارنة في الصحن الحسيني في عاشوراء 1444؟ من سيتمكّن الآن في كلّ هذا النظام من إخفاء الشعائر والمُبايعين؟ الجهد الإعلامي للقائمين على المآتم والحسينيات يُحبط اليوم كلّ ذلك مرسّخًا العقيدة الإيمانيّة المتجذّرة بين البحارنة بلا وهْن.