لماذا اعتقلت سلطات البحرين الرادود عبد الأمير البلادي؟
2023-04-17 - 12:02 م
مرآة البحرين (خاص): قبل حوالي 6 أشهر، في منتصف شهر نوفمبر من العام المنصرم، أجرى الحقوقي البارز المعتقل والمحكوم بالمؤبد، عبدالهادي الخواجة، اتصالا هاتفياً بعائلته أبلغهم خلاله أن السلطات الأمنية والقضائية قررت تحريك قضايا كيدية وسياسية جديدة ضده.
لم يكن الأمر مفاجئاً لعائلته، ولا لعموم شعب البحرين، فحقوقي بارز مثل عبدالهادي الخواجة هو هدف دائم للسلطات أكان حراً أم خلف القضبان، لكن الغريب والذي لم يتوقعه أحد أن توجه له تهمة "إهانة إسرائيل"، بعد رفعه لشعارات مناهضة للتطبيع في باحة السجن تزامناً مع زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت في فبراير 2022.
هذه الحادثة فتحت الباب واسعاً أمام أي بحريني أو مقيم في البحرين أن يقدم للمحاكمة بتهمة فضفاضة ومستفزة هي "إهانة إسرائيل"، إن هو أقدم على التعبير عن دعمه للقضية الفلسطينية أو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى ما يبدو فإن السلطات في البحرين سئمت من تحدي الشعب لها في قضية التطبيع. بات واضحاً بعد أكثر من عامين على اتفاقية العار تلك، أن حماسة الشعب البحريني تجاه القضية الفلسطينية لم تتأثر، بل على العكس تماماً زادت وتيرتها، وكثرت الفعاليات التضامنية مع الشعب الفلسطيني منذ ذلك التاريخ.
لقد رأت أسرة آل خليفة نفسها مرة أخرى في الجانب الخاطئ من التاريخ، وحيدةً مع الصهاينة، لا مدافع عن موقفها سوى عدد محدود من العوائل والشخصيات التي استفادت وتستفيد من التطبيع بالحصول على المزايا والمناصب والأموال والهبات، أما عموم شعب البحرين فكان لهم رأي آخر شديد الوضوح.
قبل أيام استدعت السلطات الأمنية الرادود البارز عبدالأمير البلادي، وحققت معه لتضمن إحدى القصائد التي ألقاها خلال ذكرى شهادة الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام، على أبيات تهاجم الكيان الصهيوني وتؤازر الأقصى الشريف والشعب الفلسطيني.
قررت السلطات أن كلمات بسيطة في موكب العزاء تستنكر القمع الصهيوني للمرابطين في الأقصى في شهر رمضان، تستحق سجناً لقائلها مع إحالته للمحاكمة.
بالطبع فإن الأمر لا يرجع إلى بيتين من الشعر يتيمين، بل عما تعبر عنه هذه الأبيات ومن تمثّل. هي أبيات تقول بعد أكثر من عامين بأن التطبيع خيانة لن تغتفر، وأن التواجد الإسرائيلي في البحرين لن يجعل الأمور طبيعية لا اليوم أو غداً ولا بعد عقود.
ولهذا السبب تحديداً باتت تتعامل السلطات مع التعرض لإسرائيل على أنه تعرض لكرامة الأسرة الحاكمة نفسها التي قررت منفردة اتخاذ تلك الخطوة المشؤومة، بل أصبح انتقاد إسرائيل يفرض ملاحقة قانونية وقضائية، وهو الأمر الذي لا تطبقه السلطات مع منتقدي بعض الدول العربية أو حتى الخليجية.
المتابع للصحافة الرسمية الصادرة في البحرين قرأ عشرات المقالات والتقارير التي تهاجم حليف مثل الولايات المتحدة مثلاً، أو دول عربية مثل سوريا، العراق، لبنان وقطر، وهي انتقادات لم تكن لتصدر لولا رضا السلطات عن مضمونها.
لقد تحولت إسرائيل وفق قوانين الأسرة إلى دولة شقيقة، أهم من الدول العربية والخليجية، وأهم من الولايات المتحدة أيضاً، انتقادها حرام، يعاقب عليه القانون، لكن متى احترم شعب البحرين قرارات الدكتاتور؟