مرآة البحرين (خاص): كان الحاج عبدالله يسير بمركبته الخاصة (البيك آب) وهو يُقِلّ عجلاً يملكه من مكانٍ لآخر، وكانت سيارة تسير خلفه لكن فجأة بدأ سائقها بالضغط على البوق بشكل متكرر للفت انتباهه، وحينما نظر رأى السائق يشير له بيده للتوقف جانباً.

توقف الحاج عبدالله جانباً ظنّاً منه بأن شيئاً ما حصل للعجل أو لسيارته، ترجل منها وإذ برجل يترجل من المقعد المحاذي للسائق في السيارة الأخرى. قال "لمحته وإذا به الشيخ محمد بن سلمان آل خليفة (الأخ الشقيق لأمير البلاد الراحل 1940- 2009)".

معظم البحرينيين سمعوا قصصاً عن جشع وسرقات عم الملك الذي توفي قبل 14 عاماً، لكن الحاج عبدالله تربطه علاقة معرفة بالشيخ، نظراً للمزرعة التي يمتلكها وهي مزرعة محاذية لإحدى مزارع الشيخ الذي كان يتردد عليها باستمرار.

يقول الحاج عبدالله "سلمت عليه بحرارة وأنا أفكر فيما سيطلبه مني هذه المرة، لم يمهلني الشيخ كثيراً، وبادر بطلب العجل، قال لي أريده، يبدو قوياً". عرف الحاج عبدالله بسرعة بديهته  وقد رد على الشيخ قائلاً "لا أريد أن أضرّك، هذا العجل مريض وأنا ذاهب به لذبحه"، فصرف الشيخ محمد نظره عن العجل، وغادر المكان.

هذه الحادثة التي يرويها الحاج عبدالله في حديث مع "مرآة البحرين" ستفتح موضوعاً آخر هو الوقفيات. يشير وهو جالس عند باب منزله إلى مزرعة تبعد حوالي نصف كيلومتر فقط عن منزله، ثم يقول "انظر لهذه المزرعة، كانت ملكاً لي حتى قرر الشيخ محمد أنه يريد الاستيلاء عليها فحولتها إلى وقف". 

ويكمل "كان الشيخ محمد يطلب منك الشيء ومستعد لدفع المبلغ الذي تحدده وإن كان أعلى من سعر السوق، لكن رفضك سيعني استيلاءه على ما يريد دون دفع أي مبلغ، وهذا ما حصل مع كثيرين، لكن بعضنا كان يحتال على الشيخ محمد بالقول إن ما يريده من أرض أو مزرعة، هي وقف للإمام الحسين، وكان هذا سببا كافياً لصرف نظره عما يريد".

يسرد الحاج عبدالله الذي ناهز عمره التسعين، قصصاً لعشرات الوقفيات التي أوقفت كي لا يستولي عليها آل خليفة على مدى عقود مضت "نحن شيعة ونحب الإمام الحسين وأهل البيت، وكنا نوقف الكثير من الأراضي لهذا الغرض حبّاً منا في فعل ذلك، لكن أحد أهم أسباب كثرة الوقفيات خصوصاً في المزارع والحظور (مصائد السمك في البحر) يعود إلى جشع الأسرة الحاكمة ومحاولتهم على مدى عقود للاستيلاء على أرزاقنا".

قبل أيام قامت بلدية العاصمة بجرف سور مزرعة موقوفة لمسجد الشيخ صالح التاريخي في توبلي، وحين تمت مراجعتها من قبل الأهالي قيل لهم إنها لم تعد وقفاً بل تحولت إلى "ملك خاص". أما ملكية الأرض أصبحت لمن، فهذا سؤال لا أحد يملك إجابته حتى الآن لكنه على الأرجح لأحد متنفذي الأسرة الحاكمة.

إن كثرة القصص عن استيلاء أسرة آل خليفة على أملاك الشيعة ووقفياتهم، هي مجرد إعادة تذكير بعقلية آل خليفة كأسرة غازية. هي العقلية التي قابلوا بها السكان الأصليين منذ دخول البحرين حتى يومنا هذا.