مرآة البحرين (أوراق 2022): بشكل متزامن تقريباً فقد شهد العام 2022 إقالة رئيسة هيئة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة (21 يوليو 2022) من منصبها، واعتقال الأكاديمي البارز د. نادر كاظم (20 يوليو 2022) مدّة أسبوع وإقالته من عمله كأستاذ في جامعة البحرين. وأفيد في هذا الإطار بأن دواعي إقالة الشيخة ميّ تعود إلى رفضها مصافحة السفير الإسرائيلي في المنامة، إيتان نائيه، خلال مراسم دفن والد السفير الأميركي لدى المنامة، ستيفن بوندي، ورفضها مشروعاً حكومياً لإقامة "حي يهودي" في العاصمة المنامة. 

أما بخصوص كاظم فقد جرى التحقيق معه لساعات حول آرائه الواردة في كتبه كما أفيد بنقله إلى المستشفى خلال فترة الاعتقال لمعاناته من مشكلات مرضية سابقة. وفي تعليلها لأسباب إقالته من على رأس عمله كأستاذ الدراسات الثقافية في كلية الآداب زعمت جامعة البحرين في رسالتها التي وجهتها لكاظم والتي نُشرت نسخة مصورة لها على وسائل التواصل الاجتماعي "انتفاء حاجة القسم الأكاديمي له نتيجة عدم توافر النصاب الأكاديمي للتدريس". 

وتجاهلت النيابة العامة التعليق على الموضوع الذي أصبح حديث المجتمع البحريني ولم تصدر أي بيان بشأن قضيته وطبيعة التهم التي تم توقيفه بموجبها.    

وضمن تطورات هذا الملف فقد حرّضت مغرّدة على "إعدام" كاظم علناً ووصمته بأنه "منافق وخائن". وكتبت مريم الجودر التي تعرّف عن نفسها عبر تويتر بأنها "استشارية تمويل وتطوير أعمال وعضوة في غرفة تجارة وصناعة البحرين" قائلة "لو أنا من الحكومة أعدمه في ساحة سوق المنامة عشان يتعلموا أن ما أرض استحملت منافقين وخونة كثر ما استحملت البحرين". وفي وقت لاحق تدخلت جهة حكومية من أجل منع ندوة لكاظم في جمعية تاريخ وآثار البحرين كان من المقرر إقامتها في 12 أكتوبر.

وأصدر ملك البحرين مرسوما بتعيين الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة رئيسا لهيئة البحرين للثقافة والآثار خلفا للشيخة مي. وعملت الشيخة مي في الإعلام والثقافة لأكثر من 20 سنة كانت خلالها شخصية خلافية على الدوام، ومنحتها خلفيتها المتحدرة من العائلة الحاكمة قدرة على التمرد على الوزراء الذين عملت تحتهم. 

ورداً على المعلومات التي أثيرت بشأن إقالتها فقد أصدر مركز‭ ‬الاتصال‭ ‬الوطني بيانا نفى فيه "ما ‬يتم‭ ‬تداوله‭ ‬من‭ ‬تفسيرات‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭ ‬حول‭ ‬التغييرات‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬مناصب‭ ‬قيادية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬وزارات‭ ‬وهيئات‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬خلال‭ ‬الأسبوع‭ ‬الجاري". وذكر بأن "‬التغييرات‭ ‬الواسعة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الوزارات‭ ‬والهيئات‭ ‬الحكومية‭ ‬يأتي‭ ‬بعد‭ ‬أكبر‭ ‬تعديل‭ ‬وزاري‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬المملكة‭ ‬والذي‭ ‬شهد‭ ‬تغيير‭ ‬17‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬22‭ ‬منصبًا‭ ‬وزاريًا‮" على حد ما جاء في البيان.

وودع موظفو هيئة الثقافة والآثار رئيستهم السابقة الشيخة مي عبر تشكيل ممر شرفي تصاعد التصفيق منه فور دخولها. أما هي فقد حرصت على مصافحة الموظفين كلهم بينما انهمرت دموع موظفات الهيئة خلال عناق معها. وأظهرت فيديوهات جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي محاولة الشيخة مي إخفاء تأثرها وهي تمسح دموع الموظفات. وكافحت  الأخيرة من أجل فصل قطاع الثقافة عن الإعلام وتمتعه بوزارة مستقلة حتى تحقق ذلك (2008) قبل أن تلغى الوزارة لاحقا ويتم تحويلها إلى هيئة (2015). 

عانى وزير الإعلام نبيل الحمر من احتقارها له وعدم انصياعها لقراراته، فيما اشتكى الوزراء الدكتور محمد بن عبدالغفار وجهاد بوكمال من عدم حضورها الاجتماعات التنسيقية التي كانا يدعوانها لها فيما اتهمت هي هؤلاء جميعاً بالتدخل السافر في عملها وإعاقة تحركها. وللتملّص من هيمنة وزراء الإعلام على حركتها فقد كانت تستعين بصندوق "تمكين" إضافة إلى القطاع الخاص من أجل تمويل المشروعات الثقافية التي كانت تطلقها مثل "ربيع الثقافة" و"صيف البحرين". سبق وأن تمّ إعفاؤها من منصبها حين كانت تشغل الوكيل المساعدة لقطاع الثقافة في وزارة الإعلام إثر خلاف مع الوزير قبل أن تعاد إلى موقعها في وقت لاحق ويتم ترقيتها إلى وزيرة. 

كانت آل خليفة تهيء ابنتها الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة لخلافتها في رئاسة هيئة الثقافة وأحضرتها من قطر التي كانت تعمل فيها لنحو 7 سنوات (2008 - 2015) لكي تشغل منصب مدير عام الثقافة والفنون وتكون ذراعها اليمنى مع تحويل الوزارة إلى هيئة. رغم دعم إسرائيل ترشحها عن البحرين لمنصب الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية 2021 إلا أنها لم تلتقِ بأيّ من المسؤولين الإسرائيليين الذين زاروا البلاد منذ بدء خطوات التطبيع على خلاف الوزارات والهيئات الأخرى.