فاطمة قاسم شمس: حتى لايتلطخ رداء البابوية بـ(خطايا) ملك البحرين

البابا فرنسيس مستقبلا ملك البحرين 19 مايو 2014
البابا فرنسيس مستقبلا ملك البحرين 19 مايو 2014

فاطمة قاسم - 2022-11-01 - 4:51 ص

إلى بلد الآلام حيث انتهاك الحريات والكرامة الإنسانية ، سيصل بابا الفاتيكان بتاريخ ٣ نوفمبر المقبل، مرتدياً الزّي الأبيض وهو ثوب البابوية الرسمي في الكنيسة الكاثوليكية، يرمز إلى  ثلاثية الطهارة والمحبة والنقاء، والتي يتميز بها البابا فرنسيس، بيّد أنه ثمة مخاوف من أنّ تمّس (خطايا) ملك البحرين أطراف هذا الرداء.

"احترسوا مِن كُلِّ ظُلْم" عبارة وردت في" الإنجيل المقدس. هل سيحترس البابا، من ظلم الشعب البحريني؟

سؤال مشروع يطرح نفسه هنا، ويفتح الآفاق على مجموعة تساؤلات حول الرسائل التي سيحملها البابا إلى القصر الملكي؟ هل سيقترح خريطة طريق تمّهد  لحوار بين السلطة وقوى المعارضة ؟ هل سيطرح قضية الإفراج عن المعتقلين السياسيين على نحو يمهّد لإرساء مصالحة وطنية بين النظام  والشعب؟

الإجابة عن السؤال تبقى رهن زيارة البابا المرتقبة، وما سوف يطرحه قداسته  من حلول سياسية على الملك البحريني خلال لقائهما في قصر الصخير الملكي.

ينظر البحرينيون بعتب إلى الكنيسة الكاثوليكية التي تدخل كوسيط للسلام في معظم القضايا السياسية حول العالم ، لكنّها أدارت ظهرها عما يعانيه الشعب البحريني المطالب بالتحول نحو الديمقراطية، من ظلم واضطهاد واعتقالات تعسفية وخنق للحريات واستهداف طائفي ممنهج.

إذ لعبت الكنيسة الكاثوليكية على مّر التاريخ دوراً عالمياً  هاماً في  السياسات الخارجية الدولية، والدفع نحو  إنهاء الحروب ّوحّل الأزمات، وإرساء السلام بين الدول المتنازعة، والسعي وراء القيم الإنسانية غير المشروطة التي تأمنّ للفرد الكرامة والحرية الدينية والعدالة الإجتماعية. 

  ومن الأمثلة على ذلك، تدّخل البابا الراحل يوحنا بولس الثاني ومساهمته في إنهاء ما عرف بـ"صراع بيغل"  الحدودي بين الأرجنتين وتشيلي  عام 1978 ، والتوصل إلى  إبرام اتفاقية سلام بين الطرفين.

وفي عهد البابا يوحنا بولس أيضاً، عارضت  الكنيسة الكاثوليكية بشدّة الغزو الأميركي للعراق عام 2003. وعند زيارته التاريخية للبلاد ، طلب البابا فرنسيس الغفران بسبب ما خلّفه الغزو الأميركي للعراق  من إراقة للدماء وإشاعة للفوضى .

كما يوجّه البابا فرنسيس نداءات  متكرّرة  من أجل إيقاف الحرب الأوكرانية- الروسية، وقال في أحد خطاباته: " أرجوكم لا تجلبوا الدمار إلى الإنسانية، لا تدمروا الإنسانية" داعيا الغرب إلى التراجع عن ارتكاب الأخطاء، إضافة إلى نداءات أخرى من أجل تحقيق السلام في دول الشرق الأوسط  بما فيها دولتي لبنان وسوريا، كما كان البابا فرنسيس قد حذّر من ما وصفه بـ"دوامة الموت والدماء" في فلسطين. 

وخلافاً لتلك الواسطات والنداءات  الرامية إلى  إحلال السلام ونبذ العنف لم يسّجل للكنيسة بدورها أية وساطة حيال الأزمة البحرينية، بالرغم من وجود سفراء للكرسي الرسولي في دول عدة بينها البحرين، إذ يجري التمثيل المشترك بين المنامة والكنيسة من خلال سفير بابوي يتمثل بالسفير البحريني المقيم في فرنسا، وهنا تجدر الإشارة إلى أن  زيارة البابا إلى البحرين تأتي من أجل تمكين العلاقات بين المنامة والكرسي الرسولي .

واللافت للانتباه أن فرنسا التي يقيم فيها سفير الكرسي الرسولي للبحرين، تمتلك عشرات الإفادات الموثقةّ للانتهاكات الحقوقية وسحّق الحريات والاعتقالات التعسفية والإعدامات السياسية، وذلك بناء على رسائل  يرفعها أعضاء في البرلمان للحكومة الفرنسية بشكل دوري،  إضافة إلى وجود مراقب  الكرسي الرسولي الدائم في الأمم المتحدة، وهو الصرّح الأممي الذي يحوي على وثائق وتقارير وتوصيات تدين نظام الحكم في البحرين وحثه لتحسين حالة حقوق الإنسان  في البلاد.

فهل تحمي الكنيسة رداء البابوية،  بتطبيق  وصايا السيد المسيح وتعاليمه الرامية إلى إزالة الخطيئة ونصرة المظلومين.