بوكشمة: إنت مجرد قوطي
بوكشمة - 2022-03-13 - 1:44 ص
تم تطويع الديمقراطية لتكون (ديموقواطيه) أي حكم القواطي، فالحكام يعتبرون الشعب مثل القواطي (العلب المعدنية الفارغة) التي تتراقع فيما بينها وتصدر أصواتا وجعجعة نشازا وتغطى على الأصوات الطبيعية. مهمة الشعب فقط التصفيق وحمل الأعلام والرقص والغناء للحاكم المطلق والتهليل والمدح وإلقاء الشعر وترديد الأغاني التي تمجده وتمجد قبيلته في ذكرى جلوسه أو عيد ميلاده أو ذكرى احتلال أجداده لأرضهم وما يطلق عليه بالعيد اللاوطني.
لذا يا أخي وأختي قد تكون دكتورا وعلامة وبرفسورا محترما ومتمكنا ومحترفا في تخصصك ولكن في مملكة القواطي سواء كنت في الشورى أو النواب أو في أي وزارة أو هيئة فأنت مجرد قوطي. وكذلك قد تكون سليل عائلة مناضلة عانت من الاعتقالات والمنافي وحاربت في فلسطين أو ظفار وقد تكون نقابياً يشاد له بالبنان والصولات والجولات، ولكن عندما يتم تعيينك في إحدى جمعيات القواطي فأنت مضطر أن تخلع ثوبك النضالي بل كل أثواب طوايفك لتكون مجرد قوطي.
قد تكون قوميا أو ناصرياً أو شيوعيا أو علمانيا أو متديناً شيعيا أو سنيا أو مسيحياً، ثق إن الألة البدوانية ستقوم بإعادة برمجتك ولا بأس أن تحتفظ ببعض كينونتك ولكن new virgin أي تكون قومقوطيا أو شيوقوطيا أو مسيحقوطيا .
قد تكون حاضرت في الأخلاق والأمانة والشرف والشفافية وترأست جمعيات ومؤتمرات لتحقيق العدالة والمشاركة الشعبية ولكن ما إن تمسكك رجل من أرجل الأخطبوط البدوي وتعصرك ستحاول أن تخرج من رأسك وقلبك وفؤادك كل ذرة وطنية وستحولك إلى مجرد قوطي. قد تكون أنت من اخترعت مفهوم حقوق الإنسان وصلت وجلت في مجالس حقوق الإنسان العالمية وقد تكون دافعت عن الدستور والمواطنة ولكنك إذا وقعت في مصيدتهم ستتحول إلى قوطي تقرقع لا بالحمد والشكر وحده وإنما بتكذيب ما تراه وما تسمعه وما تعرفه.
قد تكون تاجرا ابن تاجر ولكن لا تشط كثيراً، فأنت لست إلا مجرد قوطي تقرقع كما غيرك. قد تكون طبيبا عالج آلام الناس بشرف ولكن طموحك قادك لهم كما الفراشة التي تنجذب للنار لذا فمصيرك القرقعة كما بقية القواطي، قد تكون صحفيا جهبذا وشاعرا ومؤرخا وكاتبا وباحثا ومثقفا ومغنيا وفنانا ورساما وعازفا وملحنا ورياضيا، ولكن ما أن تقع في شبكة العنكبوت، فلن تعود سوى قوطي ولن يكفيهم بأنك تقرقع لوحدك، ولكن ستجد صورتك واسمك في بيانات وتصريحات قواطية دون علمك وطبعا ليس لك حق الاعتراض، مع العلم إذا انتهوا منك سيرمونك في أقرب زبالة، ولكنك ستظل قوطيا منسيا ومتى ما أرادوا سماع قرقعتك سوف يركلونك بأرجلهم.
ختاماً هل ستخرج من كينونتك القوطية؟ سؤال مهم لا يستطيع أبو كشمه الإجابة عليه لأنه مواطن بسيط وعادي من أمثالك أيها القوطي لا يرون أن له الحق في الحياة الكريمة واقتناء سيارة أو حتى شرب كوفي في مقهى.
* "بوكشمة" رجال عادي وبسيط، عقله حصيف وقلبه نظيف وضميره عفيف، يشعر بالغصة وتخنقه العبره لما آل إليه حال بلاد المليون نخلة.