عبدالله آل خليفة متملّق لإسرائيل ويفتقر للدبلوماسية.. هل كان الموساد يتجسس على المعارضين البحرينيين في المنامة؟
2022-03-01 - 9:16 م
مرآة البحرين (خاص): طوال ساعة و3 دقائق كانت مدة الندوة التي عقدت على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، حرص وكيل وزارة الخارجية عبدالله بن أحمد آل خليفة على الظهور بمظهر الصهيوني الصفيق، وبذل جهداً واضحاً لتحبيب الحاضرين بعقيدته الصهيونية الجديدة التي يظن أنها ستكون كلمة السر في تغاضي المجتمع الدولي عن انتهاكات البحرين الخاصة بحقوق الإنسان.
ذهب المسؤول البحريني متحضراً للندوة التي أدارتها مراسلة واشنطن بوست لشؤون الأمن الدولي، الألمانية من أصول مغربية سعاد مخنيت، وجمعت إلى جانب عبدالله آل خليفة، وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس (الذي تفاخر خلال هذه الندوة بذهابه إلى البحرين على متن الطائرة نفسها التي أخذت أنور السادات للقدس في السبعينات)، ووزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش الذي حضر الندوة عن بعد.
بين آل خليفة في الندوة أنه يحفظ عن ظهر قلب مجموع عدد الاتفاقيات التي وقعت بين البحرين وإسرائيل، وكذلك تواريخ زيارة رئيس الموساد للبحرين، تملق وكيل الخارجية البحريني، وزير الحرب الإسرائيلي ممتدحاً الافتتاحية التي كتبها الأخير في صحيفة الجي دي إن البحرينية الناطقة بالإنجليزية تزامناً مع زيارته للبحرين، والتي جاءت بعنوان "The Abraham Causeway"، في إشارة من الوزير الإسرائيلي عن الهرولة المسرعة نحو تطبيع العلاقات مع البحرين.
أثناء الأسئلة الموجهة من الجمهور، تداخل نائب سابق في البرلمان الألماني، ولم يفت عبدالله آل خليفة تملق الأخير أيضاً، سارع إلى امتداح ألمانيا التي من المزمع وفق المسؤول البحريني أن تستضيف ورشة شبابية تجمع بين بحرينيين وإسرائيليين وألمانيين قريباً، لكن سؤالاً واحداً من مديرة الندوة لعبدالله آل خليفة كانت كافية لإثبات حقيقة واحدة هي أن هذا الرجل لا يمتلك أي حس دبلوماسي وأن التملق الصهيوني لن يجعل منك دبلوماسياً من الطراز الرفيع أبداً.
بدأت الندوة بمداخلة من غانتس الذي هدد لبنان ولاحقاً إيران، وأنهى كلامه وسط تصفيق الحضور بمن فيهم وكيل وزارة الخارجية، وانتقل الحديث إلى قرقاش الذي بدأ بشرح أسباب ذهاب الإمارات للتطبيع مع إسرائيل، ليأتي بعد ذلك الدور على عبدالله بن أحمد آل خليفة.
بدأ آل خليفة مداخلته بالحديث عن السلام الذي يجلب الاستقرار والرفاهية للمنطقة، ممتدحاً كما كان متوقعاً الملك حمد ورؤيته للسلام، وتحدث بعد ذلك عن تطور العلاقة مع إسرائيل خلال 17 شهراً، من فتح السفارات وتبادل السفراء، وصولاً إلى توقيع 38 اتفاقية سياسية، اقتصادية واجتماعية، وتسيير رحلات إلى تل أبيب على متن الناقل الوطني طيران الخليج.
ذهب آل خليفة أبعد من ذلك بالقول إن البحرين تعمل على وضع استراتيجية لتمتين العلاقات مع إسرائيل خلال السنوات العشر القادمة، مشيراً إلى تعاون بين البلدين في مجالات "التكنولوجيا، التجارة، الاستثمار، الصحة، البيئة، الطاقة المستدامة، التعايش الديني والثقافي" وصولاً إلى تقاسم الرؤية الاستراتيجية المشتركة.
وفي رده على سؤال حول بيع البحرين للقضية الفلسطينية بعد تطبيع العلاقات، اعتبر آل خليفة أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لاقى ترحيباً من البعض وصمتاً من معظم الناس، واصفاً معارضي الاتفاق بأنهم "متطرفون".
كرر آل خليفة كلام البحرين الرسمي عن استمرارهم في دعم القضية الفلسطينية، وعدم التخلي عن قضية فلسطين وحل الدولتين، وتباهى بأن وزير الخارجية الإسرائيلي خلال زيارته للبحرين تحدث عن موافقة إسرائيل لحل الدولتين، لكن الصحفية وجهت السؤال لوزير الحرب الإسرائيلي غانتس، الذي رفض الإجابة على السؤال واكتفى بالقول أن إسرائيل لا يمكنها "نفي وجود الفلسطينيين، كما أنهم لا يمكنهم نفي وجودنا"، لكنه وصف الحديث عن حدود 1967 بأنه "وهم"، في إهانة مباشرة لكل من يتحدث عن حل الدولتين على حدود 67، إلا أن آل خليفة لم يعقب على كلامه وكأنه لا يعنيه.
مديرة الحوار سعاد مخنيت انتقلت للحديث عن أهم ما يعنينا في هذه الندوة، وهو المتعلق ببرنامج بيغاسوس التجسسي من انتاج شركة NSO الإسرائيلية، والذي ثبت استخدامه من قبل البحرين والإمارات في ملاحقة النشطاء والمعارضين (استخدم حاكم دبي محمد بن راشد برنامج بيغاسوس للتجسس على زوجته السابقة وعدد آخر من أفراد أسرته وفق ما ذكرت منظمات دولية).
رفض وزير الحرب الإسرائيلي التعليق على ذلك متذرعاً بعدم قدرته على الحديث عن "الاتفاقات التي تمت بشكل سري بين الدول"، لكنه أخلى مسؤولية إسرائيل من عمليات التجسس على النشطاء بالقول إن "تراخيص التصدير كانت واضحة في كيفية استخدام هذه البرمجيات وفي ماذا يجب استخدامها وما لا يجب استخدامها فيه".
حين انتقلت مديرة الندوة إلى وكيل الخارجية البحريني، بدا عليه الارتباك واضحاً، نفى الاتهامات الموجهة للبحرين وانتقل مباشرة للحديث التعاون الأمني مع إسرائيل كاشفاً عن وجود الموساد وعملهم في البحرين.
لم تصدق سعاد مخنيت ما سمعته، أوقفته مباشرة، متسائلة "هل ما تقوله من باب السخرية أم أنك تدلي بتصريح، أريد التأكد أن الجميع يفهمون ما قلته"، حاول الدبلوماسي البحريني تدارك زلته "دعيني أكمل من فضلك"، أجابت مخنيت "بالطبع، تفصل"، أكمل مداخلته "إن كان التعاون الأمني بين البحرين وإسرائيل يعني المزيد من الاستقرار والأمن فليكن، إن كان يعني إنقاذ حياة المدنيين الأبرياء فليكن، لذلك كانت هناك زيارات متعددة لرئيس الموساد بشكل علني، وأعلن عن ذلك في وكالة أنباء البحرين الرسمية، كانت الزيارة الأولى في سبتمبر 2020، والثانية في مايو 2021، وقد استقبل من قبل نظيره البحريني".
كان من الواضح إن مراسلة واشنطن بوست ليست في صدد تجاهل السؤال، وتريد أن تحصل من ضيفها البحريني على جواب، سألته مرة أخرى، هل استخدمتم برنامج بيغاسوس ضد النشطاء.
تلعثم عبدالله آل خليفة وقال "هل يمكنك إعادة السؤال؟"، أعادت عليه السؤال فأجاب بأن الشركة أعلنت بشكل رسمي أنها لم تعقد أي اتفاق لبيع تلك البرمجيات للبحرين.
عضو في البرلمان الأوروبي أعادت خلال مداخلات الحضور السؤال عن برنامج بيغاسوس، وسألت وزير الحرب عن القائمة التي ضمت 37 دولة اشترت برنامج بيغاسوس سابقاً والتي نشرتها الحكومة الإسرائيلية في ديسمبر 2021 ولم تكن فيها الإمارات والبحرين، متسائلة هل هذه القائمة ما زالت هي نفسها أم انضمت لها دول أخرى، لكن الوزير الإسرائيلي امتنع عن التعليق وأجاب بصورة عامة عن الموضوع قائلة إن إسرائيل تراجع هذه القضية.
بالنسبة للعالم فإن نفي المسؤول البحريني لا يعني شيئاً. لقد تم إثبات استهداف هواتف النشطاء في البحرين باستخدام تطبيق بيغاسوس، وفق إشعارات رسمية حصل عليها البعض من شركة الهواتف الأمريكية العملاقة "أبل"، وذلك يتركنا أمام احتمالين لا ثالث لهما.
إما أن الحكومة البحرينية تمتلك هذا البرنامج وتقوم هي بالتجسس مباشرة على النشطاء والصحفيين، أو إن ما قاله وكيل الخارجية عبدالله آل خليفة، يعني أن موظفين في الموساد يعملون في البحرين، وهم الذين يقومون باستهداف هواتف النشطاء البحرينيين بناء على طلب بحريني.