مرآة البحرين (خاص): نظم معهد ريتشاردسون ومشروع إزالة الطائفية (سيباد) ومنظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان ورشة عمل افتراضية يوم الخميس (11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021) حملت عنوان "الإصلاح السياسي في البحرين منذ التسعينيات: الأحزاب السياسية والدستور"، شارك فيها كل من النائب السابق عن جمعية الوفاق المهندس علي الأسود، والدكتور سعيد الشهابي، وإبراهيم شريف، الأمين العام السابق لجمعية وعد المنحلة، والناشطة تارا أوغرايدي، وهي عضو في منظمة سلام، وأيضًا نيكولا فيتالامانكا وهو الأمين العام لمنظمة لا سلام من دون عدالة، وسناء السرغلي، وهي مساعدة بروفسور في القانون الدستوري في جامعة النجاح في فلسطين.

وأدارت الندوة الباحثة والمؤلفة المهتمة بالإصلاحات السياسية ستايسي ستروبل من جامعة شيناندو في الولايات المتحدة الأمريكية. ولفتت ستروبل في مقدمة الندوة إلى أنها  حاولت التواصل مع ممثلين عن الحكومة البحرينية ومسؤولين في مناصب حكومية للمشاركة في هذه الندوة غير أنهم لم يرغبوا بذلك.

وتحدث في بداية الندوة الدكتور سعيد الشهابي، مقيمًا رؤية البحرين للانتخابات التي ستجري العام المقبل وما إذا كان هناك فرصة للجمعيات المعارضة للمشاركة، وقال إنّ "النظام بموجب الضغط من المملكة المتحدة قد يسمح بمشاركة بعض أفراد المعارضة الذين قد يتحدون آراء قياداتهم في الانتخابات، غير أن ذلك لن يغير الوقائع  الأساسية وهي وجود ما يقرب من خمسة آلاف معتقل سياسي، وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان".

ولفت الشهابي إلى أنه ليس من الواضح ما سيحصل في انتخابات العام المقبل متمنيًا على جميع الأطراف عدم المشاركة إلا في حال تلبية كافة مطالبهم السياسية.

وفي مداخلته، قال النائب السابق عن جمعية الوفاق المهندس علي الأسود إنّ "المطالب السياسية ما زالت ذاتها" متسائلًا عن وجود إرادة لدى الحكومة البحرينية والعائلة المالكة بالقيام بإصلاحات في البحرين، بغض النظر عن مكان وجود المعارضة.

ورأى الأسود أن "النظام لا يرغب بمنح أي من هذه السلطات أو القوى للشعب" لافتًا إلى أن "الحكومة لا ترغب بإجراء أي حوار مع المعارضة، والشعب البحريني بجميع أطيافه هو الذي يعاني"،  كما دعا إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين، مؤكدًا أن هذا حقهم بالدرجة الأولى.

وأشار الأسود إلى أن النظام البحريني يحظى بدعم حلفائه الاستراتيجيين، بمن في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

ولفت الأسود إلى وجود مشكلة دستورية من الصعب تخطيها في البحرين، بسبب وجود هذا النوع من التحركات، مع عدم قيام المجتمع الدولي بتنفيذ معتقداته. وأكد أن أحد أهم مطالب انتفاضة العام 2011 كانت إعادة كتابة الدستور.

ونقل الأسود حادثة حصلت عند كتابة الدستور في العام 2002، حين سأل أحد الخبراء واسمه رمزي الشاعر الملك عما يود أن يحصل عليه من خلال هذا الدستور، وكان جواب الملك: "السلطة". ولفت إلى أن الشعب البحريني لا يملك أيًا منها مشيرًا إلى أن كل الملفات، حتى الاقتصادية منها بيد العائلة المالكة.

وأكد الأسود أن البحرين تعتمد على المساعدات من مجلس التعاون الخليجي، لافتًا إلى أنه لن يكون هناك مستقبل أو أي برامج واعدة في المجال الاقتصادي في البحرين. غير أن العائلة الحاكمة لا تفسح أي مجال للشعب، ويجب أن تكون "الكلمة الفصل له".

وقالت الناشطة تارا أوغرايدي أنها لا تعتقد بحصول انتخابات عادلة في البحرين إلا في حال الإفراج عن المعتقلين السياسيين، من خلفيات مختلفة، والذين تجدر بهم المشاركة في هذه الانتخابات بالمقام الأول، تمامًا كما فعلت الكويت، غير أنها أكدت أن "الملك لا يرغب برؤية أي من هؤلاء المعارضين في الانتخابات". ولفتت أوغرايدي إلى أن الحكومة غير مهتمة بإجراء أي إصلاحات سياسية، وذكرت أنها كانت تقرأ كتاب "مرافعة وطن" الذي ألفه الشيخ علي سلمان وهو في السجن، واقتبست منه قوله إن "الطريق إلى الإصلاح لا زال ممكنًا، ومن أجل التخلص من هذه الأزمة السياسية، يمكننا دعوة النظام لأن يكون نظامًا يعمل بموجب الديمقراطية والقيم الإنسانية، بعيدًا عن التمييز الطائفي، وذلك يتطلب الكثير من الصبر والعزم والإيمان".

وقالت أوغرايدي إن "التعذيب الذي تمارسه الحكومة لن يساهم في تكوين صورة جميلة للنظام البحريني"، وإنها تتمنى أن يكون الشيخ علي سلمان لا يزال يحتفظ بالآمال التي كانت لديه عندما وضع هذا الكتاب، وحاول أن يخفف من التوترات وأن يرسم طريقًا باتجاه الإصلاح.

من جانبه، قال نيكولا فيتالامانكا، الأمين العام لمنظمة لا سلام من دون عدالة، أن "البحرين تشكل حالة خاصة إذ تقودها عائلة مدى الحياة، وهي تمتلك النفوذ للقيام بذلك، وقد احتلوا هذه المناصب" مشيرًا إلى أنه عند الحديث عن الإصلاحات السياسية والتحرك باتجاه الديمقراطية، يجب معرفة الطريقة المناسبة للتعامل مع البحرين، ولذلك لا يحق لأي شخص أن يبدي رأيه" إذ "ليس هناك بنية دولة، بل هي جزء من ملكيتهم الخاصة"، و"أي شخص يطالب بالحقوق المدنية يتعدى بالنسبة لهم على هذه الملكية".

ولفتت الباحثة سناء السرغلي إلى أنها " وجدت في عملها عن البحرين أن الدستور البحريني يمنح الكثير من السلطات للعائلة الحاكمة، وحامي الدستور هو الملك، وهذه إحدى السبل للعائلة الحاكمة للقيام بما يودون فعله". وأكدت أنه "قبل القيام بالانتخابات، يجب تغيير النظام الدستوري" مضيفة أنهم كانوا دائمًا يتجنبون إشراك الشعب في البحرين، خاصة في ما يتعلق بالميثاق الوطني الذي لعب دور صورة تجميلية، غير أنه لم يُسمَح للشعب البحريني بالانخراط فعليًا في الحكم.

وأكدت السرغلي عدم أهمية الانتخابات المقبلة في حال عدم تغيير الدستور، إذ إنه لن يكون هناك أي تغيير فعلي، لافتة إلى أن الخطوة الأولى في هذا السياق تتمثل في "إجراء الإصلاحات الدستورية" التي ينادي بها الناشطون والمنظمات الحقوقية والجمعيات الدولية.

من جانبه، قال إبراهيم شريف إن "الحديث عن الدستور أو النظام التمييزي قد يؤدي إلى الزج بالأشخاص في السجن في البحرين" ذاكرًا ما حصل له بسبب تغريدته عن عمر البشير، وأيضًا منعه مؤخرًا من تنظيم محاضرة اقتصادية.

وأكد شريف أن الضغط الذي تشهده البحرين في هذه المرحلة هو أقصى ما وصلت إليه الحكومة منذ العام 2014، بعد المقاطعة والزج بالشيخ علي سلمان في السجن على خلفية اتهامه بالتخابر مع قطر. ولفت شريف إلى أن البحرين لم تتخط هذه المرحلة بعد إذ تم اعتقال حوالي عشرة آلاف شخص بعد العام 2014، وهناك الآلاف الذين لا يزالون معتقلين، وتم الإفراج عن البعض بشروط إذ ليس بإمكانهم إبداء آرائهم بأي شكل من الأشكال.

ورأى شريف أن الضغط الذي مارسه المجتمع الدولي مهم، غير أنه تلاشى بسبب تراجع الاهتمام بالربيع العربي في السنوات الأخيرة.

وقال شريف إن الحكومة لا تفكر بشكل استراتيجي بل تنتهج الأسلوب ذاته الذي اعتمدته منذ أعوام، لافتًا إلى أنه بإمكانها كسب المعارضة من خلال تشجيع بعض أعضاء المعارضة على المشاركة في الانتخابات، وتغيير القانون والعمل على الدستور.

واختُتِمت الندوة بالرد على أسئلة المشاركين.