بدر الغيث يغادر عالم الجلادين (الآمن) بجرعة زائدة..
2021-11-02 - 6:00 ص
مرآة البحرين (خاص): كان الجلاد بدر إبراهيم الغيث (41 عاماً) حتى مساء اليوم 1 نوفمبر 2021، يعيش بيقين تام أنه من الفئات الآمنة التي لا تخشى شيئا في البحرين، لكنّه نسي أن القدر وموعد مغادرة هذا العالم ليس بيد العائلة الحاكمة التي كان أحد جلاديها المشهورين.
ما هي الفئات الآمنة؟ هي الفئات التي اختصرها الفنان المصري الراحل خالد صالح، في أحد مشاهد فيلم «فبراير الأسود»: منظومات الجهات السيادية وهي الحكومة والمخابرات، ومنظومة العدالة، وهي القضاء، والنيابة، والشرطة، ومنظومة الثروة (رجال الأعمال). يمكن للمنظومة الثالثة أن تشتري المنظومتين السابقتين.
يقول: «دول اللي يقدروا يناموا ويطّمنوا (يطمئنوا) إن محدش يقدر يأذيهم، ونقدر نقول عليهم دول الفئات الآمنة ليوم الدين».
هكذا كان يعيش المقّدم بدر الغيث الشاب الذي ولد في العام 1980، ابنًا لضابط كبير في وزارة الداخلية، ولاحقا صار هو أيضا ضابطاً في الأمن الوطني، يسلخ كل يوم جلود المعتقلين في غرف التعذيب ويعود باسما لعائلته، أثكل أمهات ورمّل زوجات بعد أن شارك في قتل عدد من الضحايا، وهذا ما فعله وآخرون مع الشهيد عبدالكريم فخراوي الذي قتله بعد تعذيبه بالكهرباء في العام 2011. وهكذا فعل مع الشهيدين سامي مشميع، وعباس السميع، اللذين تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهما لاحقاً ظلما وعدوانا.
يقول أحد السجناء السابقين الذين تم تعذيبهم على يد هذا الجلاّد " كل ليلة كان يأتي ويصرخ في ممر السجن بصوت مسعور، سأذهب للسكر وآتي لكم".
في التاسع من شهر إبريل في العام 2011، تم اعتقال الناشط الحقوقي عبدالهادي الخواجة، تم ضربه بعنف شديد أمام عائلته ورغم صرخات العائلة لم يتوقف الجلادون، كان بدر الغيث أحدهم.
بعد أن أنهى الخواجة التحقيق في النيابة العسكرية، وقبل أن يتم ترحيله بسيارة الأمن نحو المعتقل، يتلذّذ الغيث بإيقافه مكبل اليدين إلى الخلف في الشارع أمام مرأى الجميع، ويلكمه عشرات الضربات المباشرة على الوجه، يقول الخواجة في إفادته: "كنت أشعر بالدماء تتدفق على وجهي، لقد أصابني جرح عميق".
بعد فحصه في العيادة الطبية، تقرر فوراً نقل الخواجة إلى المستشفى العسكري حيث عاينه الطبيب المختص، وقال إنه بحاجة إلى عمليّة جراحية للكسور الأربع داخل الحلق، وسيتم إزالة عظم من الرأس من أجل وضعه لإصلاح الكسور". أي نوع من الضرب هذا الذي انتهى بالخواجة في أول اعتقاله إلى أربعة كسور في وجهه؟!
كان الخواجة مكبلاً ومعصوب العينين في السرير بعد العملية، يقول: "جاء له لي أحدهم وقال: أنا الذي كسرت وجهك، وسوف أقطع عضوك التناسلي عند خروجك من المستشفى، وستعود مرة أخرى بمثل تلك الإصابات (.....) إضافة إلى سبّ طائفي وكلمات بذيئة".
كان بدر الغيث يعلم أنه من تلك الفئات الآمنة في نظام آل خليفة، لذلك كان يمارس التعذيب كنشاط يومي، حاله حال الشرب والمخدرات التي أودت بحياته حسب ما توفر من معلومات.
هذه عيّنة عاجلة من أفعال هذا الجلاد الذي طويت صفحته في هذا العالم، وفتحت صفحة أخرى له في عالم آخر لا أمن فيه للجلادين والمعذبين.