علي الأسود: البحرين: من يحمي المطالبين بالديمقراطية؟
علي الأسود - 2021-04-12 - 7:16 م
مرآة البحرين (صحيفة المستقل):
عشرات المسيرات السلمية قادها أهالي سجناء الرأي جابت مختلف مناطق البحرين منذ ٢٨ مارس/آذار ٢٠٢١، وطالبت بضرورة أن تأخذ الحكومة خطوات ايجابية لإطلاق سراح المعتقلين قبل فوات الأوان أو قبل "خروجهم جثثًا"! هذا النداء أطلقه آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم، وارتبط بواقع مرير داخل السجون وبتداعيات سلبية لا تزال تحصل للمعتقلين منذ أكثر من عقد من الزمن.
التظاهرات التي أحصتها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية -الفصيل المعارض الأبرز في البلاد- بالعشرات، افتقدتها البلاد خلال الاعوام الخمسة الماضية، حيث كانت آلة القمع تعمل على تخويف المتظاهرين واعتقالهم وحبسهم أو تعريضهم للتعذيب.وجاءت المطالب بالإفراج عن معتقلي الرأي والضمير تحت شعار أنقذوا سجناء البحرين الذي شارك فيه الآلاف على مواقع التواصل الاجتماعي.
بالأمس (٦أبريل/نيسان ٢٠٢١)،استُشهِد السجين السياسي عباس مال الله بعد اعتقاله لمدة ١٠ أعوام، وذلك نتيجة الإهمال الطبي وعدم تقديم الرعاية الصحية اللازمة له ولأصحابه. السجين يوثق حال الكثير من المعتقلين الذين يعانون من سوء المعاملة داخل السجون من قبل الشرطة؛ معاناة تنعكس بشكل مباشر على الأهالي الذين يعانون أيضًا من مضايقات رجال الأمن والاستخبارات إذ تستمر التحقيقات معهم والاستدعاءات على خلفية المشاركة في تظاهرات سلمية للتعبير عن رفضهم لهذا الواقع المزري لأبنائهم أو إخوانهم في السجون.
ربما يكون السؤال الأبرز، ماذا تريد سلطات البحرين من المعتقلين في السجون؟
الهدف الأساس لاستمرار الاعتقالات هو إيقاف الحراك المطلبي السلمي واستمرار سياسة القرار الأوحد وتغييب الإرادة الشعبية لحساب سلطة قرار العائلة، والأهم من ذلك بحسب ما ورد على لسان أفراد من العائلة الحاكمة من الموصوفين بالتشدد أو جناح الخوالد هو "إرجاع المعارضة خمسين عامًا إلى الوراء"، على أساس أن التطور في المطالب بدأ يزداد مع تراجع مشروع الإصلاح المزعوم والذي لم يتبقَ منه غير الإسم الظاهر أما الواقع فهو كما يعرف الجميع ومنذ فبراير ٢٠١١ في تراجع والعملية السياسية جامدة وحالة حقوق الإنسان متأخرة.
إن الشعور الطبيعي للمعتقل هو الإهانة لقاء الفعل المتعمد من قبل السلطات التي تعاقب بصرامة وتعذب أو تقتل أو تسلب الحرية المطلقة للمعارضين. أوردت المادة العاشرة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أنه "يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في شخص الإنسان"بعيدًا عن الانتهاكات.
بحسب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فإن "السجن لا ينبغي استعماله إلا في غرض معاقبة المجرمين" وهو ما ذهب اليه البعض، بينما يصر البعض الآخر على أن الغرض الأساسي هو "ردع الأفراد الموجودين في السجن من ارتكاب جرائم أخرى بعد إطلاق سراحهم وكذلك ردع من تنـزع نفسه إلى ارتكاب الجريمة"، ولكن هذا في حال ارتكب المسجون جريمة. أما في حالة البحرين فإن السجن للمعارضين وهو عقابهم.
إن دعوات الإصلاح والتأهيل التي تصدر من السلطات تحتاج الى مراجعة دولية لتقييمها على أساس سلامتها أو مواءمتها للقوانين الدولية، فلا يترك السجين يتعذب أو يتألم حتى الموت، ولا يمكن أن تمارس السلطات المحلية أدوارًا خبيثةً في التعاطي مع المعتقلين لأغراض تثنيهم عن ما يؤمنون به من أفكار لإصلاح الواقع المعاش في بلدانهم. إننا حتى نرى هذا في البحرين قد نضطر لمراقبة وضع السجناء لوقت طويل وتحت عيون المجتمع الدولي الممثل بالبعثات الدبلوماسية في المنامة. فإن كان المشروع كما يقول عدد من الخبراء الغربيين هو تمرير العقوبات البديلة بشكل تدريجي فلا ينبغي أن يموت العشرات أولاً كي تطبق السلطات قانون "الحرية المنقوصة". وأخيرًا، كما يقال "إن إعادة التأهيل الشخصية تأتي من خلال العمل"، ولكن لحكومة البحرين رأي آخر في التأهيل، ألا وهو الموت البطيء.