التعليق السياسي: يا ولي العهد... لا تستمع إلى "راشد" بل إلى رجل رشيد!
2021-04-03 - 6:18 ص
مرآة البحرين (خاص): أوصل أهالي المعتقلين رسالة قوية. العقيدة البلهاء التي كان يسوقها الحمقى الذين يعتاشون كالكائنات الطفيليّة على آلام الآخرين بأن بلادنا "تجاوزت أزمة 2011" سَقَطَت. أوهام الاستقرار سقطت. أوهام الاقتصاد خارج الحلّ السياسي سقطت.
الحقيقة أننا لم نتجاوز أيّ شيء. بعد عشرة أعوام بالتمام، وألوان التنكيل والقمع المديد؛ ها هم الناس في الشوارع مرة أخرى. لم نتجاوز شيئاً لأنّ شيئا لم يتغيّر، ولا أيّ شيء.
بوسع رئيس الحكومة ولي العهد، الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، أن يتعامى عن كل هذا ويواصل إضاعة الوقت في مقاربة ملفّ البلاد خارج المعضلة السياسيّة القائمة. كملفّ اقتصادي، مثلاً، أو صحّي، مثلاً، أو تنموي، مثلاً، ولن يطول الوقت به قبل أن يكتشف بأنه "فات في الطوف".
بلد كئيب منقسم، تطاله الإدانات من كل جانب، ويتضخم دينه العام سنة بعد سنة؛ حتى مع الدعم الخليجي، وبلا أيّ أفق.
لا مفرّ من قدرنا في مواجهة أزمتنا في هذه البلاد. ما جرى منذ 2011 كبير ولن ينفع الهروب منه. عنوان المعتقلين الذي أخرج تظاهرات يوم الأمس في عشرات القرى والمناطق وأعاد بلدنا إلى واجهة المنافذ والمحطات الإعلاميّة ليس سوى عنوان حقوقي يخفي تحته عنواناً أكبر لمشكلة سياسية مستعصية هي أمّ المشاكل وأختها وأبوها.
في هذا من الجيّد أن يتنبّه العهد الجديد ممثلاً في رئيس الحكومة وليّ العهد إلى أنّ ترك ملف السجون ومعتقليها والمقترحات المطروحة لحلها كالعقوبات البديلة بيد وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة ما هو إلا تلوين فقير على أزمة 2011 والترقيعات الفاشلة التي قادتها وزارته والتي لم تأخذنا إلى أيّ مكان. هذا الوجه التأزيمي الكئيب وحلفه الأمني استنفذ كل ما لديه. وقد حولّ بلادنا إلى مستعمرة مرعبة كالحة أشبه بـ"مستعمرة العقاب" التي حدّثنا عنها فرانز كافكا. آلة ضخمة مصمّمة لكي تبدو أكثر قسوة وحشيّة. الناس فيها خُرْس ولا يضحك إلا السجانون!
والنتيجة هي أننا بعد عشرة أعوام ما زلنا في المكان نفسه. تحت الشمس الحارقة نفسها. والألم الممض نفسه: الناس تبحث عن وسيلة لتسمع صوتها في الشوارع وعوائل ترغب في استعادة أبنائها من ليل السجون الطويل الطويل.
كانت الإطلالة الفعليّة لولي العهد على المشهد السياسي، منتصف الألفينات، باستعادة الملف الاقتصادي من عمه الراحل الشيخ خليفة بن سلمان. ولن يستوي الأمر لعهده، الآن في العشرية الثانية للألفية، ما لم يستعد بالمثل الملف الأمنيّ من يد هذا الوزير المريض المليء بالعجرفة والقسوة.
حملت إحدى اللافتات في اعتصامات يوم الأمس عبارة ذات دلالة "لا نثق بك يا وزير الداخلية". وهي عبارة كافية لإخبارنا عن وعي الناس بألاعيب هذا الوزير الفاشل. والأساليب الالتفافيّة والتسويفية التي يعدّ لها لتعويم قضيّة المعتقلين وجعل الإفراجات والعقوبات البديلة مسألة تافهة عبر خلط المعتقلين السياسيين بالجنائيين والخروج برقم يرقص به في زفّة. زفّة مملّة ومكشوفة.
آن لولي العهد أن يستمع لرجل رشيد!