الشيخ زهير عاشور.. حكاية اغتيال مُرتقب داخل سجون البحرين
2021-03-18 - 9:22 ص
مرآة البحرين (خاص): ربما يكون مدير سجن جو الضابط هشام الزياني من محبي الأفلام القديمة، وتحديدًا فيلم الإمبراطور الذي مثّله الفنان المصري الراحل أحمد زكي.
في هذا الفيلم يتم اعتقال زكي (زينهم جاد الحق علي) ذي السجّل الجنائي (14 سابقة جنائية) في أحداث سياسية في زمن السادات، وهي الأحداث التي سمتها السلطات فيما بعد بـ "انتفاضة الحرامية".
من أجل خلاصه من السجن والاعتقال، يتم الاتفاق مع زكي على قتل شخصية سياسية معتقلة في نفس السجن، والتخلص منه لمصلحة شخصيات كبيرة، على أن يكون الثمن إخراجه من السجن وتوفير وظيفة له ولصاحبه (محمود حميدة).
مثل هذا السيناريو قديم جدا، وقصة الاغتيالات السياسية داخل السجن في العالم العربي معروفة ومتكررة، وربما تطمح وزارة الداخلية في البحرين لممارسة هذا النوع من الاغتيال، لإضافته إلى سجلها الأسود في مجال حقوق الإنسان.
هذا السيناريو هو ما يجري الآن مع المعتقل الشيخ زهير عاشور الذي باتت حياته في خطر حقيقي وجاد. بعد أن تعرض لمحاولة قتل متعمد على يد سجين جنائي من فئة المجنسين، وهو مجرم ذو خليفة إجرامية تحوي جرائم اغتصاب وغيرها، مع كون هذا الشخص ذا خليفة عسكرية كونه جندياً سابقاً في الجيش البحريني.
سجنيّ جوّ والحوض الجاف تم تخصيصهما للسجناء السياسيين، وفيهما جرت تجارب موت، مات معتقلين داخل غرف التحقيق إثر التعذيب الوحشي، ومات آخرون بسبب الإهمال الطبي، وخرج آخرون من السجن ليموتوا بعد فترة وجيزة في رحلات العلاج المريرة.
كان دائماً هناك تزايد لعنف الشرطة وقوات الأمن بشكل ممنهج بحق السجناء المعارضين للنظام ومعتقلي الرأي، لقد أصبح سماع قصة تعذيب أحد المعتقلين ووفاته جراء التعذيب البدني أو النفسي أو الإهمال أمرًا ليس غريبًا على أسماع البحرينيين.
كما إن سجن جوّ بات بعد أحداث 10 مارس 2015، واحد من أسوأ الأماكن الوحشية في العالم، فمفردات التعذيب، وضعف الرعاية الصحية، والإهمال الطبي، والإذلال والإهانة، والحالات النفسية التي أصابت عددا من السجناء الذين انتهى بهم المطاف مرضى في مستشفى الطب النفسي.
مدير سجن جوّ هشام الزياني، ضابط تم الإتيان به بعد أحداث 10 مارس الشهيرة، شخص حاقد، أهوج، أقل ما لديه هو التهديد بالقتل.
في شهر يونيو من العام الماضي 2020، قام الزياني بخنق رقبة السجين يوسف العرادي وهو مكبل من الخلف، ثم توعده بالقتل أمام أنظار بقية السجناء في مبنى 14، وهكذا فعل عبر التهديد المتكرر للشيخ زهير عاشور، الذي تواجه حياته وسلامته الشخصية تحديات حقيقية.
لمعرفة مدى خطورة ما يتعرض له الشيخ زهير عاشور عن قرب، أجرت (مرآة البحرين) اتصالًا مع الشيخ علي عاشور شقيق الشيخ زهير عاشور، الذي أكد أنّ ثمّة "مؤشرات كثيرة توافرت لنا منذ الفترة الماضية حول نيتهم التخلص من الشيخ زهير، إذ كان ضباط السجن وبعض السجانين يشيرون له تصريحًا وتلميحًا بكلام مفاده: نحن لن نتركك وسوف نصفيّك".
وعن سبب الاستهداف المتكرر ضد شقيقه، يقول الشيخ علي عاشور "الموضوع يرتبط بتعامله معهم في السجن، الشيخ لديه شخصية قوية، وهو يتحدث مع إدارة السجن دائما حول المطالب الخاصة بالسجناء، ويتحمل المسؤولية في الدفاع عن الذين يتم ظلمهم داخل السجن، كما أنه يطالب إدارة السجن بالسماح للسجناء بأداء الشعائر الدينية وصلاة الجماعة، وفتح أبواب الزنازن، كان مصرا على ذلك واستمر في المطالبة والدفاع عن مكتسبات المعتقلين".
وأكد الشيخ علي عاشور المقيم في مدينة قم الايرانية، إنها ليست أول مرة يتعرض فيها شقيقه لمثل هذه المواقف والضغوط والتهديدات داخل السجن "فقد أرسلوا له سابقًا ثلاثة سجناء جنائيين للاعتداء والتعدّي عليه".
وبعد حصوله على اتصال لعائلته أمس 17 مارس 2021، شرح الشيخ زهير عاشور بصوته ماذا حدث معه، وبيّن بوضوح أنها محاولة قتل، وكشف عن إصابته برضوض وكدمات بعكس ما زعمه وفد المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التابعة للحكومة من كونه سليم الجسم.
كما كشف عاشور أمرًا خطيرًا هو وجود علاقة بين السجين الجنائي الذي حاول قتله، وبين أفراد قوات الأمن الوقائي المتواجدة داخل سجن جوّ.
إنّ السياسة الأمنية التي تتبعها وزارة الداخلية وضباطها في سجن جوّ، لن تجلب إلا الكارثة، فهل هناك جهة عاقلة في البلاد تتدخل لإنقاذ الأوضاع من الانفجار مجدداً في السجن، أم ستترك المسألة بيد الزياني الذي نفذ جزءا من تهديده اليوم و أقحم قوات لضرب بعض المعتقلين حتى الإدماء وجرّهم بدمائهم إلى السجون الانفرادية.