لماذا لم يستجب الملك لرسالة محسن العصفور إذا كان الأمر كذلك؟
2021-01-25 - 2:06 م
مرآة البحرين (خاص): يحاول البعض الترويج إلى أن المرسوم الملكي الذي أصدره الملك حمد بن عيسى آل خليفة الأربعاء (20 يناير 2021) بشأن مجلس إدارة الأوقاف الجعفرية جاء استجابة لتوصيات مرفوعة من الأوقاف نفسها في إطار رغبتها في تعزيز الكفاءة في إدارة الوقفيات.
المرسوم الملكي الجديد يجيز تعيين النظار أو متولي الوقف وكذلك عزلهم وذلك وفقا لقرار من مجلس إدارة الأوقاف.
رغم أن الملك لا يريد مبررا لتأكيد تحكم السلطة في الوقف الشيعي، إلا أن هناك من يروّج إلى أن المرسوم جاء بمقترح من أصحاب القرار في الطائفة الشيعية. في الواقع، لا تمثل هذه الإدارة إلا من عيّنها، وليس الملك بالحريص على الوقف الشيعي.
يقوم الملك بتعيين مجلس إدارة الأوقاف الجعفرية، ولا يكون الأمر حتى بناءً على تشاور شكلي مع أي جهة دينية وازنة في الطائفة الشيعية. ولا تحظى الإدارات التي يعينها الملك برضا أيا من رجال الدين البارزين داخل الطائفة.
لقد واجه كثير من إدارات الأوقاف اتهامات كبيرة بالفساد ولم يتم محاسبة أو محاكمة المسؤولين عن تلك الجرائم. يمكن أن يشير ذلك إلى التعمّد في تدمير الوقف الشيعي من الداخل فضلا عن الاستمرار في سرقات الدولة ورموز في العائلة الحاكمة للوقفيات.
في وقت تلاحق فيه قضايا الفساد الأوقاف، يظهر من كل ذلك أن المتولين المباشرين على الوقفيات والإدارات المنتخبة من قبل الأهالي أكثر شفافية واحترافية ونزاهة من إدارات الأوقاف نفسها، لذلك فإن الإدعاء بأن المرسوم جاء لتعزيز الكفاءة ادعاء سخيف.
فبحكم المرسوم الجديد فإنه يمكن لإدارة الأوقاف «تعيين النظار أو متولي الوقف وعزلهم». سيكون للأوقاف الجمع إذن بين الإدارة والمراقبة متى ما أرادت لعب هذا الدور. إن الجمع بين المسؤوليات هو مدخل كبير لتضارب المصالح والفساد ويتعارض مع حوكمة المؤسسات.
وإذا ما افترضنا أن الملك فعلا مقتنع بكفاءة هذا المبدأ المستحدث، ويريد أن يعطي الأوقاف الشيعية خصوصيتها وينفذ مطالب إداراتها، فلماذا لم يقرأ الخطاب الذي أرسله الرئيس السابق للأوقاف الشيخ محسن العصفور وترك حق رميه في القمامة لوزير ديوانه خالد بن أحمد.
ألم يطرح العصفور قضايا أكبر وأخطر تتعلق بنهج الدولة في تحجيم الوقف الشيعي؟ ألم يطلب من الملك التدخل لوضع حد لوزير العدل خالد بن علي آل خليفة الذي كان يمنع الدائرة الشيعية من تسجيل وقفيات لمآتم ومساجد جديدة؟
ألم يشتكِ العصفور من امتناع وزارة الإسكان والبلديات عن تخصيص أراض لإقامة دور عبادة للشيعة؟ لقد شكا أيضا من المماطلة في إصدار أمر ملكي باستخراج وثائق ملكية حديثة لدور العبادة القائمة والمقابر التي لم يسبق أن صدرت لها.
كل ذلك وغيره لا يعني الملك، لأنه باختصار لا يعنيه أمر ازدهار الوقفية الشيعية بل القضاء عليها وسرقتها وعلى ذلك النحو تتصرف الدولة. فقضايا الفساد التي كانت تلاحق العصفور ظلّ مسكوتا عنها حتى اختار أن يواجه وزير العدل ومِن خلفه الديوان الملكي.
يبدو أن الملك لم يعد يقبل فكرة وجود الطائفة الشيعية في البحرين على الإطلاق، فحل المؤسسات الشيعية الدينية والجمعيات السياسية ذات الأغلبية الشيعية يتبعه الملك بالتفرد بإدارة الوقف الشيعي وتحويلها لمؤسسة رسمية تابعة للعدل ولا تحمل أي خصوصية دينية ومذهبية.