الإعلامي حسن قمبر.. أنتمي إلى صحافة Mobile Journalism، وأعول على موبايلي ولهجتي المحرقية الشعبية
2020-10-05 - 12:02 م
مرآة البحرين (خاص): الإعلامي حسن قمبر.. مواطن بحريني من مواليد مدينة المحرّق، أو كما يحبّ أن يسمّيها بكل اعتزاز «ملح البحرين الذي أفتخر أن أكون ذرّة منه».
يصدر قمبر برنامجاً مستقلاً عبر قناته على موقع اليوتيوب، وأصدر أمس الأحد 4 أكتوبر 2020، أول حلقة ترصد موضوع التطبيع في البحرين بعنوان «الصهاينة وصلوا»، ويقول قمبر «هذه مجرد البداية، سوف أصدر حلقات أكثر عن التطبيع المرفوض مع الكيان الصهيوني، فهذا الموضوع يُجمع أهل البحرين على رفضه»
يقول قمبر «نشأت وترعرعت في المحرّق كما يُسمّيها المناضلون القدماء: بور سعيد البحرين، وذلك لدورها السياسيّ والنضاليّ، وانتمائها العروبي في معايشة أبرز الأحداث التاريخيّة، كالعدوان الثلاثي على مصر، ورحيل الزعيم جمال عبدالنّاصر، وغيرها من الأحداث المحليّة، أبرزها مقاومة الاستعمار البريطاني. هي في نظري مدينة الفسيفساء الفريدة من نوعها، وبلا شك كان لها الأثر الكبير في تكوين ميولي الوطنية والسياسية.
رغم دخولي معترك الصراع من أجل البقاء في سنٍ مبكّرة بالعمل هنا وهناك، إلا أن ذلك لم يكن حائلًا بيني وبين ممارسة هواياتي، كالقراءة والرسم والتدرّب على الخط العربي، وفي نفس الوقت اجتذبني المجال الصحفيّ إبّان صدور صحيفة الوقت، بكتابة المقالات الاجتماعيّة عن بعض القضايا، لا سيّما التي تثيرها الصحف المحليّة أو إذاعة البحرين، وبالتحديد قضايا وهموم المواطنين، فهم يشبهونني وأشبههم في أمور كثيرة، تكاد أن تكون قواسم مشتركة كبيرة بيننا نحن البحرينيين.
ربما كانت هذه الهموم والقضايا وحيًا وسببًا وجيهًا لي ولغالبية المواطنين في البحرين، لخوض غمار الحراك الشعبيّ في 14 فبراير/ شبّاط 2011، والتي أعتبرها ساعة ولادة جديدة بالنسبة لي على الصعيد الشخصّي، أرغب أن أصرخ في الشارع صرخة شبيهة بتلك التي صرخها المواطن التونسي بعد سقوط الرئيس التونسيّ زين العابدين بن علي.. «لقد هرمنا»..!
عن برنامج تناتيش من البحرين، وما هي فكرته، متى بدأ، ولماذا هو جريء وينتقد بالأسماء ودون أية تحفظات؟
قمبر: بداية أودّ شكر صحيفة «مرآة البحرين» بشكلٍ خاص لمتابعتها واهتمامها ومواكبتها لبرنامج «تناتيش» ومحتواه، وأرسل عبركم لكل المتابعين خالص المحبّة والتقدير لتفاعلهم ومشاركتهم المستمرّة في تقديم النقد البنّاء والاقتراحات المفيدة للبرنامج.
أستطيع القول إن برنامج «تناتيش» هو امتداد لبرنامج: الحسبة ضايعة، الذي كنت أقدّمه على شاشة قناة اللؤلؤة، وإن اختلفت المسميّات فالهدف واحد، والكاريزما متشابهة وهي النقد بطريقة الكوميديا السوداء، والسخرية من الواقع المُر في البحرين، وكلاهما من اختياري.
اخترت اسم الحسبة ضايعة اختصارًا لمشهد ضياع حقوق المواطنة بشكلٍ شامل وكامل، وإسقاط هذا العنوان على واقع ما يجري فعليًّا، وأما برنامج تناتيش، فهي كلمة شعبيّة منشرة في البحرين وأغلب دول الخليج، وهي وصف مجازي للأشياء الخفيفة، كالوجبات والحوارات القصيرة، أو كما نقول خفايف، إلا أنه في الحقيقة هي تناتيش من العيار أو الوزن الثقيل بمحتواها، وفي الواقع أنا أقوم بتقديم البرنامج بشخصيتي وطبيعتي الحقيقيّة بكل تلقائيّة، مثل أي حديث بين صديقين.
عن التلقائية الملحوظة في البرنامج، ما إذا كانت هي مقصودة، إذ إن طريقة تقديم البرنامج مباشرة وقريبة للحديث الشعبي؟
قمبر: نعم، قالب لبرنامج كما يُسمّى في عالم الإعلام: Talk Show، إلا أنه تميّز بتخلّيه عن الخطاب النخبوي المُعقّد، وبعيدًا عن المصطلحات السياسيّة والأكاديميّة التي قد تُنفّر المشاهد، واقتصر على اللغة الشعبيّة البسيطة جدًا للوصول لأكبر شريحة من الناس داخل البحرين وخارجها، وأعتقد أنها هي اللغة القادرة على كسر كل الحواجز بين الجمهور وأي مذيع تلفزيوني بكل بساطة.
ما الفكرة التي يقوم عليها البرنامج؟
قمبر: الفكرة قائمة على تناول أبرز المستجدّات في الشأن البحريني، وطرحها من زوايا مختلفة جدًا وبعيدة عن الزاوية الرسميّة التي تسوّقها السلطة عبر وسائلها الإعلاميّة المضلّلة للمواطن ولمتابعي الشأن الداخلي في البحرين من خارجها.
لا أودّ المبالغة بوصف المشهد أنه معركة إعلاميّة، ولكن البرنامج عمل صحفي بحت، قوامه البحث والتحرّي والتحليل والتدقيق وعرض الحقائق والوثائق الداعمة للمحتوى، ليطّلع للرأي العام على ما خفي عنه بجرأة وشفافيّة وبصورةٍ واضحة قدر الإمكان، وحسب توافر المعلومات لدينا لطرحها أمام الجمهور، ويبقى عليه الجزء الآخر في كيفيّة التعاطي والتفاعل مع الموضوع، والحكم على ما يتم ذكره في سياق البرنامج، ومن على رأسه بطحة فليتحسسها.
ما سبب هذه الجرأة غير المعهودة خليجياً في برنامج تناتيش؟
قمبر: ربما يكون الطرح شفّافًا لأقصى حد، لم يتعوّد عليه المواطن البحريني بشكلٍ خاص، والخليجي بشكلٍ عام، وربما يعود ذلك للقيود المفروضة على العمل الصحفي والإعلامي في البحرين وفي الخليج عمومًا. إذ لا يستطيع المواطن الخليجي في أي دولة أن يوجّه انتقادًا صريحًا واضحًا لأي سلطة وفي أي دولة.
أحد أسباب جرأة البرنامج على طرح الأسماء بوضوح تام، لتحفيز المواطن البحريني والخليجي أيضًا، على تسمية الأشياء بمسميّاتها، وتشجيعه على كسر حاجز الخوف وتمزيق عباءة العبوديّة والاستعباد، حتى يحين موعد التخلّص من استبداد هذه الأنظمة وسياساتها المقيتة الخانقة.
في قسم التعليقات في حساب البرنامج هناك عدد من المتابعين يوجهون اتهامات من أن هذا البرنامج مدعوم من إيران ومن قطر، هل يدعم هذا البرنامج أية جهة سياسية أو تقدّم له التسهيلات؟
قمبر: حقيقة التعليقات مفيدة جدًا، وأحرص على قراءتها كلها بعناية، الإيجابي منها والسلبي، فأردّ بالشكر والتحيّة لمن يعلق بأدب واحترام، وأستفيد من تعليقات الشتم والتخوين والاتهامات بالعمالة والولاء لدول لديها خصومة سياسية مع البحرين أو السعودية. فبالأمس كانت إيران هي العدو، واليوم قطر الجارة الخليجيّة الشقيقة هي العدو الأكبر، أو الاثنين معًا.
لماذا تعتبر أن بعض التعليقات البذيئة أو التي تتهمك بالعمالة أنها تعليقات مفيدة؟
قمبر: هذه التعليقات القاسية مفيدة رغم أنها ألفاظ بذيئة ونابية، ومن أسماء وهمية، لأنها تترجم لي الواقع المرير الذي يعيشه هؤلاء المخدوعون، وهم تحت تأثير الإبر السياسيّة المُخدّرة، وبغض النظر عمّن يقف وراء هؤلاء، وبغضّ النظر عن المكاسب التي يحظوْن بها، فهي تعكس مدى سطحيّة عقولهم ومستوى تفكيرهم وثقافتهم، والدليل هو انجرارهم وراء الخطاب الرسمي من باب: طاعة وليّ الأمر، وإن كان يزني على الهواء مباشر على شاشة التلفاز، والعذر الآخر: الشيوخ أبخص. ثم أن هذه التعليقات تنمُّ بشكلٍ واضحٍ عن إيمان هؤلاء الأطراف بعقيدة الدفع مقابل الولاء، واعتبارها بمثابة «أكل عيش»، فيظن أنك في نفس المسار، وهذه العقيدة تتفشّى في المجتمعات للأسف لغياب الوعي وانعدام الإيمان بالمبادئ والقيم، ويكفيني فقط أن وجهي مكشوف وهي أو هو مستتر وراء اسمٍ وهمي.
هل يمكن إيضاح كيف تتمكن من إنتاج هذا البرنامج؟
قمبر : يتم إنتاج البرنامج بإمكانيّات بسيطة جدًّا لا تتعدّى هاتف ذكي وقديم أيضًا، وبمعدّات بسيطة كذلك، وهذا ما أستخدمه دومًا في العمل كصحافي موبايل - Mobile Journalism. وهو ما يستغرب منه المقرّبون قبل المُعلّقين. مضحك أن يقول البعض أن البرنامج مدعوم من إيران وقطر أو أي جهةٍ أخرى.
كيف ترى ردود الفعل الشعبية وحلقاتك تحظى بمتابعة عشرات الآلاف، وما أهم ردود الفعل التي وصلتك؟
قمبر: ردود الفعل إيجابيّة جدًا وعدد المشاهدات والاشتراكات في القناة في تزايد مستمر رغم قلّة الإنتاج، وهذا أحد أسباب طول مدة بعض الحلقات وتكدّس المواضيع فيها. وقد تخطّى عدد المشاهدات أكثر من 800 ألف لكل الحلقات، وهناك تفاعل كبير جدًا على المستوى الشعبي، وهذا ما لمسته بنفسي شخصيًّا أو عبر ما ينقله لي الأصدقاء. حيث يتم تداول روابط الحلقات في مجموعات تطبيق الواتساب، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، وبين مستويات وفئات وأطياف مختلفة.
وهناك الكثير من المشاهدين ممن يرسل اقتراحات لمواضيع معيّنة بشكل مباشر أو غير مباشر، لإثارة ملفاتٍ حساسة يرغب المواطن في الإطلاع على خفاياها وخباياها وفهم ما يجري خلف كواليسها، لا سيّما المواضيع التي باتت تؤثر على المستوى المعيشي للمواطن البحريني في ظل «تغوّل الدولة» وإحراقها الأخضر واليابس، وأعني بذلك بكل وضوح ما خلّفه التجنيس السياسي من تداعيات وآثار انعكست على حياة المواطن البحريني ومصيره في بلاده وأرض آبائه وأجداده.
وهنا «همسة حصريّة لمرآة البحرين» عن أبرز ردود الفعل التي وصلتني تقريبًا بشكل مباشر، وهي إيمان ودعم معنوي لما أطرحه في البرنامج من أطراف وأشخاص يعملون في مناصب رسميّة وحساسة في الدولة، بل بعضهم قريبون من القصر الملكي، ونقطة على آخر السطر.