صفاء الخواجة: الفقر في البحرين حكاية ليست من الخيال!
صفاء الخواجة - 2020-07-19 - 5:19 ص
"لو كان الفقر رجلاً لقتلته" قول ينسب إلى الإمام علي بن أبي طالب (ع) وهو قول يفهم من ظاهره الإبادة المادية للفقر لكنه يستبطن قضية الفقر التي تهدد وجود الانسان وكرامته والأزمات المتورثة عنها سواء على الأفراد أو الجماعات.
بهذه المقدمة أدخل للحديث عن الفقر في البحرين باعتباره حكاية ليست من الخيال فبإمكان المراقب ان يشاهد الفقر في هذه الدولة الخليجية ولن يجد صعوبة في التعرف عليه.
نسبة خط الفقر في البحرين تذهب إلى مستويات مرتفعة فتبعاً للباحث الاقتصادي أكبر جعفرى يفيد بأن "أكثر من 51% من البحرينيين يعيشون تحت خط الفقر" وأضاف أن هذه النسبة "لا تتجاوز رواتبهم ما بين 200 الى 400 دينار.
هذا الرقم تنفيه تصريحات لمسئولين في الحكومة والتاكيد على أن الفقر منعدم في البحرين بحسب المعايير الدولية وهو ما قد يدخلنا في"التلاعب الرسمي" في إعلان مؤشرات الفقر ونسبته.
غياب العدالة الاجتماعية وانتشار التمييز من أسباب نشوء الفقر بما يجعله إفرازًا طبيعيًا وخصوصا في بلد نفطي كالبحرين وهذا يحمّل الدولة مسئولية قانونية وأخلاقية تجاه الفقراء من المواطنين.
ويمكن ان تلمس حجم الفقر في المناطق على اختلافها من خلال زيارة لأي مؤسسة خيرية تعنى بتقديم الخدمات الخيرية حيث تصدمك نسبة المسجلين في هذه المؤسسات برغم ما هو معروف عن أهل هذه المنطقة من التعفف وقد زادت هذه النسب بعد جائحة كورونا.
مشاهد أخرى مؤلمة عن تضور عوائل من الجوع أو أن ترى عينك صور نساءٍ أو رجالٍ يفتشون في القمامة عما يسد حاجتهم كي يتجنبوا ذل السؤال!
الفقر لا يجب اختزاله فقط في الجانب المادي المتمثل في توفير الشغل والعيش الكريم والسكن والتعليم والصحة وغير ذلك، بل يتعداه إلى الجانب المعنوي المتمثل في الكرامة الإنسانية والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين وتكافؤ الفرص والعدل بحيث يصبح الناس متساوين.
المرسوم الملكي في التعديل الأخير على الحقوق التقاعدية وبالأخص إلغاء الزيادة السنوية والتي تقدر بـ 3% كشف أغطية كثيرة عن مساحات الفقر لاسيما وأن قرابة 17 ألف أسرة تعتمد أساسًا على الزيادة في الضمان الاجتماعي.
عالميا، خصصت الأمم المتحدة يوم 17 من تشرين الأول / أكتوبر ليكون يوما دوليًا للقضاء على الفقر تكريمًا لضحايا الفقر كما يهدف إلى دفع الدول الأعضاء لإيجاد السياسات والتشريعات التي تخفف من الفقر وفي المفوضية السامية هناك مقرر خاص معني بمسالة الفقر المدقع ، فالفقر يعد انتهاكًا لحقوق الانسان.
أيضاً هناك اقتران بين الفقر والدول الهشة التي تشهد نزاعات، وبحسب الأمم المتحدة غالبا ما يؤدي تراجع فرص المشاركة في إتخاذ القرار إلى زيادة معدلات الفقر وعلى هذا الأساس، البحرين ليست محصنة من هذه المسببات إن لم تكن منطبقة عليها.
لابد للدولة في نهاية المطاف من تحديد حد أدنى مناسب للأجور يأخذ بالمتغيرات الواقعة في المجتمع المحلي والخارجي كما يجب أيضا تحديد مستوى خط وطني للفقر وتمكين المؤسسات المتضامنة اجتماعيًا من تقديم مساعدتها وإيقاف سياسات إفقار الفقراء وهدر كرامتهم.
على أن الانجع سياسيًا واقتصاديًا وحقوقيًا هو العناية بمسألة التوزيع العادل للموارد والثروات واعتبار الانسان المحور الرئيس لعمل الحكومة المختلفة.
* عضو مركز البحرين لحقوق الإنسان