صفاء الخواجة: الحقوق التقاعدية... ريشة في مهب الريح
صفاء الخواجة - 2020-07-11 - 12:38 م
حين تقاس حقوق المواطنين بالهبات والمنح فإن بقاءها سيكون نهْب الريح ومهبّاتها. هذا ليس ضربا من التنجيم فما يدور الآن من سجالات بشأن خطوات الهيئة العامة للتأمينات لما أسْمتْه تنظيم الحقوق التقاعدية؛ يثبت ان العبث بهذه الحقوق لم يعد صعباً برغم كونها مكتسبات دستورية.
لست معنية هنا بالوقوف عند التناولات التي يشم منها ان كل طرف يسجل نقاطاَ على الطرف الآخر، ما يهمني الأساسات الحقوقية والإنسانية لهذه المزايا التى كفلتها الشرعة الدولية قبل التشريعات المحلية.
حقوقيا، حزمة التعديلات التى رفعتها الهيئة العامة إلى الحكومة تشكل انتقاصاً من المزايا التقاعدية لأكثر من 95 ألف متقاعد وهو عدد لا يستهان به من تعداد المجتمع البحريني.
هذه التعديلات طالت ثوابت في المزايا التقاعدية وأهمها إلغاء الزيادة السنوية 3% وسط ارتفاع تكاليف المعيشة
في نصوص الدستور البحريني تأتي المادة (5 -ج) لتؤكد كفالة الدولة في تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم في حالة الشيخوخة او المرض او العحز عن العمل أو اليتم أو الترمل أو البطالة، كما تؤمن لهم خدمات التأمين الاجتماعي والرعاية الصحية.
في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تأتي المادة (9) لتثبت الضمان والتامنيات الاجتماعية، كونه حقاً أساسياً عالمياً من حقوق الانسان.
من هنا فإن الحديث عن إصلاح الصناديق التقاعدية واستدامتها لا يكون عنوانًا مقبولًا إذا كان قائما على تجاوزات الدستور مع أن استنزاف الصناديق التقاعدية هو أحد ملامح أغلب إدارات هيئة التأمينات التي تعاقبت على إدارتها.
نقابات عمال البحرين حرصت أيضا في اجتماعاتها مع ممثلي الهيئة على مفردة أن الحقوق التقاعدية ليست منحة من الهيئة وإنما هي حقوق أصيلة وثابتة فهي لا تتصل بالمتقاعد وحده إنما تتصل بعائلته وحقوقها الاجتماعية والمعيشية.
نذكر أيضا أن في الدول المتقدمة حرصا تاما على حماية حقوق المتقاعدين فهي بمثابة فرصة للتمتع بالحياة وجني ثمار الجهد والتعب الذي عانى منه الفرد على مدى سنوات ولذلك فإن التشريعات في هذه الدول تنص على تقاعد منصف ومستدام.
في هذه السجالات يلحظ غياب السلطة التشريعية عن الأجواء إن لم يكن جانب منها قد تورط في تمرير هذه التعديلات بحجج إصلاح الصناديق واستدامتها وهي ادعاءات لم تقرها لجان محايدة بل الطرف المتسبب في العجوزات والاستنزاف.
المطلوب الان هو قيام النواب بوضع قانون يتناسب والظروف المستجدة يحفظ حقوق المتقاعدين ويراعي متطلبات الدولة ويمنع التعدي على هذه الفئة من المجتمع بما لا يجعلها ريشة في مهب الريح.
*عضو مركز البحرين لحقوق الانسان