حزمة الدعم الفارغة: ليقتلكم الفقر قبل كورونا
2020-06-30 - 8:50 ص
مرآة البحرين (خاص): بعد اللّتيا والّتي، صدر قرار الحكومة بملامح حزمة الدعم الجديدة لإنقاذ الاقتصاد المتهاوي:
أولا: دفع 50% فقط من رواتب البحرينيين في الفنادق والمطاعم، الصالونات، دور السينما، مكاتب السفريات، الصالات الرياضية، ومعاهد التدريب (المنشآت الأكثر تأثرًا في القطاع الخاص) لمدة 3 أشهر، وذلك من صندوق التعطل
ثانيا: إسقاط فواتير الكهرباء والماء للمواطنين في مسكنهم الأول لمدة 3 أشهر
ثالثا: دعم المؤسسات الأكثر تأثراً من تداعيات فيروس كورونا من قبل صندوق العمل (تمكين)
هزالة هذه الحزمة دفعت وليّ العهد للابتعاد عن الواجهة. صدر القرار هذه المرة من مجلس الوزراء، حكومة خليفة بن سلمان، وليس من لجنته التنسيقية (حكومة الثلاثاء)، كما جرت العادة منذ تفشّي الوباء.
ما دفع سلمان بن حمد للنأي عن نفسه أيضا هو قرض ماكلارين. فبعد تأكيد منح شركة السيارات الرياضية البريطانية (التي يمتلك صندوق الثروة السيادي في البحرين (ممتلكات) 62.55% من أسهمها)، قرضا بقيمة 280 مليون جنيه استرليني (131 مليون دينار) من بنك البحرين الوطني (المملوك بنسبة 44% من شركة ممتلكات) بدون ضمانات، تكشّفت استراتيجية حكومته وأولوياتها: إنقاذ الاستثمارات والأصول!
لم تكن شركة ممتلكات البحرين تساهم في ميزانية الدولة حتى العام 2017، ولم تزد مساهمتها العام الماضي عن 30 مليون دينار. حساباتها الختامية للعام 2019 تظهر أنّها سجّلت خسائر بأكثر من 52 مليون دينار العام الماضي. وقد اقترح اقتصاديون تسييل أصول الشركة التي تبلغ 7 مليار دينار لسد العجز في الميزانية وتغطية الدين العام.
لماذا تدعم الحكومة عبر السيولة المتوفّرة في البلاد استثمارات متضعضعة يستفيد منها آخرون (مساهمون أجانب) على المدى القصير والطويل، في حين تستنزف صندوق التعطل وصندوق تمكين فضلا عن خزينة الدولة، في حزم لا يزيد أثرها في الاقتصاد المحلّي عن أثر المُسكّنات.
131 مليون دينار تعادل 60% من رواتب جميع البحرينيين العاملين في القطاع الخاص لمدّة 3 أشهر. جميعهم وليس في 6 قطاعات فقط!
ثم كم عدد البحرينيين الذين يعملون في هذه القطاعات الستة التي أعلنت الحكومة استمرار تقديم الدعم لها؟ كم بحريني يعمل في المطاعم مثلا والصالونات؟ هل يستطيع هؤلاء أصلا تحمّل المتبقّي من الرواتب؟ هل سيقومون بالتسجيل لهذا الدعم أم يسرّحوا الجميع وكفى! ثم هل بات الطريق مفتوحا للاستغناء عن البحرينيين في بقية القطاعات إذا لم تعد قادرة على الوفاء بنفقاتها التشغيلية في هذا الاقتصاد المُحاصر والخاضع تماما لتحكّم السلطات.
لماذا على أقل تقدير لا توجّه هذه "القروض" وهذه "السيولة" للاستثمار في الداخل، وإيجاد وظائف بديلة للبحرينيين الذين لا شكّ سيتم تسريح الآلاف منهم الشهر القادم، من مؤسّسات لم تعد تملك أيّ حيلة سوى الإغلاق التدريجي.
وإذا كانت الحكومة لا تملك عينا ترى فيها الأزمة القادمة، ولا تستطيع تخيّل صفوف العاطلين أمام وزارة العمل قريبا، فكيف بالنوّاب!
مداخلات النوّاب في الاجتماعات التشريفية التي يدعون إليها مع الحكومة، أقرب للنكت السياسية المقيتة وغير المضحكة، من أي وصف آخر. رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب أحمد بن سلوم يقول مثلا إنهم لا يسعون إلى "حزمة تغطي ثلاثة شهور مقبلة فقط، ولكن .. تغطي عامًا كاملًا"! من أين يا حسرة!
أما عضو اللجنة المالية النائب أحمد العامر فيصرّح قبل الإعلان تفاصيل الحزمة بقوله «نفضّل عدم اللجوء مجدّدًا إلى السحب من صندوق التعطّل، والذي تم الاستعانة به مرتين سابقا، كما سنجتهد في عدم زيادة الدين العام لمعدّلات كبيرة ترهق الوضع الاقتصادي مستقبلًا».
ثم يناقض نفسه في تصريح آخر ويعترف بأن "مصاعب وتحديات كبيرة ستواجه الاقتصاد الوطني في المرحلة القادمة من أبرزها شحّ السيولة المالية وإمكانية زيادة الدين العام"!
بالطبع لا يعرف العامر ولا بن سلّوم ولا يستطيعون أن يعرفوا البدائل التي يمكن "اللجوء" للسحب منها، كما أنّهم ليسوا مستعدين لدراسة وطرح هذه البدائل، فضلا عن المساعدة في تنفيذها. بن سلّوم تحديدا لم يكن في يوم من الأيام مستعدّا إلا للدفاع عن "مصالح التجّار" الذين يمثّلهم. هذه المصالح فوق كل شيء وقبل أي شيء.
آخر المؤشرات الحيوية لنسبة الضرر التي طالت الاقتصاد في البحرين، تظهر تراجع الصادرات الدولية -55%، الواردات الدولية -73%، المسافرين عبر مطار البحرين الدولي -98%، الشاحنات الواردة -39%، معدل إشغال الفنادق -72%، السحوبات النقدية -21%، المبيعات عبر نقاط البيع -12%، مبيعات الوقود -32%، السجلات التجارية الفردية -49%، السجلات التجارية للشركات -48%، قيمة المعاملات العقارية -35%، عدد المعاملات العقارية -32%، رخص البناء الصادرة -26% .
كل هذه القيم السالبة تعني بحسابات الاقتصاديين "انكماشا" سيلحق أول ما يلحق برؤوس البحرينيين، في وقت لم يعد رزقهم يؤرّق أحدا، فهم ليسوا أولوية، ولم يعد هناك أحد يدافع عنهم. لا أحد!
في اقتصاد لا يخدمهم أصلا، سيخسر الآلاف من البحرينيين وظائفهم قريبا، بشكل قانوني ومبرّر! وسيقتلهم الفقر قبل كورونا!