لماذا لا يفرج الملك عن السجناء بعد 10 رمضانات؟!
2020-05-18 - 8:41 ص
مرآة البحرين (خاص): آلاف الشباب البحرينيين صاموا رمضانهم العاشر في السجن، بينما ظهر الملك يشارك في يوم عالمي للدعاء والصلاة والصيام، لرفع وباء الكورونا الذي يمكن في أي لحظة أن يخترق سجونه السياسية ويتسبّب في كارثة لكل بلاده.
قبيل شهر رمضان، لاحت بوادر على إطلاق سراح بعض السجناء السياسيين، بـ"عفو ملكي"، على هامش أزمة الوباء العالمي غير المسبوقة. عدد كبير من النوّاب "تجرّأوا" وطلبوا من الملك علنا الإفراج عن السجناء السياسيين، في بيانات جاءت بطلب رسمي على ما يبدو، لكنّ شيئا لم يحدث، وأحدا لم يخرج!
قبلها بشهر، وبفضل كورونا أيضا، أصدر الملك لأوّل مرة منذ 2011 عفوا عامّا شمل 57 سجينا سياسيا فقط من أصل 901! بقيّة من أفرج عنهم هم من مرتكبي الجرائم الجنائية وعلى رأسها السرقة والمخدّرات (كما أفادت معلومات مؤكّدة).
رمضان هذا العام، الذي ينقضي في البحرين "ساكتا" لأوّل مرة في التاريخ بلا مجالس ولا مآتم ولا مساجد، بسبب وباء الكورونا، هو رمضان العاشر منذ احتجاجات 2011. حتى حوالي العام 2017 كان رمضان شهرا سياسيا بامتياز كل عام. في رمضان 2016 أسقطت السلطات جنسية الزعيم الأعلى للشيعة في البحرين آية الله الشيخ عيسى قاسم، فحوّل الناس محيط بيته إلى ساحة اعتصام مفتوح قرابة العام، وقبل رمضان 2017 بأيّام فقط سحقت السلطات اعتصام الدراز، بالضربة القاضية!.
فعل النظام في البحرين كل شيء، لم يعد هناك خط أحمر، ولا محظور. على مدار 3 أعوام، لم يعد في المشهد السياسي بالداخل أي شيء يقارع النظام. سكت كل شيء!.
أذعن كل شيء لإرادة الملك، وحقّق الملك كل ما كان يريد. لم يعد شيء يتهّدده، فلماذا لا يفرج عن السجناء السياسيين؟ لماذا يجازف في إبقاء ما يقرب من 4000 سجين سياسي في الزنازن المكتظة مع كل الخطر الكبير الذي يمكن أن تتسبّب فيه إصابة واحد منهم فقط بمرض الكورونا؟ الخطر الذي لن يكون حينئذ محصورا بين جدران السجون، بل سيضرب البلاد من أقصاها إلى أقصاها!.
وربما، في هذا البلد الذي تنخره الديون، ويتهدّده مستقبل اقتصادي قاتم، لم تعد هناك مطالب سياسية آنية تثقل هم الناس، تعادل حريّة السجناء وسلامتهم. لقد آيسوا من الفرص العادلة في الأعمال والبعثات والدراسة الجامعية والمناصب وحتى المناقصات، أكثر مما آيسوا من الحصول على تمثيل عادل داخل مجلس تشريعي كامل الصلاحيات!.
نريد أبناءنا. هذا ما شغل آلاف المواطنين الذين صلّوا ليلة القدر البارحة في منازلهم. هذا ما كان يملأ ضمائرهم الصامتة، وأنّاتهم الواهنة وهم يدعون "يا من لا يعتدي على أهل مملكته.. ويأخذ أهل الأرض بألوان العذاب"!.
هل فكّر الملك في دعوات هؤلاء، وهو يشارك في إعلان 14 مايو يومًا عالميا للدعاء والصلاة والصوم لرفع هذا الوباء عن البشرية. هل حرّكت ضميره صرخات الأمّهات الخائفات على أولادهم داخل السجون، وهل أثارت شفقته الحياة المدمّرة لآلاف العوائل البعيدة عن معيليها وأبنائها. لماذا لم تأخذه الرأفة إلا بالسرّاق والمجرمين؟!.
"وإننا لندعو الله جلت قدرته في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الكريم، أن يوفقنا وإياكم ويسدد على طريق الخير خطانا، و يقوي أواصر المودة والمحبة بيننا، ويجعل قلوبنا مليئة بالخير والتفاؤل والمحبة لكل الناس". الذي يستمع لخطاب الملك بمناسبة دخول العشر الأواخر من رمضان، يتخيّل البحرين دولة أفلاطون الطوباوية، ولا ينقصها سوى الدعاء. يُخيّل إلى السامع بأنّه ليس لدى الملك أدنى أزمات سوى هذا الوباء الجائح الفاتك.
ولنقل أن هذا الوباء هو أدهى المصائب بلا شك، هل الاعتراف به شرّا مستطيرا يكون بتجاهل آلاف السجناء السياسيين؟ ماذا سيحدث لو انتشر الوباء داخل سجن جو؟ أي دعاء وأي ثبور حينها!
تتزايد الأنباء غير المؤكدة عن إصابات بكورونا وسط عناصر من وزارة الداخلية، وهو ما ليس بمستبعد أبدا بعد تأكيد تزايد الحالات المصابة وسط الكادر الطبي، والطفرات العالية في الإصابات داخل البلاد خلال الأيام الأخيرة، فضلا عن الوفيّات.
في العام 1918، السنة الأخيرة للحرب العالمية الأولى، قضى وباء الإنفلونزا الإسبانية على حوالي 50 مليون إنسان. أهم العوامل التي سارعت من وتيرة انتشار الوباء ثكنات الجنود المكتظة وتحركات المشاة الهائلة.
يوم أمس احتفل العالم باليوم العالمي للعيش معا في سلام. كل ما يريده سجناء البحرين بعد 10 سنوات، هو أن يعيشوا! فلماذا لا يملك الملك جرأة إنهاء كل هذا الألم والخوف؟ وهل فعلا هو من يملك قرار العفو أصلا؟.