لماذا على البحرين أن تباشر إصلاحاً سياسياً عاجلاً الآن؟
2020-05-09 - 6:04 م
مرآة البحرين (خاص): لم يعد الأمر يحتمل المزيد من إضاعة الوقت، فالعالم كلّه يئن تحت وطأة الركود الاقتصادي المقبل الناتج عن جائحة كورونا. الدول الأكثر ثراء في الخليج بدأت تعيد حساباتها وموازناتها، بينها السعودية والإمارات. فما هو وضع البحرين؟
البحرين التي تعيش من الأساس وضعاً اقتصادياً معتلاً وديناً عاماً ضخماً، فضلاً عن أزمة سياسية خانقة تكاد تنهي عقداً كاملاً دون حلحلة أو تحريك، وحالة عامة من الإحباط يعيشها البحرينيون، وعلاقة هي الأسوأ بالحكم الذي قاد البلاد لهاوية سحيقة، وغلاء معيشي منفر، وضرائب تنهش جيب المواطن لتغطية عجز الدولة، ومستقبل مجهول للأجيال المقبلة.
البلد أشبه بمريض ينوء على فراش الموت بحاجة لتحرك سريع لإنعاشه قبل أن يفوت الأوان. انهاض حقيقي يسعفه على مواجهة المزيد القادم بسبب جائحة الكورونا. معونات الجارات الخليجيات الثريات التي اعتادت البحرين التعويل عليها في حلحلة عجزها الاقتصادي لم تعد مضمونة بعد الأزمة التي عصفت بالعالم أجمع، لم تنج منها الدول الخليجية. وزير المالية السعودي صرّح أن بلاده لم تواجه مثل هذه الأزمة، وقال إن الإيرادات ستنخفض بشكل كبير وسنتخذ إجراءات صارمة جدا وقد تكون مؤلمة ويجب أن نخفض المصروفات بشدة.
عجزان ثقيلان إذاً، اجتمعا على البحرين يضربان في مفاصلها دون رحمة. البلد العاجز سياسياً سوف لن يكون قادراً على تخطّي عجزه الاقتصادي. لا سبيل إلى النمو الاقتصادي في ظل وضع سياسي مأزوم وسخط عام وحريات غائبة وطاقات بشرية مخنوقة وكفاءات وطنية مبعثرة وآلاف السجناء ومئات المهجّرين والمسقطة جنسياتهم. البلد العاجز عن تنشيط موارده البشرية وتحفيز إلهامها للعمل والانتاج كيف يمكنه تفعيل وضعه الاقتصادي؟.
ميزانية الدولة، عوضاً عن أن تذهب إلى ما يعزز نموها الاقتصادي وينهض بأبنائها للابداع والانجاز وتحريك الوضع الراكد، تذهب إلى ما تحكم به السلطة رقبة الشعب: سجون مكتظة بالسجناء السياسيين الذين يكلفون الدولة ميزانية باهظة، مئات الآلاف من القوات الأجنبية التي يتم ضخّها سنوياً لإحكام القبضة على الشعب، ميزانية دفاع ضخمة وأسلحة تلتهم أكثر ميزانية الدولة، مئات الآلاف من حالات التجنيس السياسي أرهقت ميزانية الدولة واستولت على فرص العمل من أيدي المواطنين الأصليين والتهمت عنهم فرص الإسكان والخدمات، نخب سياسية فاسدة تنهب أموال الدولة وتستولي على ثرواتها وخيراتها مقابل إفقار خزينة الدولة. أي بلد يمكن أن يتعافى اقتصادياً وهو يعيش كل هذا الهدر العام وأكثر؟.
لم يعد هناك المزيد من الوقت لاضاعته، صار ضرورة على البحرين أن تدير سياستها الأمنية والاقتصادية بشكل مختلف، أن تتخفف من ميزانية القمع والردع الداخليين، أن توجهها إلى ما يرتقي بميزانية الإنجاز ورفع سقف الهمم، إلى ما يخدم النهوض بالبلد وتنشيط مفاصل الركود فيه. صار ضرورياً الآن، أكثر من أي وقت مضى، للبدء بمشروع إصلاح حقيقي، يتوحّد حوله البحرينيون جميعهم، يطلق حماسهم وتكاتفهم لمواجهة العجز الاقتصادي، وينعش عزيمتهم للنهوض به.