البحرين: ماذا يعني "التدقيق الأمني" على إداريي المنظمات الأهلية؟
2020-02-01 - 1:37 م
مرآة البحرين (خاص): في خطاب عممته على المنظمات الأهلية قالت وزارة التنمية البحرينية إنها ستخضع مرشحي الجمعيات الأهلية لـ"التدقيق الأمني". جاء في خطاب وقعته مديرة إدارة دعم المنظمات الأهلية نجوى عبداللطيف جناحي 15 يناير/ كانون الثاني 2020 "فإنه في إطار التعاون والتنسيق المسبق مع وزارة الداخلية فسوف يتم التدقيق الأمني على مرشحي مجلس الإدارة قبل عقد اجتماع الجمعية العمومية العادي".
لسنوات ظلت مجالس إدارات المنظمات الأهلية محكومة بهذه الحيثيّة من الأصل. إذ ينص قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية المعمول به منذ العام 1989 تلقائيا في المادة 43 على ضرورة أن يكون "عضو مجلس الإدارة متمتعا بحقوقه المدنية". وما من حاجة إلى التذكير بما هو قائم فعلا على أرض الواقع.
لكن التعميم الجديد له مغزى واضح. فهو مكرّس لاستبعاد كل من ينتمي لجمعية سياسية تم غلقها وحلها من قبل الحكومة وأي عضو فيها من عضوية مجالس إدارات المنظمات الأهلية بعد حرمانهم من حق الترشح والتصويت في الانتخابات النيابية والبلدية. وهو أمر تمّ تطبيقه بتطرف في انتخابات العام 2018 حيث طال الآلاف. إذ لم يقتصر على الأعضاء المسجلين في الجمعيات المنحلة أو الملتزمين بدفع رسوم العضوية السنوي بل ضمّ حتى أولئك المستقيلين منها قبل قرار الحل.
ويقول الكاتب شوقي العلوي العضو السابق بجمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" المنحلة "أخشى أن يأتي يوم يصدر فيه قرار أو قانون يمنعنا من التنفس لأننا كنا أعضاء في جمعية سياسية تم حلها".
يشير التعميم إلى مصطلح "التدقيق الأمني" الذي ليس له ذكر في قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية. كما يمنح وزارة الداخلية صلاحية البت في أهلية المترشح وهو أمر آخر ليس له ذكر في القانون الذي غالباً ما كانت وزارة التنمية نفسها تتولى مراقبة تطبيقه.
وهذا ما يعطي التعميم صيغة فضفاضة يمكن أن تتسع لأي أحد وكل أحد. أي ليس فقط أعضاء الجمعيات السياسية المنحلة. إن الآلاف الذين دخلوا السجون أو تعرضوا إلى الاستجواب منذ 2011 أو مكثوا في التوقيف يوماً أو يومين مؤهلون لأن يسقطوا في اختبار "التدقيق الأمني" الذي ستشرف عليه وزارة الداخلية. ماذا يعني ذلك؟ تفريغ إدارات مؤسسات المجتمع المدني من كتلة اجتماعية هائلة لا تحمل لها وزارة الداخلية أيّ نوع من الود.
وحول ذلك يعلق النائب البرلماني السابق عن كتلة "الوفاق" جواد فيروز قائلاً "باختصار من غير مرضي عنه في وزارة الداخلية لا يحق له الترشح لمجالس إدارات المنظمات الأهلية! نموذج آخر لـ«المشروع الإصلاحي»".
ليس مخطئاً من حذّر من أخذ البلاد إلى طريق العسكرة. حتى سنوات كنا نسمع عن عبارات مثل "التدقيق الأمني" في دول شمولية فاشلة كالعراق وسوريا. وقد أصبحت البحرين اليوم واحدة من هذه البلدان. بدأ الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة عهده بإطلاق الحريات السياسية. وبعد عقدين من ذلك يبدو أنه تعب من تمثيل هذا الدور ويريد أن يصبح أسداً أو صدّاماً.