رسالة علي الغرير.. أرسل الفرح وانشر الحب
2020-01-13 - 5:39 م
مرآة البحرين (خاص): لماذا فجع البحرينيون بأكملهم بخبر وفاة الفنان البحريني علي الغرير؟ ولماذا ضجت وسائل التواصل المجتمعي بالحزن على فراقه بكل هذا النعي الاستثنائي؟
ليس لأنه صانع الضحكة وسفير الابتسامة فقط، ولا لأدواره التي أحبها الناس في شخصية "مهدي" في مسلسل "سعدون"، ثم في دور "الرقي" في مسلسل نيران، و"طفاش" أبرز شخصياته التي أحبها الجميع، بل أكثر من هذا بكثير..
باختصار، أحبّ كلّ الناس علي الغرير لأنه أحبّ كل النّاس. ببساطته النقية، وبخفّة ظلّه الفطرية، وبدون حاجة منه إلى استخدام العبارات الطنانة، ولا الرطانة الممجوجة عن الحب بين أبناء الوطن الواحد، ولا العبارات الجوفاء عن التعايش والتسامح ونبذ الفرقة والطائفية، مضى (علي الغرير) يضرب مثاله الجميل في كل ذلك بلا تكلّف، وبلا ادّعاء، بل بنقاء يشعّ من داخله.
وحين دقّت حفلة الزار بأوصال المجتمع وأظهرت أسوأ ما في القلوب من شحناء وبغضاء، وما زالت، رأيناه كيف بقى مصرّاً على الدقّ على وتر الحبّ وحده، وكيف أصرّ أن يظهر عبر رسائل الفيديو القصيرة مع أهالي المناطق والقرى المختلفة، مقدار حبّه لهم واعتزازه بهم، حتى اختلطت لهجته بلهجتهم، وتماهى في دور ابن القرية "مهدي" حتى التبست هويته المذهبية على كثيرين حينها. لقد أصرّ علي الغرير بعد أحداث 2011 بالذات على تأكيد محبته للناس الذين عرفهم وتربّى معهم وعاشرهم وظلّ يؤكد كلما سنحت له فرصة من خلال التقاط فيديو له هنا أو هناك بأنهم أجمل الناس. رأينا رسائل الحبّ التي يرسلها من كل مكان في البحرين، السهلة، المالكية، فريق الحطب، وغيرها دون استثناء..
كان علي الغرير قريباً من الناس، كلّ الناس، بينهم ووسطهم في أفراحهم وأحزانهم واجتماعاتهم وفعالياتهم المختلفة، لم يتخلّف يوماً عن المشاركة بروحه المرحة في عمل خيري أو نشاط إجتماعي، استثمر وجوده المحبوب في تشجيع فعل الخير والدعوة إليه والترويج له، وحيثما حضر، أحضر الضحكة معه تدبّ في أوصال المكان.
أحبّ الصغار علي الغرير في أدواره التي حفظوها لفرط تكرار مشاهدتهم لها، فصار الآباء كلّما شاهدوه في مكان عام، يطلبون منه إلقاء تحيّة مصوّرة على أبنائهم عبر فيديو قصير، فلا يستنكف ولا يتأخر، بل ينشرح ويتوسّع، يبدأ الفيديو بقوله: هذه رسالة خاصة إلى.... يذكر الأسماء واحداً واحداً، يرسل فكاهاته وتحياته وحبّه، ثم يختم بتوصياته أيضاً..
بقربه من الناس وحركته بين الناس وتفاعله مع الناس، صغاراً وكباراً، شكّل علي الغرير حالته الفنّية الخاصة، وقدّم حضوراً جماهيرياً متفرداً رسالته: أرسل الفرح وانشر الحب.
لهذا كلّه كانت فاجعة البحرينيين، كل البحرينيين بوفاة علي الغرير/ مهدي/ طفّاش الفاجعة يوم 12 يناير 2020 كبيرة واستثنائية. ولهذا تدافع المئات لتوديعه بالدموع إلى مثواه الأخير في تشييع مهيب بحضور الجماهير الغفيرة والفنانين من البحرين والخليج.
رحمك الله يا نقي القلب والأخلاق والسيرة.