جليلة السلمان: ساعة القراءة في مدارس البحرين، من فكرة جميلة إلى هدر الوقت والجهد!!!
جليلة السلمان - 2019-10-16 - 3:32 م
يرزح المعلمون في الميدان التربوي تحت أعباء كثيرة تستنفذ جُلّ وقتهم وطاقتهم دون نظرةٍ من المسئولين لما يعانونه من حجم العمل، ونحن إذ نتفق على ضرورة أن تكون هناك برامج مختلفة ذات قيمة وتأثير تعمل على تنمية قدرات وملكات الطلبة على اختلاف أعمارهم وتضيف إليهم ما يمكن أن يكون منتقصاً بداخل الصفوف، إلا أننا نرى ضرورة أن يكون هناك تقييم واضح وشفاف لكل البرامج المطروحة بعد استنفاذ فترة التجربة وقبل التعميم للوقوف على مدى نجاح التجربة والتعرف على الصعوبات والمعيقات لتفاديها قبل ان يكون البرنامج واقعاً مفروضاً على الجميع بكل نقاط ضعفه ويصعب تلافيها أو حلّها فيما بعد.
ونظراً لأهمية تعويد الطلبة على الاطلاع والقراءة، فقد استبشر الجميع بتطبيق مشروع القراءة في المدارس، تزامن مع إلغاء الواجبات المدرسية في وقتٍ عانت منه وزارة التربية من نقدٍ علني لأدائها، فكان إعلان الوزير عن مشروع القراءة، هبط على المعلمين ببراشوت الأوامر المتعارف عليه في الوزارة، وبمجرد هذا الإعلان بدأ التطبيق، ويا لهول ماحدث! تم تخصيص فترة صباحية يومية للقراءة اقتطعت من وقت الحصص الأساسية فتعالت صرخات المعلمين من صعوبة إكمال المواد الدراسية بهذا الاقتطاع نظراً لاختلاف التخطيط وزمن التنفيذ، لكن لم تكن هناك ردة فعل مناسبة عدا مادة العلوم للحلقة الثانية أما الحلقة الثالثة فقد خسِرت اللغة العربية حصة من أصل ست حصص أسبوعياً، والعلوم حصة من أصل خمس حصص، مع إبقاء محتوى المنهج دون تقليص.
وجد المعلمون أنفسهم مجبرون على التنفيذ، دون خطط معدة ومتفق عليها لكيفية هذا الأمر، تُرك الأمر للاجتهاد - وقد يكون جيداً لتحفيز الإنتاجية - لكن ماذا حدث؟
في الأغلب يقوم المعلمون بقراءة صفحاتٍ معينة من كتاب ما أو قصة ما ويكون دور الطالب هو الاستماع، وأحيانا يقرأ الطلبة بأنفسهم، وتمضي حصة القراءة مفرّغة من كل متعة للقراءة بسبب تهديد الطلبة بالخصم من درجات المشاركة في اللغتين العربية والإنجليزية فيكون الإجبار والخوف هما المسيطران.
الأمر الآخر هو أن حصة القراءة سواء كانت باللغة العربية أو الانجليزية، تتم في الساعة الأولى من بدء اليوم الدراسي، ويتم تأخير الحصص الأخرى على شرف هذا البرنامج، تصلنا الكثير من الأمور بخصوص هذا الموضوع، ولإيماننا بأهمية القراءة وإرجاع الجيل الجديد لها بعد أن تخلى عنها لصالح الأجهزة والألعاب الإلكترونية فإننا نجمل ما وصلنا ونضعه برسم وزير التربية:
-
لماذا لا توجد خطط واضحة توضح الأهداف المرجوة من ساعة القراءة وسبل تحقيقها بشكل عام ويترك الإبداع للمعلمين عوضاً عن ترك الحبل على الغارب وضياع وقت دراسي ثمين من يوم الطالب دون تحقق الأهداف؟
-
ما الضير في تأخير ساعة القراءة لنهاية دوام اليوم المدرسي وبذلك تتحول هذه الساعة من ساعة تطبيق اجباري إلى ساعة تخفيف للطلبة من أعباء اليوم الدراسي وإراحة لعقولهم من التركيز في مختلف العلوم والاستمتاع بالقراءة؟
-
أين آليات التقييم؟ ومن يحكم على نجاح المشروع من عدمه في ظل عدم القيام بدراسة ميدانية وتقييم حقيقي؟
-
السؤال الأهم بعد التنفيذ طوال الفترة السابقة، هل لوحظ ارتقاء بمستوى الطلبة في الحصيلة اللغوية سواء في اللغة العربية أو الانجليزية؟ وهل تحسّن مستوى التعبير عند الطلبة في اللغتين؟ وهل زاد الإقبال على استعارة الكتب والقصص من مكتبات المدارس على سبيل المثال؟
-
إذا كان الهدف هو القراءة، فلماذا لا تُنشأ في كل المدارس نوادي للقراءة تكون ضمن حصص الأنشطة التي يتم تقسيم الصفوف وقتها لحضور مواد مختلفة وفيه يتم مناقشة الطلبة في ما تمت قراءته شفهيا والطلب منه كتابة مافهم بأسلوبه وطريقته ورؤية مدى الاستفادة ؟!
ختاما، القراءة متعة روحية وتنمية حب القراءة أصبح من واجبات القائمين على التعليم ولكن أن تتم القراءة لمجرد القراءة بمعنى فتح جلدتين والمرور ما بينهما لا يحقق شيئاً، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فالأفضل إلغاء تمديد اليوم الدراسي بعد إلغاء القراءة وتوفير الميزانيات وإعطاء المعلمين مجالا للتنفس خصوصا أنهم يضطرون لإكمال أعمالهم خارج أسوار المدرسة وعلى حساب وقتهم الخاص ووقت عائلاتهم.
أنهي بطلبٍ وحيد وهو ألا تقوم وزارة التربية بالرد علينا انشائياً فالهروب من المشكلات يفاقمها ولا يحلها بل نتمنى أن نرى واقعاً ملموساً بداخل المدارس فإما إلغاء التمديد بإلغاء القراءة والتوفير وإما خطط واضحة وطموحة للارتقاء بالمشروع يتبعه تقييم شفاف.
* عضو المجلس التنفيذي للدولية للتربية