ماذا تعرف عن مبعوث رئيس الوزراء البريطاني الذي زار مأتم القصاب؟ 2500 دولار راتب شهري من السعودية لتنظيف سمعتها بالبرلمان
2019-10-12 - 4:59 ص
مرآة البحرين (خاص): أيام قضاها المبعوث الخاص لرئيس الوزراء البريطاني لحرية الدين والمعتقد، رحمن تشيشتي، البريطاني من أصل باكستاني، في البحرين. زار فيها الملك البحريني والتقى وزير خارجيته وحضر لقاءً للسفارة البريطانيّة ومأتم القصّاب في العاصمة المنامة وخرج بشهادة زور عن مناخ التعدديّة والتسامح الديني الذي رآه في البلاد. كما أعلن عن "تعاون مستقبلي [بين البلدين] حول حرية الدين أو المعتقد على المستوى الدولي".
رافقه السفير البحريني في لندن الشيخ فواز بن محمد آل خليفة في معظم زياراته الداخليّة بما فيها تلك الزيارة المقصودة لمأتم القصاب. فكما أن الأشياء لا تحدث صدفة فإن هذه الرّفقة تعني الكثير. هناك مثل عربي يقول "لا تسل عن المرء واسأل عن قرينه" أما قرين مبعوث الحرية البريطاني فهو أحد منتهكي هذه الحقوق بالذات في البحرين والذي تدينه منظّمات دوليّة على تورطه في العديد من حالات قمع الصحافيين والرياضيين ووسائل الإعلام الحرة.
الحقيقة أنّ رحمن تشيشتي ليس أقلّ سوءاً بكثير من مرافقه فواز آل خليفة. فهو لسان السعوديّة الناطق في البرلمان البريطاني. ويتهمه زملاؤه في البرلمان بتمثيل المصالح السعودية والنيابة عن حكومة الرّياض في الدفاع عن جرائمها خاصة ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن مقابل أتعاب مالية شهرية يتلقاها.
في العام 2016 بعث النائب الديموقراطي الليبرالي توم براك رسالة إلى مفوضة المعايير في البرلمان البريطاني كاثرين هدسون دعاها إلى التحقيق بشأن مدفوعات مالية يتلقاها "تشيشتي" من مؤسسة بحثية مقرها العاصمة السعودية وهو "مركز الملك فيصل" مقابل تقديمه دوراً استشارياً في المركز. وبحسب الرّسالة فإنه كان يتلقى مكافأة شهرية قدرها 2000 جنيه استرليني (حوالي 2500 دولار) من المركز المذكور.
رداً على سؤال اعترف تشيشي بذلك ودافع عن نفسه قائلاً ــ وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية ــ إنه يتقاضى هذه المكافأة مقابل وظيفة "تقديم المشورة للمركز بشأن عمله في العلاقات الدولية التي تغطي أوروبا والشرق الأوسط وأنه يقضي 10 ساعات في الشهر على هذا الدور".
وقد علق النائب الديمقراطي براك على ذلك قائلاً "من الواضح أنه (تشيشتي) أثناء تسجيله لدوره في المركز في 24 فبراير/ شباط 2016 كان يعلم في تلك المرحلة أنه سيتلقى مدفوعات"، متسائلاً "هل يعد هذا خرقًا لمدونة عضو ما يدافع عن حكومة أجنبية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمنظمة غير حكومية؟".
كما تساءل أيضاً عما "إذا كان من المصلحة العامة أن يتلقى عضو في البرلمان تمويلًا من منظمة غير حكومية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالحكومة السعودية".
ووفقاً لصحيفة "التايمز" البريطانية فإن تشيشتي الذي عمل في اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان بين عامي 2011 و 2014 قد أدلى "ببيانات في مجلس العموم تقدم المصالح السعودية بعد تسجيل الدفع [له]".
لم تمرّ زيارة "تشيشتي" إلى المنامة مرور الكرام على مواطني بلاده ولا محاولاته الدؤوبة لتنظيف ملفها المليء بالانتهاكات. ففي رد على تغريدته بشأن التعاون المستقبلي مع البحرين في ملف الحريات الدينية سأله بريطاني "لكن ماذا عن حقوق الإنسان أو عن تلك القضايا التي تدخل في صميم عملك [كمبعوث خاص لحرية الدين والمعتقد] ؟".
كما علق آخر "إنك تتغاضى عن حقوق الإنسان. فهل تفعل ذلك مجاناً؟". وفيما نصحه أحد المعلقين بأخذ جولة في "غوغل" للاطلاع على بيانات هيئة الأمم المتحدة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين تساءل الصحافي الاستقصائي فيل ميلر "كم دفعوا لك من أجل القيام بهذه الرّحلة؟".
لا يبدو أن محاولات رحمن تشيشتي الذي هو ابن إمام دين باكستاني من مظفر اباد في كشمير هاجر إلى المملكة المتحدة في العام 1978 (محاولاته) لتبييض سمعة البحرين المتضرّرة تنطلي على أحد. وقد تحوّلت إلى مناسبة لفتح ملفه في الفساد ودفاعه المستميت عن أنظمة قمعيّة في الشرق الأوسط مقابل حفنة من الأموال. لكن بالنسبة إلى بلد مفلس كالبحرين فإن مسئوليه اليائسين على استعداد لأن يتمسّكوا حتّى بقشّة. كيف وقد أتت القشّة من الحليف البريطانيّ العتيد الذي طالما اعتمدت عليه في تنظيف مسرح الجريمة! جريمة سلب حقوق المواطنين البحرينيين وقمع تطلعاتهم المشروعة عبر السياسات الأمنية!