قضاءٌ يتجاوز عن المخمور القاتل ولا يرحم نبيل رجب بـ «العقوبات البديلة»
2019-09-17 - 8:42 م
مرآة البحرين (خاص): المفارقة أنه خلال أقل من 24 ساعة، أصدر النظام القضائي البحريني حكمه بالسجن لمدة 3 سنوات على قائد الحافلة الآسيوي الذي تسبب، وهو في حالة سكر، بحادث مروّع أودى بحياة شاب بحريني، بينما رفض الطلب المقدّم من الحقوقي الدولي المعروف نبيل رجب باستبدال ما تبقى من فترة عقوبته وفق قانون العقوبات البديلة.
الآسيوي الذي خرج مخموراً إلى شوارع البحرين الرئيسية والسريعة، مستهتراً بأرواح العباد وقوانين البلاد، يقود حافلة كبيرة بعكس اتجاه السير، متسبباً بكل برود في قتل شاب بحريني (علي الهدّار) فجع به أهله ووطنه، يحكم بالسجن لمدة 3 سنوات فقط وإعادته لبلده، في حين يقضي المدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب، عقوبة بالسجن لفترة 5 سنوات بسبب تغريدة له انتقد فيها الحرب في اليمن، إيماناً منه أن الحروب لا تخلّف غير الدمار والخراب وقتل الأبرياء الذين لا ذنب لهم.
مفارقة فاقعة، لكنها ليست كذلك عند القضاء البحريني، اعتاد البحرينيون تخفيفه على القتلة والمعذبين والمستهترين بالأرواح، وتغليظها على الذين يدافعون عن الإنسان ويرفضون قتل الأبرياء والاستهتار بحياتهم، وهاهي محاكم النظام اليوم 17 سبتمبر 2019، ترفض حتى استبدال ما تبقى من فترة محكومية رجب وفق قانون العقوبات البديلة.
النائب العام علي البوعينين سبق أن قال أن 756 محكومًا استفادوا من العقوبات البديلة، هؤلاء المستفيدون مدانون بقضايا مخدرات ودعارة وقتل وسرقة وغيرها، رأت المحكمة أنهم مستحقون ليكملوا عقوبتهم البديلة خارج أسوار السجن ومع الناس، لكنها لا ترى أن معتقل رأي مثل نبيل رجب يستحقّّها، فهو غير مشمول بها، رغم أنها تعلم أنه ليست هناك أية خطورة أمنية في وجوده خارج السجن، على عكس آخرين ممن طبّقت عليهم تلك العقوبة البديلة.
الخطورة عند السلطات البحرينية ليست فيما يرتكبه الجناة والقتلة والمعذبون من جرائم كبيرة، أو المفسدون من سرقات وهدر للمال العام، فهذه أقل من أن تشغل أحكام القضاء التي تأتي مُخفّفة إن لم تكن متواطئة ومبرئة، لكنها تحتدّ وتصير أكثر قسوة وتشديداً كلما ارتبط الأمر بالتعبير عن الرأي أو نقد الأوضاع السياسية في البلاد، سواء أكانوا نشطاء سياسيين أو حقوقيين أو إعلاميين أو حتى مغردين، بل حتى المواطنين العاديين قد يواجهون تداعيات في حال تابعوا حسابًا ما على تويتر، أو أعادوا نشر تغريدة أو حتى علقوا على مشاركة ما أو أُعجِبوا بها على موقعي تويتر وفيسبوك، في حال كان صاحب الحساب يُعتَبَر منشقًا من قبل السلطات أو لديه آراء سلبية حول الحكومة.
أُدخل نبيل رجب السجن على خلفية تهمتين، تم اتهامه أولًا بـ "نشر أخبار كاذبة وتصريحات وشائعات حول الوضع الداخلي للمملكة من شأنه أن يقوض مكانتها ومكانتها" بسبب مقابلات تلفزيونية أجراها في عامي 2015 و2016، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين. ثم حُكم عليه لاحقًا بخمس سنوات إضافية في فبراير/شباط 2018 بتهمة "نشر شائعات كاذبة في وقت الحرب" و"إهانة السلطات العامة" و"إهانة دولة أجنبية" بسبب التغريدات التي كانت تنتقد التعذيب في السجون البحرينية والحرب في اليمن.
السلطات البحرينية ليست فقط تسجن نبيل رجب وترفض استبدال عقوبته، بل أنها منذ اعتقاله الأول في 2012 تمارس عليه سياسة عزل تهدف إلى قتله من الداخل ببطء، وهو ما صرّح به بعد خروجه الأول في 2014، استمر ذلك أيضاً بعد اعتقاله الثاني في 2016 حتى اليوم، وهو أول سجين يتم التعامل معه بهذه الطريقة، العزل بشكل كامل عن باقي المحكومين على خلفية قضايا سياسية، ووضعه مع سجناء محكومين بقضايا دعارة وآخرين مدانين بالانتماء لداعش.