أسامة التميمي... لا تحزنْ معك قلوب الناس لكن ما عادت هناك دولة
2019-08-17 - 12:48 ص
مرآة البحرين (خاص): تريد أن ترى البحرين في أضعف مراحلها وأين أودت بها السياسات الأمنيّة؟ انظر إلى صور أسامة التميمي، النائب البحرينيّ السابق، على الكرسيّ المتحرّك، ناجٍ من جلطة وموقوف عن سَفَر العلاج في جمارك المطار. أبداً هي ليست صورة شخص فرد وضعه جهاز الأمن الوطنيّ في رأسه وقرّر "مرمطته". بل هي تكثيف رمزيّ بالغ عن مستوى الاستضعاف الذي وصلت له الوطنيّة البحرينية في عمومها، وفي المقابل مستوى التضخم والفجور الذي وصل له الجهاز الأمني في خصوصيّته.
هكذا انتُزعت عضوية التميمي من المجلس النيابي الذي وصل إليه بالانتخاب. هكذا استُهدفت صالته الرّياضية بزخات الرّصاص الحيّ: جريمة بلا مجرم!
هكذا أصبح وعائلته وأطفاله فجأة، هدفاً للملاحقة والترويع وحملات الدّهم المستمرّة من قبل عناصر المخابرات. هكذا أصبح لا يخرج من السجن إلا كي يعود إليه لقاء قضايا يجري تركيبها له في الصبح والعشيّة.
هكذا أصبح لاجئاً طالباً حماية لم ينلْها من السفارة الأمريكية. هكذا وُعد مما قيل إنه "شخص مسئول" بعدم التعرّض له فما كاد يمضي شهر حتّى عاودت مافيا الأمن لعبتها المفضّلة معه.
هكذا دُهم بيته مؤخراً واقتيد إلى غرف الأمن ثم ليُنقل إلى المستشفى إثر جلطة مباغتة. ثم أخيرا هكذا، فجأة، غدا رجل الرّياضات اللاهوائية قعيد كرسيّ متحرك راغباً في السفر للعلاج لكنه ممنوع!
إزاء كل ذلك، يقف كل إرث الدولة والوطنيّة البحرينية عاجزاً عن فعل أيّ شيء؛ ولا حتى قول كلمة حق في حق نائب برلماني سابق. لا مؤسسات المجتمع المدني، ولا الجمعيّات السياسية؛ حتى المعارضة القليلة المتبقية، ولا البرلمان بغرفتيه، ولا المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ولا هيئة التظلمات ولا الصحافة ولا أيّ أحد.
على كرسيه المتحركة، بذقنه المسْدَل، يجلس التميمي وحده في مواجهة أكثر المخلوقات خساسة وشرّانية. بلادٌ كما ليس فيها أيّ أحد. وطنيّة كما لو الطّاعون ضربها.
في رواية "المحاكمة" لفرانز كافكا يجد السيد " جوزيف ك." نفسه فجأة أمام رجلين يخبرانه بأنه مطلوب للمحاكمة من دون إخباره بتهمته أو ما هي جريمته. على ذلك يجري استجوابه وتنهض فصول محاكمته بشأن تهمة لا يعرفها من الأساس ولا أحد يقول له ما هي حتى المحكمة. يواجه " جوزيف ك." بمفرده منظومة قضائية جبّارة تملك كل الأدوات القانونية لإدانته والتنكيل به لمجرد رغبتها في ذلك.
هذا هو البحريني اليوم باختصار. وحده؛ مثل السيد "جوزيف ك." ومثل أسامة التميمي أمام آلة ضخمة جبّارة تستهدف روحه في مشوار عبثي متواصل منذ العام 2011. هذه هي حياته منذ أوكلت البلاد إلى أجهزة الأمن التي أصبحت هي الدولة وهي الشعب معاً.