على هامش إضراب سجناء العزل: هذا ما قاله الحقوقي البارز نبيل رجب عن تجربته في سجن العزل
2019-08-16 - 1:11 ص
مرآة البحرين (خاص): في لقاء جمع بين مرآة البحرين والحقوقي البارز نبيل رجب بعد الإفراج عنه في 2014 ، تحدث حول تجربته في السجن قضاها لمدة عامين، أوضح رجب أن أصعب ما عاناه خلال هذه التجربة هو سجن العزل الذي مورس عليه، ففي ذاك الحين (الاعتقال الأول 2012) لم يكن ممكناً تعذيب الحقوقي المعروف عالمياً، خاصة أنه تم اعتقاله بعد قرابة عام من أحداث 2011 وبعد صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق، لهذا لجأت السلطة معه إلى نوع آخر من محاولة الكسر، لقد عزلت نبيل عن الداخل والخارج، ولأنها لا تستطيع عزله بوضعه في سجن انفرادي، خوفاً من المساءلة الحقوقية، فإنها استخدمت طريقة أخرى، وضعته مع سجناء أجانب، أبسط ما يقال عنهم إنه لا يمكن أن يحدث بينهم وبين نبيل أي نوع من التواصل الذهني، ولا يمكن أن يشترك معهم في أي حوار مشترك ذي قيمة معتبرة عند نبيل.
لم يرغب نبيل حينها في الحديث عن (رفقاء) زنزانته، ولا الإشارة إلى نوعية قضاياهم، يرى في ذلك خدشاً لإنسانيتهم، مهما كانوا مختلفين عنه فكرياً واجتماعياً وسلوكياً، خصوصاً أنه كوّن مع الجميع علاقات إنسانية طيبة، لكنه كان طوال فترة سجنه ظلّ يشعر بالقهر وبتعمّد إيذائه عقلياً.
يقول رجب "السجناء السياسيون الآخرون الذين تم وضعهم في زنزانات مشتركة يشعرون بالانسجام مع بعضهم البعض، لديهم نفس الموضوعات والاهتمامات والهموم والمشاكل والقضايا. يتبادلون الأخبار. من يفد جديداً إلى الزنزانة يطلعهم بالمستجدات والأخبار التي في الخارج، الأهالي يتصلون بأبنائهم ويزورونهم ويخبرونهم بما يحدث ويتناقل الجميع آخر المستجدات، يلعب الجميع الكرة مع بعضهم ويمارسون الرياضة ويجلسون في حلقات نقاشية وما شابه. أنا لم يكن هذا متاحاً لي. كنت لوحدي في البداية مع سجناء (صينيين) ثم (بنغاليين)، دائماً يتم إحضار سجناء أجانب معي وبالمناسبة لا يتحدثون حتى الانجليزية، ويضعون بحريني أو اثنين فقط معي من أجل التمويه. التهم والخلفية يختارونها للسجناء الذين يحضرونهم معي تتم بحيث لا يمكن أن تكون أية صلة بيني وبينهم والخارج. الأحاديث بيننا متدنية كثيراً. لقد صار كلامي طوال هذه المدة محصوراً في الموضوعات المتدنية فقط!!"
وأضاف: "عرفت أن المنطقة المراد ضربها هي عقلي، يريدون إمراض عقلي، وأنهم يستهدفون إفقادي قدرتي على التفكير والحوار والنقاش بل والكلام أيضاً، فالعزلة الفكرية قتل بطيء. وبالفعل خلال اليومين السابقين، أي بعد خروجي من السجن مباشرة شعرت بنفسي غير قادر على بلورة الكلام، لا أستطيع اختيار الكلمات المناسبة، لا باللغة العربية ولا باللغة الانجليزية أثناء المقابلات واللقاءات، الآن أنا أسترجع لياقتي في الكلام بشكل تدريجي".
وأكمل نبيل: "في البداية خشيت على نفسي أن أموت غيظاً وقهراً، لكني بعد أن وعيت هدف ضرب عقلي، قررت أن أستجمع كل طاقتي لإفشال هذا الهدف، أن أبقي على حواسي وفكري وعقلي متيقظاً، أن أوظف عقلي لتقوية نفسي على مواجهة هذا العزل، وبالفعل تمكنت من السيطرة على نفسي، وعدم الاستسلام للعزل، وقلبت المعادلة حتى أني تمكنت من الاستغناء عن أدوية الضغط في السجن، ويبدو أني سأعود لتناولها الآن بعد أن خرجت" يقول ضاحكاً.
السؤال: هل يمتلك السجناء الذين يمارس عليهم العزل ذات القدرة على التحمل التي تحلّى بها نبيل رجب لقهر محاولة كسره حينذاك؟ وكيف يعيش رجب سجنه الآن؟ هل ما زالت تفرض عليه العزلة ذاتها؟