غرفة التجّار في الذكرى الثمانين لتأسيسها... خضوع سياسي ومصالح ثابتة
2019-04-01 - 4:50 ص
مرآة البحرين (خاص): حلّت ذكرى تأسيس غرفة تجارة وصناعة البحرين، وها قد مرّت ثمانون عامًا ولا زالت الغرفة التجارية الأقدم في دول مجلس التعاون الخليجي تنجز مهمتها في الحفاظ على مصالح التجار خصوصاً الكبار منهم.
ورغم كل التقلبات فإن التجّار رابحون في كل الظروف والأزمات، وهذا ما يبدو أن الأمور تسير إليه الآن، فالتجّار هم الجهة الوحيدة حتى الآن التي قبلت الحكومة الحوار معها دون كل المؤسسات والجمعيات البحرينية السياسية، العمّالية أو غيرها التي ظلت تطالب بفتح قنوات تفاهم وحوار معها.
ورغم موافقة الحكومة على الحوار مع الغرفة، لكن حتى اليوم مرّ على إطلاق ما أسمته الحكومة البحرينية «المشروع الوطني للتوظيف» شهر وخمسة أيام، دون أن تعلن غرفة التجارة أي موقف من المشروع الذي يفترض أن يحل مشكلة البطالة، بل احتفظت بموقفها رهناً لأمرين.
الأمر الأول، هو الانتظار لمعرفة مدى مرونة الحكومة مع طلباتها بإلغاء تصريح العمل المرن (الفيزا المرنة) أو تعديله بشكل جذري، ووضع ضوابط لتأسيس الأجانب للشركات، وإعادة النظر في دعم صندوق العمل «تمكين» لمشاريع المستثمرين الأجانب، إضافة لتقييد حرية انتقال العامل الأجنبي.
الأمر الثاني هو اكتشاف التغيير الذي سيطرأ على برنامج الدعم الذي تقدمه تمكين لرواتب البحرينيين الذين يتم توظيفهم في القطاع الخاص والمدة التي سيدوم فيها الدعم، وما إذا كانت هناك شروط جديدة ستلازم زيادة مقدار ومدة الدعم.
لم تعلن غرفة التجار حتى عن ترحيب اعتيادي بالمشروع، بل انشغلت بحوار بينها وبين وزير التجارة والصناعة زايد الزياني بعد توجيهات حكومية له بالحوار معها.
وفي 16 مارس 2019، قال نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين خالد نجيبي، في تصريح لصحيفة البلاد المحلية، أن ثمة ضوابط جديدة ستعلن خلال شهرين على الأرجح، تخص منح السجلات التجارية ورخص فتح الشركات للأجانب، إلى جانب معالجة ملفات تصريح العمل المرن، و العمالة السائبة.
وبيّن إن فريقيّ عمل شُكّلا مع الطرف الحكومي، يستعدان لرفع توصيات إلى الحكومة خلال شهرين. وقال أنه تم إحراز تقدّم، كما أكد تعيين شركات استشارية لمساعدة الطرفين على إيجاد حلول مشتركة.
ثمانون عاما مرّت ولا زالت الغرفة تحافظ على نهجها، خضوع سياسي تام للسلطة ودعم كامل لكل خطواتها، لكنها تطالب بأثمان مضاعفة في «البزنز».
الطبقة التي تأخد من الجميع وتعطي القليل وتربح الكثير، أحجمت، خلال الضائقة الاقتصادية الشديدة التي تمرّ على البلاد، عن ضخ أية أموال، بل التزمت التحفّظ في الاستثمار داخل البلاد، وتوسعت في استثمار أموالهم خارجياً.
يمكن تذكّر أنه بعد أسبوعين من فوز سمير ناس برئاسة الغرفة، تم الإعلان عن فوز شركة ناس بثلاث مناقصات ضخمة في دولة الامارات قيمتها أكثر من 12 مليون دينار.
ورغم شحّة التقارير التي تتناول حجم الأموال القطاع الخاص التي ينفقها في الاقتصاد المحلي، لكن قبل أيام كان هناك مقال لافت كتبه الاقتصادي جعفر الصائغ في صحيفة أخبار الخليج، تحت عنوان: أين القطاع الخاص؟. وجّه خلاله انتقادات لاذعة للقطاع التجاري.
التزمت الغرفة بمصالحها دون التوسّع في إبداء أي دعم لتوظيف البحرينيين العاطلين، وفضّلت الانتظار، فالحكومة محرجة أمام صعود نسبة البطالة في صفوف الشباب، وازدياد توظيف الأجانب في القطاعين، وبات لزامًا عليها زيادة مقدار ومدّة الدعم المالي الذي تقدمه لأجور البحرينيين من أموال صندوق تمكين، وهو ما يريده التجّار.
يعرف بيت التجار قوة موقفه وضعف موقف الحكومة الاقتصادي، مع ارتفاع الدين العام، وتجاذب القرار الحكومي بين أطراف العائلة الحاكمة.
الغرفة التي ظلّت لسنوات منطقة نفوذ لرئيس الوزراء خليفة بن سلمان، أعلن الأخير دعمه لموقفها وصرّح علنا بأنه لا يقبل بمنافستهم في رزقهم، إلا أن ذلك لا يبدو كافيا لفرملة التوجهات الاقتصادية المطلوبة من الداعمين الخليجيين وصندوق النقد العربي.
ولا يعني ذلك أن التحولات الاقتصادية ستعصف بمصالح الغرفة التي تأسست في العام 1939، فهي ذراع اقتصادي مهم للبلاد، ولديها أكثر من 70% من حجم القوى العاملة. الغرفة التي تمتلك تمثيلا في الهيئات والمؤسسات الاقتصادية المحلية، تحوز مساحة، دون ضغوط، للقاء السفراء والممثلين التجاريين ما يدعم علاقاتها واستثماراتها الخارجية، وتترأس مجالس الأعمال المشتركة مع أكثر من 60 دولة مختلفة.
احتفلت غرفة التجار بعيدها الثمانين، وسيبقى المواطنون الفقراء يبحثون عن غرفة تمثلهم وتحمي مصالحهم وتحافظ عليها.
بعض المواطنين ممن كانوا يتوهمون في الغرفة المنتخبة من السلطة التشريعية شيئاً، اكتشفوا الأمر في جلسة نقاش التعديلات على صندوق التعطّل، الصوت الشعبي مسروق والفقراء لا صوت لهم في هذه البلاد.