زمن التوظيف المباشر انتهى... خصخصة الوظائف في بابكو والكهرباء تدخل حيّز التنفيذ بمناقصات ضخمة
2019-03-30 - 5:15 ص
مرآة البحرين (خاص): بدأت شركة نفط البحرين (بابكو) وهيئة الكهرباء والماء التخلّي عن جانب كبير من عمليّاتها لصالح شركات خاصة، بما فيها توريد أيد عاملة لتنفيذ مهام محدّدة كالصيانة والتشغيل، تحت إشراف المهندسين في المؤسستين.
السياسة الجديدة في الهيئتين الكبيرتين هي واحدة من أخطر الخطوات في استراتيجية الحكومة البحرينية لخفض النفقات العامة عبر العزوف عن التوظيف المباشر، وخصخصة عمليات التشغيل والصيانة، رغم تصاعد أزمة البطالة في أوساط البحرينيين، واكتساح الأجانب للمشهد في سوق العمل، فضلا عن معاناة آلاف العاملين في القطاع الخاص من تدنّي الرواتب.
وفي 3 مناقصات كبيرة فُتحت يوم أمس الخميس 28 مارس/آذار 2019 عهدت شركة بابكو وهيئة الكهرباء والماء بجانب كبير من عمليات التشغيل والصيانة فيها إلى شركات خاصة، بما فيها توريد الأيدي العاملة المتخصّصة لأداء المهام المطلوبة في موقع العمل، بعقود ثانوية.
ولم تشرط المناقصات توظيف بحرينيين على المتعاقدين الفائزين، ما يجعل الباب مفتوحا على توريد المزيد من العمالة الأجنبية الرخيصة، لتحقيق أكبر أرباح ممكنة.
هيئة الكهرباء والماء ستعهد إلى إحدى الشركات الخاصة بتوفير أيد عاملة مهرة (مركبين ومشغلين) لمحطة حوار لإنتاج الكهرباء والماء في جزر حوار، لمدة 3 سنوات، وذلك عبر مناقصة وصلت أقل العطاءات المقدّمة فيها إلى ما يزيد عن 359 ألف دينار (حوالي 952 ألف دولار).
وسيكون على العمّال الموظّفين بعقود ثانوية تنفيذ جميع الوظائف المعطاة لهم من قبل مهندس المحطة بشكل مستقل مع إشراف أقل، بحسب المناقصة.
أما شركة نفط البحرين «بابكو» فقد عهدت بجميع أعمال الصيانة الروتينية وصيانة إيقاف الوحدات، بما فيها توفير الأيدي العاملة، إلى شركة خاصة أيضا، في مناقصة بلغت قيمة أقل عطاءاتها حوالي 21 مليون دينار تقدّمت به شركة ناس للخدمات الصناعية.
بابكو فتحت أيضا مناقصة أخرى عهدت فيها لشركة خاصة بخدمات العمل في الأراضي والطرق الموجودة في مناطق التشغيل، بما فيها أيضا الإدارة والإشراف وتوفير الأيدي العاملة. وبلغت قيمة أقل العطاءات المقدّمة لهذه المناقصة 4.7 مليون دينار، من قبل شركة عبد الكريم الجهرومي للمقاولات.
خصخصة الوظائف في الوزارات والهيئات والشركات الحكومية وشبه الحكومية ليست وليدة اليوم. للابتعاد عن تحمّل تكاليف توظيف البحرينيين بميزات العمل التي يفرضها الكادر الوظيفي في هذه المؤسسات والشركات، عمدت هذه المؤسسات بغطاء حكومي إلى التعاقد مع شركات خاصة لتولي مسئولية جانب من عملياتها (بشكل جزئي)، في بعض القطاعات، كان أوّلها قطاع خدمة الزبائن.
مراكز الاتّصال Call Centers للعديد من الوزارات والهيئات عُهد بعملياتها إلى شركات خاصّة أهمّها شركة "إنفيتا" وشركة "صلة الخليج"، دون أي شروط أو معايير للتوظيف، في حين أسندت شركة بتلكو (التي تمتلكها الحكومة) جانبا من عمليات خدمات الزبائن إلى شركات خاصة تقوم هي بالتوظيف وجانب من التشغيل نيابة عنها، للتخلّص من عبء الوظائف.
عمليات الإسناد الخارجية للوظائف كانت أصلا موجودة منذ زمن في عدد من الشركات، مثل شركة ألمنيوم البحرين "ألبا"، التي يعمل مئات من البحرينيين فيها بما فيهم مهندسون بعقود ثانوية رخيصة، للتخلّص من أعباء توظيفهم بشكل مباشر بما فيها المزايا العالية للموظفين، ولإبقاء الطريق مفتوحة لإلغاء وظائفهم متى ما استدعى الأمر.
ويقول مطّلعون إن هذه العمليات تفاقمت بشكل كبير في شركة ألبا، وأن عددا كبيرا من المهندسين والفنيين البحرينيين وظّفوا فيها بمثل هذه الطريقة وبأجور لا تتجاوز الحد الأدنى المعمول به في القطاع الخاص، وهو ما يقارب نصف الأجر الذي يحصل عليه المهندس الذي يتم توظيفه بشكل مباشر في هذه الشركة.
وبدلا من أن تفرض الحكومة أي قواعد تنظيمية أو قيود على هذه العمليات، لحماية العامل البحريني، لجأت إلى تطبيقها في الوزارات والشركات التابعة لها، بل ذهبت إلى الاستثمار فيها بشكل مباشر أيضا. في أغسطس/آب 2018، دخلت الحكومة شريكا بشكل رسمي في شركة «صلة الخليج» إحدى الشركات التي تعمل في تشغيل وإدارة مراكز الاتصال وإسناد الأعمال.
نموذج العمل الجديد هذا أثّر بشدّة في سوق التوظيف البحرينية، عبر إبعاد أي مسئولية للمؤسسات والهيئات المتعاقدة مع مورّدي العمالة، كونها مسجّلة رسميا باسمهم، وإن كانت تتبع تلك المؤسسات والهيئات إداريا وتعمل لصالحها.
وعلى مدار السنوات الماضية، لاقى عمل الشركة ومثيلاتها جدلا كبيرا، بعد أن تسبّب نموذجها في انخفاض كبير بمستوى الرواتب لآلاف البحرينيين حتى ذوي الخبرة منهم (دائما إلى الحد الأدنى)، فضلا عن فقدانهم الأمان الوظيفي، ورفع القيود عن منافسة الأجانب لهم، عبر تقنين الهروب من فخ البحرنة، من الباب الخلفي.