لماذا يستطيع "أمير التّعذيب" زيارة بريطانيا على الرغم من الدّعوات لاعتقاله؟

ناصر بن حمد مشاركًا في سباق في مهرجان ويندسور الملكي للخيول (أرشيف)
ناصر بن حمد مشاركًا في سباق في مهرجان ويندسور الملكي للخيول (أرشيف)

جوي أيوب - موقع غلوبال فويس - 2019-03-20 - 12:09 ص

تحرير مرآة البحرين

في الأشهر الأخيرة ، قفزت علاقة المملكة المتحدة مع حلفائها في الخليج إلى الأضواء في حكاية تجسس فريدة من نوعها وسط مشهد إعلامي بريطاني كانت  تسيطر عليه أخبار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

في نوفمبر / تشرين الثاني 2018، عاد الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز البالغ من العمر 31  عامًا إلى المملكة المتحدة بعد أن أمضى سبعة أشهر في سجن في الإمارات العربية المتحدة، غالبيتها في السّجن الانفرادي، على خلفية تهم بالتجسس. قصة هيدجز، التي لم تحظَ باهتمام كبير في البداية،  احتلّت الصفحات الأولى في الصحف بعد أن أعلنت الإمارات العربية المتحدة، وهي حليف للمملكة المتحدة، أنها تتهم هيدجز بالتّجسس لصالح الاستخبارات البريطانية MI6. وينفي كلّ من هيدجز والحكومة البريطانية هذا الاتهام.

جذبت قصة هيدجز الانتباه إلى التاريخ الطويل والمعقد للمملكة المتحدة في الإفلات من العقاب عندما يتعلق الأمر بمزاعم التعذيب التي يرتكبها حلفاؤها في دول الخليج، وتذكّرنا بالأسباب التي لا يزال من أجلها "أمير التعذيب" في البحرين، ناصر بن حمد، يتمتع برفاهية ومتعة السياحة في المملكة المتحدة على الرغم من الأدلة الواضحة على  ممارسته الانتهاكات خلال الانتفاضة التي شهدتها البحرين في العام 2011.

بدا أن الانتهاكات التي عانى منها هيدجز أثناء سجنه في الإمارات العربية المتحدة فاجأ الحكومة البريطانية، لكن ردها الفاتر على تعذيبه كان مفاجئًا بدرجة أقل - بالإضافة إلى السجن الانفرادي لمدة 23 ساعة كل يوم، تم تخدير هيدجز من قبل سجانيه - على الرغم من كون الإمارات العربية المتحدة أحد الحلفاء الرئيسيين  للمملكة المتحدة في الشرق الأوسط.

واتهمت دانييلا تيخادا، زوجة هيدجز التي أمضت الأشهر السبعة بأكملها تناضل في حملة من أجل الإفراج عنه، حكومة المملكة المتحدة بتجاهل طلباتها المستمرة للحصول على المساعدة.

أظهر رد المملكة المتحدة على قصة هيدجز مثالًا آخر على التساهل الذي تمنحه المملكة المتحدة للحكومات الخليجية العربية. ولا يستطيع الناشطون إلا أن يتذكروا كيف ولماذا لا يزال "أمير التعذيب" السيء السمعة في البحرين يستطيع التجوال بحرية [في بريطانيا].

"أمير التعذيب" في البحرين

قبل وقت طويل من تجاهل حكومة المملكة المتحدة تعذيب أحد مواطنيها على يد حليف لها، واجهت تحديًا قانونيًا في الداخل بسبب دورها في حماية عضو سيء السمعة في مملكة البحرين: ابن الملك، الأمير ناصر بن حمد.

سُمي "أمير التعذيب" من قبل المعارضين لمشاركته في تعذيب النشطاء الذين شاركوا في ثورة البحرين في العام 2011، غرّد في إحدى المرات على تويتر قائلًا:  "لو كان الأمر لي، لأبقيتهم مدى الحياة [في السجن]". بالفعل، كان بن حمد، الذي كان يبلغ من العمر 24 عامًا في بداية الانتفاضة البحرينية في العام 2011، من بين أولئك في النظام الحاكم في البحرين، المطالبين بالقمع الوحشي للمحتجين.

كرئيس للّجنة الأولمبية البحرينية، شكّل بن حمد لجنة خاصة "للتعرف إلى أكثر من 150 رياضيًا ومعاقبتهم" لمشاركتهم في الاحتجاجات في العام 2011، وفقًا لمنظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين. ودعا علانية بـ "جدار يسقط على رؤوس [المتظاهرين] ... حتى لو كانوا رياضيين ... البحرين جزيرة ولا يوجد مكان يفرون منه".

بدلاً من مواجهة الملاحقة في البحرين، قام الملك بترقية الأمير الشاب لرتبة قائد الحرس الملكي البحريني في 19 يونيو / حزيران 2011.

تعود علاقة الأمير مع المملكة المتحدة إلى العام 2006 عندما تخرج من أكاديمية ساندهيرست العسكرية في البلاد وكان عمره 19 عامًا.

ونظرًا لهذه الخلفية المخضرمة، لم يعتقد "أمير التعذيب" على الأرجح أن زيارته ستزج به في المشاكل. لكن بعد وقت قصير من  تعذيبه المحتجين البحرينيين، وصل محتج آخر، يُعرف فقط باسم "ف ف" إلى المملكة المتحدة ونجح في تقديم طلب اللجوء.

معنى هذا أن المملكة المتحدة اعترفت بالادعاءات المشروعة لـ "ف ف"، بما في ذلك مخاوفه من الانتقام في حال أُجبِر على العودة إلى البحرين. وتلفت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين إلى أن "ف ف" "يدعي أيضًا أن الشيخ ناصر كان متورطًا في التعذيب".

بعد مرور عام على ذلك، اختارت حكومة المملكة المتحدة منح "أمير التعذيب" الحصانة عندما دعا " ف ف" إلى اعتقاله خلال زيارته في يوليو / تموز من العام 2012 لأولمبياد لندن بصفته رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية. بدلًا من ذلك، شوهد ابن حمد في قسم الشخصيات الهامة في أحد ملاعب لندن في ذلك اليوم.

القصة لا تنتهي هناك. في أكتوبر / تشرين الأول من العام 2014، قضت المحكمة العليا في لندن بإسقاط الحصانة عن ابن حمد، وهو عرضة للملاحقة القضائية بشأن دعاوى التعذيب، ما أحيا الآمال بإمكانية اعتقاله.

وفقًا لما ذكرته صحيفة الغارديان، نُقِل الملف إلى فريق جرائم الحرب التابع لقيادة شرطة مكافحة الإرهاب. وأعلن الأخير بعد ذلك أنه "استنادًا للملف المُقَدّم إليه، لا تحقق الشرطة في الأمر".

جزء من السبب وراء قرار شرطة العاصمة عدم التحقيق كان ببساطة أن الشهود الرئيسيين لا يزالون يقبعون في سجون البحرين، وبالتالي لا يمكن إجراء التحقيق معهم. بالمناسبة، أدلى ممثلو ابن حمد بحجة مماثلة، مزاعم "ف ف" "لم يتم التّأكد من صحتها في محكمة بريطانية وأنه لم يكن هناك أي إجراءات ضده".

بعبارة أخرى، قال محامو ابن حمد إنه لا يمكن التأكد من ادعاءات "ف ف" في المحاكم البريطانية من دون الاعتراف بأن السبب هو عدم استطاعة الشهود الرئيسيين الحضور في أي محكمة أو الإجابة على أي أسئلة [موجهة من قبل] الشرطة البريطانية.

وهكذا بعد بضعة أشهر فقط، في مارس / آذار من العام 2015، نشر الأمير ناصر فيديو يظهره وهو يركض في حديقة هايد بارك في لندن، ما جدد الدعوات لاعتقاله. في الواقع، يسافر ناصر بانتظام إلى المملكة المتحدة منذ الاتهامات، بما في ذلك للاستمتاع بمهرجان ويندسور الملكي السنوي للخيول بصحبة الملكة إليزابيث الثانية ووالده ملك البحرين.

جدّدت حالة الإفلات من العقاب هذه التساؤلات حول ما إذا كانت المملكة المتحدة تفي بالتزاماتها الدولية، خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من المعاملة والمعاقبة القاسية واللإنسانية والمهينة للعام 1987، التي تنص على وجوب قيام الدول بتجريم التعذيب وملاحقة مسؤولي الدول الأخرى عند تواجدهم على أراضي الدولة".

وقعت المملكة المتحدة على هذه الاتفاقية في 15 مارس / آذار  من العام 1985 وصدّقت عليها في 8 ديسمبر / كانون الأول من العام  1988. وعند التوقيع على اتفاقية مناهضة التعذيب، أضافت المملكة المتحدة أيضًا [الفقرة التالية]:

"تحتفظ المملكة المتحدة، عند التصديق على الاتفاقية، بالحق في صياغة أي تحفظات أو تفسيرات قد تجدها ضرورية".

 

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع