للعاطلين الجدد في البحرين.. هذه هي حكاية المشاريع الوطنية للتوظيف خلال 18 عاماً
2019-02-27 - 6:16 ص
مرآة البحرين (خاص): هكذا إذن. هذا ما تمخضت عنه جلسات رأسي الحكومة خليفة بن سلمان وحفيد أخيه سلمان بن حمد، فبعد أسابيع من السخط العام المُعلن من سياسات الحكومة والقطاع الخاص في تهميش البحرينيين وتفضيل الأجانب في التوظيف، أعلنت الحكومة خطوات باردة ومُكررة لمواجهة هذا السخط.
يتلخص المشروع في 4 مبادرات، وهي إعادة تسجيل المواطنين العاطلين عن العمل، والثانية زيادة مبلغ إعانات التعطل وزيادة مدة الإعانة والتعويض إلى 9 أشهر، إلى جانب زيادة تعويض المفصولين والمسرحين ليكون بحد أقصى 1000 دينار، وكذلك ورفع الحد الأدنى إلى 200 دينار.
المبادرة الثالثة هي رفع رسوم تصاريح نظام البحرنة الموازي الاختياري على المنشآت التي لم تحقق نِسب البحرنة من 300 إلى 500 دينار، بالإضافة إلى رفع الرسوم المفروضة على تصاريح العمالة المرنة للأجانب من 200 إلى 500 دينار مع رسم شهري 30 دينار.
أما المبادرة الرابعة فهي إعادة تصميم برنامج التدريب ودعم الأجور في صندوق العمل (تمكين)، أي تحسين الدعم للمنشآت التي توظف بحرينيين، من خلال دعم رواتبهم.
قد يكون صعباً إحصاء المشاريع الوطنية للتوظيف التي أطلقتها الحكومة، لكنها حكاية يجب أن يعرفها العاطلون الجدد من البحرينيين الذين كانوا صغاراً حينما بدأ عهد الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
قبل 18 عاماً بالتمام والكمال وتحديداً في 1 مايو/أيار من العام 2001، أعلن وزير العمل -حينها- عبدالنبي الشعلة أن البحرين تطلق مشروعاً للتوظيف والتدريب، إذ أمر أمير البلاد -آنذاك- حمد بن عيسى آل خليفة بصرف مبالغ نقدية للعاطلين البحرينيين، على أن تستمر المعونة الحكومية لمدة 6 أشهر حتى يحصل العاطلون على وظائف أو يلتحقوا ببرامج تدريبية، وحسب خطة البرنامج فإن العاطلين من المتزوجين خّصص لهم 100 دينار شهريا، في حين خصّص للعزاب 70 دينارا في الشهر.
وقال (الشعلة) بمناسبة الاحتفال بيوم العمال إن الحكومة تهدف إلى خلق 4000 فرصة عمل في غضون سنتين.
كل من عاصر تلك الفترة يعرف كيف طارت 25 مليون دينار بلمح البصر واختفى المشروع من الوجود مع بقاء البطالة.
في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2005 بدأ وزير العمل -حينها- مجيد العلوي المشروع الوطني للتوظيف، مع آمال عريضة وانفتاح، كانت موازنة المشروع ضخمة أيضاً 30 مليون دينار (80 مليون دولار)، بل إن العلوي قال بعد اجتماع مع رئيس ديوان الخدمة المدنية آنذاك عبدالله بن خليفة بن محمد آل خليفة، إن المشروع الوطني للتوظيف سيكون للقائمين عليه حق التوظيف في القطاع الحكومي بالإضافة إلى القطاع الخاص.
هكذا كانت الآمال، لكن بعد عامين (2007)، سجّل عاطلون بحرينيون شهاداتهم في صحيفة الوسط حول المشروع، قال عدد منهم إنه فشل تماماً، بينما عدّد المتحدث باسم «لجنة العاطلين ومتدني الأجر» آنذاك نادر السلاطنة الأسباب التي حالت دون تسجيل الكثير من العاطلين في المشروع ورفضهم المشاركة فيه.
وفي يناير/كانون الثاني من العام 2008، وفي عهد الوزير مجيد العلوي أيضاً، انطلق مشروع تأهيل وتوظيف الخريجين الجامعيين بدعم من ولي العهد، قال العلوي إن المشروع وظّف 1800 جامعي عاطل، وإنه يستعد لتوظيف 2000 جامعي آخر".
لم يقف العدد عن 1800 فقط، بل وصل إلى 1912 جامعي من الجنسين تم توظيفهم فعلا، لكن النهاية لم تكن سوى مأساة مع الأسف.
بعد 8 سنين من توظيف الـ 1912 جامعي، تم إبلاغهم أن عقودهم انتهت لدى الجهات التي يعملون فيها، وأن عليهم القبول بالبطالة مجدداً.
كانت موازنة مشروع توظيف العاطلين الجامعيين 15 مليون دينار، ويقصّ الصحافي هاني الفردان في مقال مفصّل قصة الفشل الذريع المأساوي لما عرف بقائمة الـ 1912 عاطلاً جامعياً، يقول «بعد 8 سنوات ... مازال عدد منهم غير قادر على الاستقرار في عمله، أو مازالوا ضمن عقود عمل مؤقتة، أو تم تسريحهم من أعمالهم بعد توقف عمليات الدعم المالي - من صندوق تمكين- التي كانت تقدم للشركات مقابل توظيفهم».
يلخص الفردان «هذه المجموعة هي من قائمة 1912، والتي تمثل جوهر أزمة البطالة بل عقدتها التي لم تستطع الدولة حلها رغم مرور السنوات السبع، وضخ الملايين من أجل حلها، ضاعت الملايين ولم يتم إغلاق ذلك الملف بعد».
المسلسل لم ينته، ففي 14 يونيو/حزيران 2014، دشّن وزير العمل جميل حميدان مشروع توظيف وتأهيل البحرينيين 2 الذي كان يستهدف توظيف وتدريب 10 آلاف عاطل، وطلبت الوزارة من العاطلين التسجيل مجدداً.
وفي العام 2017، أعلن وزير العمل جميل حميدان عن إطلاق المشروع التكميلي لتأهيل وتوظيف الجامعيين والذي سيستهدف توظيف 2500 خريج جامعي هذه المرة، بكلفة 8 ملايين دينار. ولا داعي لإكمال حكاية هذا المشروع وملايينه الثمانية، إذ أنّ واقع خريجي البحرين الآن يلخص مآلاته.
في العام 2005 كانت نسبة الموظفين الأجانب في الحكومة تبلغ 9٪ كما صرح آنذاك الوزير مجيد العلوي، بينما اليوم تبلغ نسبتهم 16٪ بل إن النائب أحمد السلوم يقول إن نسبة الأجانب بالحكومة قفزت إلى 28% بعد تطبيق برنامج التقاعد الاختياري على البحرينيين، هذه النسبة تحكي كيف تسير الأمور على أرض الواقع، وكيف هي التوجهات الحقيقية للحكومة بعيداً عن الرغي والشعارات والتصريحات الرسمية الفارغة.