ماذا وراء دخول ولي العهد على خط «البطالة» وأزمة «التجّار» البحرينيين؟
2019-02-19 - 11:53 م
مرآة البحرين (خاص): كبرت كرة النار، وباتت الأصوات الشعبية المتذمّرة من تضخّم البطالة في صفوف الخريجين، ومزاحمة الأجنبي للتاجر البحريني في السوق، نذيرًا لا يجوز صمّ الآذان عنه أكثر، لذا دخل على الخط بشكل مباشر ولي العهد النائب الأول لرئيس الوزراء سلمان بن حمد آل خليفة، عبر طريقين، الأول عبر ما يمكن القول أنه ساعده الأيمن محمد بن عيسى آل خليفة الذي يدير صندوق العمل «تمكين»، والثاني عبر قيادات التجار ممثلة في غرفة تجارة وصناعة البحرين.
يعود السؤال مجدداً، ما الذي يجري بين الحكومة والتجّار؟ وما وراء الإعلان عن خطة لتسريع توظيف الجامعيين البحرينيين العاطلين عن العمل؟
في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أعلنت الحكومة البحرينية برنامج تقشف اقتصادي قائم على عدد من المبادرات، وهدفه تحقيق التوازن المالي لميزانية الدولة الخليجية الصغيرة في العام 2022.
لم تتأخر التداعيات إذ يلحظ أي متابع ازدياد الاستياء العام والغضب على جهتين، الغضب على السياسات الاقتصادية المتقشّفة للحكومة، وكذلك الغضب على النهج الذي يتبناه القطاع الخاص البحريني في تفضيل العمال الأجانب على المواطن البحريني.
شهدت وسائل التواصل الإعلامي انتقادات حادة وجهها مواطنون عاديون وشخصيات معارضة وغير معارضة، لشحّة فرص التوظيف للبحرينيين، لكن الأهم الذي شغل بال الحكومة هو غضب القطاع التجاري ممثلًا في غرفة تجارة وصناعة البحرين.
إذ وجّه رئيس الغرفة سمير ناس انتقادات نادرة للحكومة، كان من الصعب التصور قبل أشهر فقط، أن شخصا مثله سيطلق مثل هذه التصريحات الغاضبة، بعد أن فتحت الحكومة أبواب السوق وامتلاك السجلات للأجانب، وسمحت بتطبيق نظام جديد للعمالة السائبة وهو تصريح العمل المرن، مما ساهم في فوضى عارمة بالسوق التجاري، وضياع آلاف الفرص من أيدي البحرينيين تجاراً، ومواطنين باحثين عن عمل.
تحركت الحكومة على الفور، فتم إرسال وزير المالية، ووزير الصناعة التجارة، للجلوس مع إدارة غرفة التجار والحديث معهم، وتلاه اجتماع آخر يخص موضوع تصريح العمل المرن وهو اجتماع صدر بعده خبر يحمل وجهة النظر الرسمية دون رأي التجار، وهو أمر دفع بعض الكتاب المقربين من السلطة للتحذير من فشل الحوار مع التجار الذين لم يعطوا أي مؤشر لتغيير رأيهم.
بعدها سارع خليفة بن سلمان رئيس الوزراء الذي عاد من أزمة صحية قصيرة، لزيارة مبنى غرفة التجار والاجتماع بقيادة الغرفة، كما اعتاد أن يفعل، ليطلق تصريحات من قبيل «لا نقبل بمنافسة البحريني في رزقه»، لكن دون فاعلية من جهته.
مرّة أخرى لم يتغير شيء، لذا استمرت حدة الانتقادات الشعبية في وسائل التواصل، وحصل بعض الكتاب المحسوبين على رئيس الوزراء، على مساحة لنقد السياسات الاقتصادية التي يديرها ولي العهد وفريقه، ودخل بعض النواب على الخط عبر إطلاق تصريحات ذات نبرة انتقادية أيضاً، لتكبر كرة النار.
في ظل هذا التسارع، وترسّخ الغضب والإحساس بالمهانة والتهميش لدى قطاعات شعبية مختلطة بعضها معارض، وبعضها موالٍ للسلطة بالكامل، دخل ولي العهد الذي يدير هو وفريقه الاقتصاد بدعم كامل من والده الملك، في محاولة للتخفيف من التذمّر العام تجاه سياساته، إذ نشرت الصحف يوم السبت الماضي خبر اجتماع بين كل من وزير العمل جميل حميدان، ورئيس مجلس إدارة صندوق العمل «تمكين» محمد بن عيسى آل خليفة، وبحث الاجتماع وضع خطة للإسراع في توظيف الجامعيين.
في اليوم التالي مباشرة (الأحد 17 فبراير 2019) تم الإعلان عن اجتماع بين ولي العهد مع رئيس غرفة التجار سمير ناس ونائبيه. كلام ولي العهد لممثّلي التجار (بحسب وكالة الأنباء) أعطى انطباعا بأنه لم يستجب لشيء مما طرح عليه، حينما أحالهم على «التشريعات والتنظيمات الموجودة..». لكن سمير ناس أعرب لاحقاً عن ارتياحه من اللقاء مع ولي العهد، لكنه ألمح إلى أن الغرفة تريد دوراً في صناعة القرار الاقتصادي.
بعد هذين اللقائين، يستلزم الانتظار لبعض الوقت لاكتشاف ما في جعبة ولي العهد من حلول، فهو الآن يدير الأمور بشكل شبه كامل، إذ تأخّر عمّه رئيس الوزراء عن الصدارة مرغمًا لصالحه، فقد حاز ولي العهد كل الدعم من السعودية والإمارات لكي يكون متكفلاً بتنفيذ السياسات الاقتصادية والإدارية، فصارت القرارات تصدر من جهته بشكل رسمي ومعلن.
أمس الإثنين 18 فبراير/شباط استقبل رئيس الوزراء، نائبه الأول سلمان بن حمد بقصر القضيبية، وبحسب الخبر الرسمي فقد استعرض الاثنان «الجهود المبذولة لتوظيف المواطنين الخريجين وتدريبهم للالتحاق بالوظائف التي تتناسب ومؤهلاتهم».
بعد يومين من الإعلان عن اجتماع حميدان ومحمد بن عيسى، شكك النائب سيد فلاح هاشم خلال ندوة أقيمت بمبنى جمعية المنبر التقدمي، بجدوى خطوات الحكومة للتصدي للبطالة، فقال إن برامجها «فشلت في تحقيق أهدافها بجعل العنصر البحريني أولاً في عملية التوظيف».